بقلم : نانا جاورجيوس
إدانات عبر الأبواق الحنجورية للتفجير الإنتحاري لمسجد الطوارئ لجنود أبها بالسعودية، ولم نسمع نفس الإستنكارات للتفجيرين السابقين لمسجدي القديح والعنود الشيعية ، رغم أنهم من المفترض شعباً واحداً. بل الأدهى أنهم أنفسهم دول العرب خصوصاً قطر من إستنكروا ونددوا وشجبوا بيان نبيل العربي الذي إستنكر فيه القصف التركي لمناطق شمال العراق وسقوط قتلى مدنيين من الأكراد، فالقاتل هذه المرة دولة إسلامية صديقة!
إنه العقل العربي المضمحل حيث شراسة ثقافة بدو الجزيرة فيكيلون بمكيالين!!
تركيا سحلت الأكراد ونكلت بجثثهم بعد قتلهم، تركيا مغفور لها إرهابها المقدس تماما كالسعودية لأنهما دول مؤمنة، دول الشرع والشريعة. وممارساتها ضد الأكراد جهاد مقدس بمكيال عروبتهم الفجة و نفاق وهابيتهم.
أين تنديدات العرب و أين أبواقهم، أين ملايكة الرحمة من أصحاب القلوب الرهيِّفة التي أصبحت تحتمل مشهد القتل اليومي؟!
خادم الحرمين كل يوم يقتل العشرات من أطفال اليمن وشعب أعزل تحت حصار الجحيم. وكان سبب مباشر في قتله لمئات أطفال سوريا والعراق، أين تنديدكم أيها العرب وفين قناتكم النفطية؟! لو كان خادم الحرمين هو من قتل الطفل الفلسطيني الدوابشة كما قتل ألف طفل يمني في عاصفة الحزم لصار الأمر مختلفاً تماماً. ولكننا لم نسمع نواحهم، تواطئت أفواههم مع جرائم السعودية لقتلها أطفال اليمن وسوريا والعراق!
إسرائيل قتلت الطفل على الدوابشة، قامت القيامة ولم تقعد لأن القاتل هذه المرة من خارج مستنقعهم العفن، رغم أن الدم المستباح أمام الله واحد والأرواح واحدة ومتساوية أمام خالقها! والأدهى فعلا مطالبة حماس من مصر الثأر للطفل إللي قتلته الصهاينة، طيب مش هي دي حماس إللي بتهاجم وتهدد وتقتل في جنودنا وأولادنا المجندين بالقوات المسلحة، وصوبت بنادقها في صدور المصريين؟! حقيقي إللي إختشوا ماتوا. فين خالد مشعل ، فين إسماعيل هنية؟!
نفس الجريمة ضد الطفل البائس على الدوابشة إللي مات حرقاً إثر قنبلة حارقة، قام بها إرهابي فلسطيني سنة 2011 ويدعى ( أمجد محمد عوض)،ولكن هذه المرة ذبحاً مقدساً إفتخر ببشاعة جريمته – مع سبق الإصرار- ضد طفل يهودي (3 أشهر) وذبحه لإخوته ووالديه ، يعني ذبح عائلة يهودية بأكملها، ومع هذا لم نجد إعتذار من الرئيس الفلسطيني ولا قياداتهم ولا تنديد من أجلاف العرب، بل سمعنا تهليل وتكبير لأنهم تربوا على أن إرهابهم هو ذبح مقدس وجهاد تكفيري. هذا هو الفرق أن ما تعتبره الإنسانية جريمة يعتبره الكائن العربي ذبح جهادي مقدس لتطبيق شرع الله! إنه القتل الشرعي الذي يجوز لهم غض الطرف عنه!
نفس ملائكة الرحمة المنددة من أصحاب القلوب الضعيفة لم نسمع لهم نواحاً ولا صوتاً للمذابح اليومية التي يمارسها العرب بكل وحشية وبشاعة فمارسوا ما لم تستطع شعوب العالم ممارسته في أطفالهم أولاً قبل ممارساتهم ضد شعوب الأقليات بالمنطقة في سنجار ضد الأزيديين وضد المسيحيين في سوريا والعراق ومصر، وضد الأكراد وضد ميزابيين الجزائر وضد الأمازيغ عامة ببلاد المغرب. وضد حرقهم لبيوت البهائيين وقتلهم لعائلة شيعية مصرية من أربعة أفراد. العرب فخخووا أطفالهم بأحزمة ناسفة، علموهم مسك السلاح جعلوهم دروع بشرية تحمل أكفانها ولفوا المتفجرات حول أجسادهم.
قتل الإخوان المسلمين للأطفال المصريين بلا رحمة وآخرهم بنت الضابط جيسي شريف سامي( 3 سنوات) وهي في حضن أبوها بسيارته لا لشيء سوى لأنها إبنة ضابط. طب فين تنديدات رعاة الحرية والتسامح والإنسانية، بمن فيهم تنديدات قناة جزيرة جرابيع العرب، إللي كل همها تشويه سمعة مصر دولياً!
يتاجرون بموت أصبح عارياً من حرمته، يبيعون الدماء للقتلة بحسب هويتهم الدينية والعِرقية. فإن كان القاتل منا وعلينا فهو قتل شرعي. إنما لو القاتل يهودي نصرخ بعلو حناجرنا! من هنا تبدأ كوارث دولنا أننا متناقضين في أحكامنا ندين القتل و نستبيحه من منظور واحد كل مرة!!
متى يتعلمون التسامح بلا ضغائن ولا صغائر مع شعوبهم وشعوب العالم على أساس إنسانيتهم لا بحسب أديانهم ولا أعراقهم. متى يتصالحون مع التاريخ الذي أصبح يعج بخزيهم و وحشية دمويتهم. متى يصبح مكيالهم مكيالاً واحداً ليصيروا بني آدمين في نظر أنفسهم و في نظر العالم؟! معنى أنهم كائنات همجية يكيلوا بمكيالين، معنى أنهم شركاء في الجريمة اليومية المقدسة ويديهم الدنسة تعودت سفك دماء قرابينهم الحيّة! الصهاينة
قتلوا طفلاً حرقاً، والعرب بيحرقوا ويقتلوا شعوبهم وشعوب العالم كل يوم صمتاً وخزياً! و مازالت قصة الدماء ومسلسل الرعب اليومي مستمرة.
و لم تنتهي بعد!