الجمعة , نوفمبر 22 2024
القمص موسى أبو السعد

آباء قديسون معاصرون (4) سيرة المتنيح القمص موسى ابو السعد كاهن كنيسة الأنبا مقار بالبلينا .

بقلم الإكليريكى ناصر عدلى محارب
فى الاحتفال بالذكرى السنوية السابعة للمتنيح القمص موسى ابو السعد ، كاهن كنيسة الانبا مقار بالبلينا ، نسرد سيرتة العطرة كأب من الاباء القديسين المعاصرين .

ميلاده

12/6/1929 م – 9/8/2008 م
ولد ثابت أبو السعد فى دشنا محافظة قنا فى 21/6/1929 ، وتخرج فى كلية الحقوق جامعة الإسكندرية عام 1959 ، والتحق بالعمل بمصلحة الضرائب العقارية بدشنا ، وكان والده عمدة القرية ، وله شقيق عقيد بالقوات البحرية وهو عبد القدوس ثابت من أسرة ميسورة الحال ، وكان مهابا من الجميع بالقرية لقوة شخصيته حتى أنه كان يطلق علية لقب ” الزعيم غاندى ” .
عاش فترة شبابه بعيداً عن الكنيسة مثل جميع الشباب ، فكان مدخنا شرها ، وهذه العادة كانت تسيطر عليه فمنعته من ممارسة الأصوام الكنسية ، كانت علاقته بربنا و الكنيسة علاقة سطحية ، بعيدا عن ممارسة أسرار الكنيسة والصلوات الليتورجية .
وفى أحد الأيام تأثر بموقف طفلين جاءا إلى بيته ، فقدم لهما كوبين من الشاى فاذا بهما يشكرانه ويعتزران لكونهما صائمين ، وفى حالة استعداد لحضور القداس الآلهى والتناول من الأسرار المقدسة .
فتأثر ثابت أبو السعد جدا من موقف الطفلين ، لأنهما صائمين انقطاعى ، وهو بسبب التدخين وبعده عن الله والكنيسة لم يستطع الصوم والتناول .
فى هذه اللحظة قرر التوبة فأقلع عن التدخين ، وقدم توبة حقيقية ، وأعترف بخطاياه وبدأ بقراءة الكتاب المقدس ، وكان لكتاب بستان الروح للمتنيح مثلث الرحمات الأنبا يؤانس أسقف الغربية تاثيراً كبيرا على تغيير حياته وفكره وقلبه ، وواظب على الكنيسة وسيم شماسا فأهتم بحفظ الألحان والتسبحة .
والتحق بالخدمة وأهتم بالتعليم الكنسى فقرر الالتحاق بالكلية الإكليريكية بالبلينا وتتلمذ فيها على يد نيافة الحبر الجليل الأنبا ويصا مدير الإكليريكية ، وتفانى فى دراسته ، وكان طالبا شغوفا للعلم ومتفوقا ونجح بتفوق وكان من أوائل دفعته عام 1979 ، وتم تعينه استاذا بالكلية مدرساً لمادة اللأهوت .

دعوته للكهنوت :

كان قدوة فى محبته وغيرته وخدمته ، فلاحظ ذلك نيافة الحبر الجليل الأنبا ويصا ودعاه للكهنوت ، ولكن رفض لإحساسة بأنه غير مستحق هذه الكرامة وأنه اقل من تحمل مسئولية كبيرة مثل مسئولية الرعاية ولاسيما أنه كان قد قارب على الستين .
يذكر نيافة الأنبا ويصا فى هذا الشأن ” أعرفة منذ أفتتاح الكلية الاكليريكية فى ديسمبر 1976 كان طالبا نجيبا ومجتهداً ومخلصا فى محبته لدراسته ، وأنهى دراسته فى الثلاث سنوات بتفوق ولكن صلته بالكلية والايبارشية لم تنقطع كما يقول الكتاب أن المحبة لا تسقط ابدا ( 1كو 13: 8) .
وطلبت منه مرارا قبول الكهنوت المقدس ولكنه فى بادى الأمر كان يعتذر بشدة لشعوره بجسامة المسئولية وعدم استحقاقه لهذه الرتبة الجليلة ، ورغم ذلك لشعورى باستحقاقه التام لهذه الخدمة المقدسة لم أيأس من تكرار دعوته الى أن قبل الكهنوت فى 3 أغسطس 1987 ( كاهنا باسم القس موسى أبو السعد على كنيسة الأنبا مقار بالبلينا ) ،
وبعد أن تم فترة الاعتكاف ( الأربعين يوما لاستلام الذبيحة ) بدير المحرق العامر عاد للايبارشية .
وبدأت المرحلة الأولى من خدمته واستغرقت سبع سنوات حفظ فيها كل أسر وأفراد المدينة فردا فردا ، كل واحد بأسمه ، الكبير والصغير لم تخفق ذاكرته يوما أو ينسى احدا ( رغم سنه الذى تجاوز الستين ) .
واتذكر يوما سألة القمص شنودة شنودة حبيب ، هو ابن البلينا ومن مواليدها عن بعض الأشخاص وكانت الاجابة فورية وصحيحة تماما إذ اصبح مرجعا يعرف كل واحد باسمه ، وكل واحدة باسمها ، وهكذا كمل قول الكتاب عن الراعى الصالح الذى يدعو خرافه الخاصة بأسماء ويخرجها .

ومتى اخرج خرافة الخاصة يذهب أمامها والخراف تتبعه لأنها تعرف صوته . ( يو 10: 4 ) فيقودها إلى المراعى الخضراء وكأنه فى هذه المرحلة حفظ الكلمة وعاشها وعمل بها “.
وكان نيافة الأنبا ويصا قام برسامته دياكون فى 12/7/1987 م قبل سيامته قسرا وتم ترقيته إلى رتبة القمصية فى 3/8/1990 م

خدمته :

بدأت خدمته فى المرحلة الاولى كما ذكرها نيافة الأنبا ويصا بالافتقاد لجميع الأسر الفقيرة والمحتاجة وجميع فئات الشعب من الأطفال والفتيان والشباب والآباء والشيوخ والمرضى ، وكان يحفظ أسمائهم واحدا واحد ،
ومن محبة الشعب له اصبح آبا لأعتراف غالبية الكهنة والخدام والشمامسة والشعب بكل فئاته سواء من مدينة البلينا أو من خارجها ، حتى أنه كان يقضى فترات كثيرة جدا فى الأرشاد والأعترافات التى كانت تصل الى منتصف الليل ، بل كانت تمتد إلى ذهاب المعترفين إليه فى البيت لإرشادهم وكان لا يتاخرعن احد مفضلا راحة ابنائه على راحته الشخصية .
وكانت كل حياته صلاة وتسبحة وليتورجيات فهو أما موجودا بالكنيسة باستمرار للصلاة أو الأعترافات ، أو فى افتقاد وحل مشكلات أبنائه ،
وكان من مؤسسى المجلس الاكليريكى لإيبارشية البلينا وكان نيافة الأنبا ويصا يعتمد عليه فى علاج وحل المشكلات المعروضة على المجلس الاكليريكى ،
ورغم حداثة رسامته بين إخوته الكهنة بالكنيسة وبالإيبارشية الا أنه كان أخا لهما وأبا لإعتراف كثيرا منهم حتى أنه كان أب اعتراف لنيافة الحبر الجليل الأنبا ويصا مطران البلينا ، وأب اعتراف للمتنيح القمص عازر القمص أرسانيوس كاهن كنيسة القديسة العذراء مريم بفرشوط المشهود له بالقداسة .
وعلى المستوى الشعبى والرسمى كان مهابا و محبوبا من الجميع مسلمين ومسيحيين وكان يخدم الكل ويشفق على الجميع ، ولا يرد اى احد يطلبه فى أى مشكلة أو طلب أو خدمة .

صليب الالم والمرض :

تعرض القمص موسى لكثير من متاعب ابليس وتجارب مرضية كثيرة وكان يحتملها بفرح رغم تقدمه فى العمر ، فتعرض لكسر فى قدمه ، وأخيرا تحمل مرض الفردوس : السرطان ” واحتمله لفترة كبيرة حتى بدأ ينتشر فى جسده .

شفافيته ومعجزاته :

كان للقمص موسى شفافية كبيرة ومعجزات كثيرة لمسها كل من تعامل معه من أبناءه من إيبارشية البلينا وجارى الأن كتابة معجزاته بكتاب سوف يصدر من إيبارشية البلينا عن معجزاته .

سنذكر معجزة حدثت يوم وفاته قصها صاحب النيافة الحبر الجليل الأنبا ويصا مطران البلينا ، وهى لمس أمراة مريضة بمرض السرطان لجسده الموجود بالكنيسة لأخذ البركة منه قبل صلاة الجنازة والدفن ” حيث ترك جسده بالكنيسة منذ الليل وحتى صباح اليوم التالى وتوافد الشعب من كل صوب ، من الإيبارشية وخارجها لنوال البركة من جسده الطاهر ” وقد دعا هذه السيدة المريضة نيافة الأنبا ويصا الذى يعلم بمرضها ، وقال لها المسى جسد أبونا موسى أبو السعد للتبرك منه ، وبالفعل هذه السيدة شفيت من المرض وتأكد شفائها بعد قيامها بعمل الأشعات اللازمة .

انتقاله ونياجته .

عندما اشتد عليه مرض السرطان فتعب يومى الخميس والجمعة ورغم مرضه إلا أنه لم يغب عن الوعى بل كان فى كامل وعيه وانتقلت روحة الطاهرة الى الفردوس يوم السبت الموافق 9 أغسطس 2008 وانضم الى موكب صفوف السمائيين ومضى الى بيته بعد أن أكمل جهاده الحسن وتنيح بسلام بركته وشفاعته فلتكن معنا امين .

4 5

شاهد أيضاً

جورج البهجوري بنكهة وطن !!

بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي فنان تشكيلي كبير عاصر كل نجوم الثقافة العربية محيطا وخليجا …