الكاتب : بى كولوبوس
(( قناة سيسي ستريس ))….. ما أشبهَ الْيَوْمَ بالبارحة ، فَقَدْ مرَّ ما يربو ٍعنْ إحدي وأربعينَ عاماً علي عبور قواتُنا الباسلة المُرابضة غرب القنال إلي شرقها حيثُ الخطوط المنيعة ، مِنْ مانع مائي ،وساتر تُرابي ودوشَمٍ محصّنة ، إلاّ أنّ أُسْدِ قواتُنا المسلّحة سجّلت أروع ملحمةٍ أُكْتوبريةٍ في تاريخِ الحروب ، وسطّرت نصر أكتوبر العظيم لعام ٧٣ ، وَمِنَ المُفارقات العجيبة أنّ تلك القواتُ بعينِها بإختلافّ عُدّتِها وعتادِها وأسماءِ جنودها، راحت تُسجّلُ عبوراً مِنْ نوعٍ آخر ، ونصٍرٍ ذو مذاقةٍ خاصة ، فقديماً حفروا قناةَ السّويس بتلك الزّوارق المطّاطيّة والمجاديف الخشبية أثناءِ عبورهم للضفّة الشرقية للقنال ، وها هُمُ الْيَوْمَ يشُقّون مجراً مِلاحياً موازياً لنفس صفحة مياه القنال التّي حملت خيرة جُنْدِها ، وإستضافتهم بُرهةً مِنَ الوقتِ علي ظهرها ، وبلغَ طولِ هذا المجري الملاحي ٧٢ كيلومتراً ويتبقّي كيلو متراً واحداً لتُصبح (٧٣ كيلو متراً ) نفسِ رقمْ (٧٣) مِنْ سنَةِ النّصر العظيم وقد إستعضْنا عَنْ الكيلو متر النّاقص ، بالعام الواحد الَّذِي حُفرت فِيهِ القناة ، فتكونُ مجموعها ٧٢ كيلو متراً + ١عام من الحفرْ = ٧٣ نفسْ عام نصر أكتوبر العظيم ، وَإِنْ قسمنا طول المجري الملاحي البالغ ٧٢ علي ١٢ شهر مُدّة الحفر = ٦ وهو اليوم السادس من اكتوبر لعامِ ٧٣ ،ولعلّ منِ أبرز القنوات الّتي كانت تربُط ما بين البحرينِ الأحمر والأبيضِ ، هي قناة ( سيزوستريس) نسبةً للملك سنوسرت الثالث ، وهي نفسِ تسميةِ إسم سنوسرت الملك باللُغةِ الأغريقية ، وقد إشتهرَ هذا الملكْ بعدْلِهِ وصلابة شخصيّتهِ ، وقد نادي بأنّ الزّودِ ( الدّفاع ) عن الوطن هو واجب مُقَدَّس ، وقد عُثِر علي لوحٍ في بلاد النّوبة القديمة مكتوبًُ عَلَيْهِ ( منْ يُحافظ مِنْ أبنائي علي تلك الحدودَ الّتي أقمتها فهو إبني وولدي ، ومنْ لم يُحافظ عليها فهو ليسَ بإبني ولم يولدْ منّي قطْ ) وتتجلّي تلكَ الخصالِ جليَّة في شخصٍ قد بُعِثَ مِنَ العالم الآخر ، عالمَ العظمةِ والخلود ، وراحَ يسْطُر إسمَهُ بين ملوكِها العِظامِ بحروفِ مِنْ ذهبْ ، إنّة فاتحُ مِصْر الحديثة ورئيسُها عبد الفتّاح السيسي ، الَّذِي أعطي الضَوْءِ الأخضر للبدء في أعظم عملية تكريك (حفرْ ) عرفها التّاريخ العتيقِ والحديثْ ، إِنَّهُ حدثُاً جلل يفخرُ بِهِ التأريخ الشوفوني ( المُغالاة في حب الوطنْ ) ، الَّذِي أرسي قواعدهُ صانعُ تاريخها الحديث الَّذِي صار حديثْ المسكونة وقِبلةَ ثوّارها (السيسي ) ، وفي رأيي ومخيلتي كما لقّب الأغريق قديماً القناة الّتي حفرها سنوسرت الثالث بإسم ( سيزوستريس ) نِسْبةً لَهُ ، هكذا ينبغي أنْ تُلقّب تلكَ القناةِ الجديدة ب ( سيسي ستريس )( sisi stress) وترجمتُها (ضغْط وتعبْ السيسي ) تيمُّناً لجهودهِ المُضْنية في ضغط الوقت وتقليصْ الزّمنْ لحفر هذا الصرحْ المائي العملاقْ، وكذا الضّغط العصبي ، والهايبر تِنْشن (ضغط الدّمْ المرتفع ) ، الَّذِي سببتهُ تلك الهمم المُشحذة بفضْلهِ ضدّ خونة الوطن ، هذا الوطنْ الَّذِي قُدِّمَ لَهُ كُلّ غاليٍ ونفيسْ مِنَ المالِ والأرواح رخيصةً فداءً لتُرابِهِ ، ففي عهدِ فردناند ديليسبس راح مئات الآلاف من العُمّالِ الكادحين مِنْ جراءِ الحفرِ ، وكذا الْيَوْمَ وُجِدَت رفاتِ خيرة جُنودنا بتلك البُقعةِ المُباركة تروي تاريخ نِضالٍ قد دشّنتها تلك العظامُ الطّاهرة التّي لولاها لما وصلت مِصْر لما عَلَيْهِ الأنْ ، ما أشدُّ الشّبهِ بين قناةِ استاكيوس الّتي توجد بالأُذن، وقناة السويس الجديدة ، فتلك الأولي التّي تربط البلعوم بالأُذنْ الوسطي ، كتلك القناةِ الثانية ، فحينَ أصبحت مِصْر علي حافة الجوع والدّمارِ ويرمُز اليه. ( بالبلعوم) شدّدَ الرئيس علي بدء العمل بالمجري الملاحي ولم يجِدْ إلاّ كُلِّ آذاناً صاغية شعباً وحكومةً ، ويرمز اليها (بالأُذُنْ) ومن هُنَا صارت قناة السويس ، شديدة الشبة بقناة إستاكيوس ، وسوف يمَخُرْ عبابها ( يشُقْ مجري مائها) يخت المحروسة ، بضفاف المحروسة ، علي موسيقي تختٍ شرقيةَ الّرنين ، طوبي لكُلّ الأيدي الّتي صنعت التّاريخ ، وراحتْ تُرمّمَ الثّغر بثغرٍ (بفمٍ ) باسِمٍ ، وروحُ ملؤها التفائل في غدٍ أفضل نحو مُستقبلٍ مُشرق ، حفِظَ الله مِصْر حكومةً وشعباً ،أرضاً وسماءً ، برّاً ًبحراً ، مِأذنةً ومنارة ……