بقلم Nana Gawargious
جريده الاهرام الكندى
رسوب الطالبة مريم ميلاد ذِكري بمدرسة المنيا وبعد 11 سنة تفوق حصدها للمركز الأول بمجهود مذاكرة يومية تصل إلى 20 ساعة يومياً بالثانوية العامة لتلتحق بكلية الطب وكانت طموحاتها أن تصبح من أوائل الجمهورية لتلتحق بكلية الطب، فتفاجأ بأن نتيجتها ( صـــــــفر بالمائة /من مجموع 400 درجة) بدلاً من حصولها على الدرجات النهاية وهي من أسرة متفوقة علمياً ولها أشقاء دكاترة، لتكتشف بالكشف عن أوراق إجاباتها بأن جميعها قد تم إستبدالها لتضطرها الفجيعة لمحاولة الإنتحار، هذا في حد ذاته جريمة أبشع من جرائم القتل حين تصير الدولة ذاتها أن تقتل أبنائها بعنصرية مقدسة.
والواقعة الثانية أن يرسب جميع الطلبة الأقباط في أحد مدارس بني سويف في الدور الثانى لطلاب الصفين الأول والثانى الإعدادى بإستثناء طالب واحد بالصف الثانى الإعدادى إتضح أنه نجل موظفة إدارية بنفس المدرسة. يقول أن هذه الحوادث ليست فردية بل مؤامرة تحاك لشق وحدة الوطن.
إذن الإنتقام هنا عن عمدٍ ومع سبق الإصرار ويشير إلى أن أجهزة الدولة مخترقة حتى النخاع من التيارات الدينية ، فإن صارت مؤسسات الدولة نفسها غير نزيهة في تعاملاتها بين مواطنيها ، فلمن يشتكي المواطن ولمن يلجأ ؟! اللهم ينصفه “قانون التظلمات” ليُرفع عنه ظلم فجيعته بقانون الإستثنائيات الذي يعامل به الأقباط منذ 1400 سنة من الظلم والإضطهاد المقدس ويعيشون في وطنهم بمرارة العنصرية لمجتمع أصبح مصاب بالشيزوفرينيا الإجتماعية!
أن تهبط مستويات أداء أجهزة الدولة ومؤسساتها عن مستواها كممثلة حيادية للدولة إلى مستوى الأفراد ليحكم في مصير المواطن موظفين لهم نوازعهم دينية وعنصرية إذن نحن لسنا أمام دولة بل أمام قبائل تحكمنا لا كمواطنين بل كأفراد منبوذة رفضتهم مجتمعاتهم لأنهم لا ينتمون لميول وتوجهات القبيلة. وهو ما ينبئ بأننا أمام منحدر خطير واننا نعيش لا كمواطنين لأن الدولة إنحازت بكاملها إلى فئة بعينها من الشعب هم الذين يتبعون دين الدولة ولهم حق التمتع بالمواطنة دون من يختلف مع دستورها الديني! وأصبحت الدولة منحازة للقبلية التي تنتمي إليها مؤسساتها وأجهزتها. فقانون الإزدراء لا يطبق إلا في إتجاه واحد لكل من يخالف دين الدولة، واطباء النساء في مستشفيات الدولة لا يتعين فيها إلا من يتبعون دين الدولة. و وصلنا الآن إلى أن الطلبة في المدارس الحكومية لا ينجح فيها إلا الطلبة الذين يتبعون دين الدولة.
واقعتان حدثت ضد الطلبة الأقباط ولا مبرر لهما سوى إن المؤسسة التعليمية بما أنها أصبحت مؤسسة دينية عشائرية نزلت لمستوى الأفراد لتنتقم ممن يخالفها تدينها!
أصبح المواطن القبطي يُضطهد يومياً مع سبق الإصرار في كل تعاملاته المجتمعية و يومياته المعيشية. حتى أصبحت نظرية المؤامرة تُنسج حوله كاملة الأركان تحت مرئى ومسمع من المسؤولين ليعجلوا من عملية الإنهيار السريع لمؤسسات الدولة ويفقد المواطن الثقة كاملة في وطنه الذي يعيش فيه كالغريب. و خيانة الأمانة المهنية مع إفلات الجاني والمجرم والبلطجي كل مرة بلا محاسبة وبلا مسائلة قانونية فهذا يعني أننا أمام منظومة دينية فاشية في دولة قانونها مُهان لايطبق ولا تأخذ عدالته مجراها. لا احد ينكر الآن أن هناك خلل واضح بمؤسساتنا الحيوية التي لها إحتكاك مباشر مع الموطن ، وقصة ده مسيحي وده مسلم اليومية تمارس بجدارة لتجهض أي محاولات حقيقية لتقدم هذا الوطن .