الإثنين , ديسمبر 23 2024
سالم هاشم

الصنم الحى..

سالم هاشم
سالم هاشم

قصة قصيرة:سالم هاشم
هكذا خرج من مدرسته مكسورا ليلقى بحقيبته فى كومة الزبالة المشتعلة بجانب السور فتلتهم النار كتبه الملعونه وقلمة العاجز وكراسه اليتيم الذى يدون فيه كل المواد لقلة حيلته وهوا ابن الرجل ..الملازم بيته كحجر معدوم الحركة ..بل الحجر بل الحجر أفضل منه اذيشارك فى بناء جدار الستر من الخلاء.. أما الأب وجوده كالعدم على الرغم من انفاسه التى تملأ المكان بالضيق الخانق ويده التى تبطش بالأم صباح مساء..
طرق الباب وغبار البؤس على الوجه قد ارتسمت فيه مجرى الدموع المتجففة..لمحتها الأم ..تساءلت..مابك يا بنى وما جاء بك باكرا؟
دلف الطفل الى غرفته دون ان ينطق ببنت شفه..اغلق بابه دقائق وخرج منفعلا..راح يسخط على مجيئه للدنيا ..يعاتب أمه ..يسب ويلعن يوم ولادته..سمعه الأب..من مجلسه راح يرسل له السباب و يكيل الشتائم اذ يزعق الصوت نومه..الأم تحتضن الطفل خوفا..الطفل يحاول التخلص فى غضب من بين يديها تتلاحق انفاسه الحارقه تشتعل عيناه بحمرة النار..اسنانه تتآكل وهوا يرمق الغرفة اللعينة التى يأتى منها صوت الأب العاشق للنوم الكسول..
الطفل ينخفض صدره ويرتفع فى سرعة رهيبة ..عجزت الأم عن الإمساك به ليفلت منها فى خطوتين فيضرب باب صنم البيت بركلة من قدمه القاسية بقسوه مدير مدرسته الذى طرده..
صاح الأب فيه.. انهار الإبن وفاضت دمعتان لتتجمد عيناه وهى تطلق سهام اللوم والعتاب واشلتم والسباب فى عينى أبيه ليفجع الصنم فيصاب بخرس الضعف أمام طفله
ارتعد الأب تمزقت ثيابه وسال جسده دما حتى صرخ مستغيثا بزوجته لتخلصه من نظرات ابنه التى هى حد سيف قاطع ومميت..
حضرت الأم اخذت ابنها متوسلة ان يتقى شر أبيه فالتفت لها قائلا
والله ماسلمت من شره..واليوم طردونى فخرجت من مدرستى مكسور أمام أصحابى لعدم دفع ثمن الكتب وانا الحى ابيه فلست يتيما او عاجز والدى..لماذا أتى بى وهوا لا يقدّر مسئوليتى ؟لماذا ينام كسلا ولا يعمل لنعيش كغيرنا؟؟..انهارت الأم عاجزه عن الرد ..الأب يصعق لسماع ابنه منتفضا من فراشة مسرعا ليفزع الإبن خوفا فيندفع خارج البيت هاربا دون ان يلحق به حضن أبيه الذى أحياه أنين طفله.. مشت الدماء فى شرايين جسده لينصرف الكسل فيخرج الى عمله كل يوم لكسب العيش والبحث عن طفله الذى اختفى من عالمه ولم يعاود ثانيا..انتهت

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …