بقلم : د . رأفت إبراهيم إسحق
” هكَذَا قَالَ الرَّبُّ: قِفُوا عَلَى الطُّرُقِ وَانْظُرُوا، وَاسْأَلُوا عَنِ السُّبُلِ الْقَدِيمَةِ: أَيْنَ هُوَ الطَّرِيقُ الصَّالِحُ؟ وَسِيرُوا فِيهِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. وَلكِنَّهُمْ قَالُوا: لاَ نَسِيرُ فِيهِ!” ( إر 6: 16)
” لا طلاق إلا لعلة الزنا “
قبل الخوض في جدال ، سوف اتطرق الي كلمات الله ، لإن المُشاع في هذا الموضوع هو جزء من الاية فقط ، وسوف أضع النص كما جاء في إنجيل معلمنا متى و معلمنا مرقس ، وحتي يتضح الامر علينا ان نعرف القصة كاملة عن تفاصيل تلك الآية المثيرة للجدل ، فيقول الروح بالكتاب : انهــم اتوا ليجربوا المسيح ، و في موضع اخر اتوا ليجربوه ليمسكوا عليه شيء لإدانته أمام هيرودس الملك آنذاك .
وحتي نعرف السبب لماذا أجاب المسيح بـ ” لا طلاق الا لعلة الزنا ” علينا العلم ان في ذلك الوقت كان هناك مدرستان مختلفتان عند اليهود تبيح الطلاق :
1- مدرسة الراباي هليل . 2- مدرسة الراباى شمعى .
1. مدرسة الراباى هليل:
وهم يسمحون بالطلاق لكل سبب حتى لعدم إجادة المرأة الطهي ، أو حتى لو أعجب الرجل بامرأة أخرى وكره امرأته.
2. مدرسة الراباى شمعى :
وهي مدرسة تقيد الطلاق إلاّ لسبب الخيانة فقط ( لعلة الزنا ) .
” وبسؤال الفريسيين للمسيح عن الطلاق جاء هنا في خبث، فهو موجه ضد هيرودس وهيروديا زوجته ، فهيرودس كان قد طلق امرأته بنت الحارث ليتزوج بامرأة أخيه فيلبس. فلــو منــع المسيح الطلــاق لإشتكــوه علي الفور لهيرودس لكي يقتله كما قتل المعمدان “.
– ولو سمح المسيح بالطلاق لكان سيقال عنه أنه أقل من المعمدان في الجرأة والشهادة للحق.
– وفي انجيل معلمنا لوقا ظهر الامر اكثر وضوحا حيث جاء في الاصحاح التاسع ، فسمع هيرودس رئيس الربع بجميع ما كان منه و ارتاب لان قوما كانوا يقولون ان يوحنا قد قام من الاموات – فقال هيرودس يوحنا انا قطعت راسه فمن هو هذا الذي اسمع عنه مثل هذا و كان يطلب ان يراه ( المسيح ) .لهذا جــاءت أجابات السيد المسيح كالاتي :
أنجيل معلمنا متي البشير : الاصحاح الخامس 17«لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. ثم يكمل الكتاب بالقول : وجاء إليه الفريسيون ليجربــوه قائلين له هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب ؟ ( وهؤلاء من مدرسة الراباي شمعي التي ترحم الطلاق إلا لسبب الخيانة ) .
فأجاب يسوع وقال لهم : أما قرأتم أن الذي خلق من البدء خلقهما ذكرا وأنثى . وأضاف من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون الاثنان جسدا واحدا. إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان.
ثم قالوا له : فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق ؟ . قال لهم : أن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم ولكن من البدء لم يكن هكذا. وأقول لكم أن من طلق امرأته إلا بسبب الزنا وتزوج بأخرى يزني والذي يتزوج بمطلقة يزني.
قال له تلاميذه أن كان هكذا أمر الرجل مع المرأة فلا يوافق أن يتزوج ؟؟
فقال لهم عبـــارة في منتهي الاهمية : ليس الجميع يقبلون هذا الكلام بل الذين أعطى لهم. لأنه يوجد خصيان ولدوا هكذا من بطون أمهاتهم ويوجد خصيان خصاهم الناس ويوجد خصيان خصوا أنفسهم لأجل ملكوت السماوات من استطاع أن يقبل فليقبل .
إذن يتبين لنا بأن المسيح لم يفرض علي تلاميذه ما قاله للكتبة والفريسين بضرورة لا طلاق الا لعلة الزنا ( لانهم كانوا يختبروه وقتها ) ، بل عندما جلسوا معه قال من أستطاع منكم أن يقبل هذا الكلام فليقبل ، ومن لا يستطيع فليس عليه حرجاً .
وفي انجيل مرقص الاصحاح العاشر يقول الكتاب (مر 2:10-12):-فتقدم الفريسيون وسألوه هل يحل للرجل أن يطلق امرأته ليجربوه.
فأجاب وقال لهم بماذا أوصاكم موسى. فقالوا موسى أذن أن يكتب كتاب طلاق فتطلق. فأجاب يسوع وقال لهم من أجل قساوة قلوبكم كتب لكم هذه الوصية. ولكن من بدء الخليقة ذكرا وأنثى خلقهما الله. من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته. ويكون الاثنان جسدا واحدًا إذا ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذي جمعه الله لا يفرقه إنسان. ثم في البيت سأله تلاميذه أيضًا عن ذلك. فقال لهم من طلق آمراته وتزوج بأخرى يزني عليها. وأن طلقت امرأة زوجها وتزوجت بأخر تزني.
* الوسطية أفضل الحلول :
لقد تعددت الكتابات و التفاسير حول الطلاق والزواج بين آباء الكنيسة بهذا الشأن ومن أبرزهم كتاب الموعظة على الجبل للقديس أغسطينوس – القمص تادرس يعقوب ملطي ، وكتاب قداسة البابا شنودة عن شريعة الزوجة الواحدة في المسيحية . فمنهم من رحب بأن يكون للمرأة كتاب طلاق ، ومنهم من تمسك بحرفيه الكلمة ، و لان كلام الله ليس متناقضا في الحكمة هذا ما جاء في الانجيل : (كيف تقدر ان تقول لاخيك يا اخي دعني اخرج القذى الذي في عينك و انت لا تنظر الخشبة التي في عينك يا مرائي اخرج اولا الخشبة من عينك و حينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى الذي في عين اخيك ) .
وهناك بعض الاشخاص من تطرفوا في هذا الشأن وعدلوا في كلمات الله و حكمته فأصبح فاقد الشيء ينصح و يحكم حتي وصل الامر مثلما ذكر في الايه (مَانِعِينَ عَنِ الزِّوَاجِ، وَآمِرِينَ أَنْ يُمْتَنَعَ عَنْ أَطْعِمَةٍ قَدْ خَلَقَهَا اللهُ لِتُتَنَاوَلَ بِالشُّكْرِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَعَارِفِي الْحَقِّ.4 لأَنَّ كُلَّ خَلِيقَةِ اللهِ جَيِّدَةٌ، وَلاَ يُرْفَضُ شَيْءٌ إِذَا أُخِذَ مَعَ الشُّكْرِ).
– وقد ذكر في سفر ملاخي ان الله يكره الطلاق .
-وفي شريعة موسى كما اوضحنا من قبل و كيف استخدمها الفريسيون للايقاع بالمسيح و لكنهم لم يقدروا ، لكن اذا كان هذا حقا ما تم تسليمه حرفيا لماذا جاء في نفس النص بالحرف ” من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم” ، وايضا (من استطاع أن يقبل فليقبل).
في نهاية الامر ينقسم بعض الاقباط الي نفس المدرستين التي أراد الفريسيون اختبار الرب ، وأري أن الرب جاءت اجابته وسطية بين المدرستين ، وإلا ما سمح الابــاء الرسل في الكنيسة الاولي بالتطليق والطلاق ، وخير دليل هي لائحة مارمرقس الانجيلي للاحوال الشخصية التي ذكر فيها أن يجب علي المرأة أن تحصل علي كتاب طلاق من زوجها ، في حال الطلاق ، وحتي أن شروط اختيار الاسقف اذا كان متزوج الزواج الثاني ان يكون اعطي لامراته الاولي كتاب طلاق او ان تكون ماتت.
ساختم كلامي بحكمة سليمان المعطاه له من الله من سفر الجامعة : (لا تكن بارا كثيرا ولا تكن حكيما بزيادة .لماذا تخرب نفسك. 17 لا تكن شريرا كثيرا ولا تكن جاهلا .لماذا تموت في غير وقتك. 18 حســن ان تتمســك بهــذا وايضــا ان لا ترخــــي يـــدك عــن ذاك .لان متقي الله يخرج منهما كليهما ) نعم إذا ارادنا لهذا الشعب ان يتقي الله علينا ان نكون وسطيين… الفهم للقارئ
الوسومدكتور رأفت إبراهيم
شاهد أيضاً
من يعيد وضع عتبات أبواب بيوتنا ؟!
كمال زاخر الثلاثاء ١٩ نوفمبر ٢٠٢٤ حرص ابى القادم من عمق الصعيد على ان يضع …