المتابعة ضرورة لمعالجة السلبيات وتعزيز الإيجابيات
بقلم :ميخائيل بشرى
أحيانًا تتعرض خدمة معينة في كنيسة، أو الخدمة بشكل عام في بعض الكنائس، إلى فترات من الضعف أو الجمود والروتينية القاتلة، ولعل أحد أهم الأسباب المؤدية إلى ذلك انعدام المتابعة، أو عدم انتظامها.
وتعتبر متابعة الخدمات المختلفة داخل الكنائس، والتأكد من أدائها على الوجه المطلوب، عملًا أساسيًا من أعمال رجال الكهنوت في كل كنيسة، ويمكن إدراجها كأحد أوجه مسوؤولية الكهنة عن الافتقاد بصفة عامة، تلك المسؤولية التي حرص الآباء الرسل وخلفاؤهم من بعدهم على القيام بها بكل مثابرة، كما جاء في سفر أعمال الرسل عن القديس بولس الرسول “ثم بعد أيام قال بولس لبرنابا لنرجع ونفتقد إخوتنا في كل مدينة نادينا فيها بكلمة الرب كيف هم” (أع 15: 36).
وترتبط المتابعة أساسًا بوجود خطة مسبقة ذات أهداف محددة، وطرق عمل متفق عليها لتحقيق هذه الأهداف، فتأتي المتابعة كعملية لاحقة للتأكد من أن ما تم التخطيط له هو ما يتم تنفيذه بالفعل، ثم إتخاذ الإجراءات التصحيحية حال وجود اختلاف بين ما يجب أن يكون وما هو كائن. ويتضح من ذلك أنه لا معنى لوجود أي متابعة دون وجود خطة، كما أنه لا فائدة من أية خطط طالما لن تكون هناك متابعة مستمرة لها.
وتشتمل المتابعة المطلوبة للخدمات المختلفة في الكنائس على عدة أمور، لعل من أهمها معرفة الخدام في كل قطاع واحتياجاتهم الروحية والعمل على إشباعها، والإشراف على ما يقومون به من أعمال، والاجتماع بهم على فترات منتظمة لمعرفة ما يتعرضون له من مشكلات والعمل على حلها، وإرشادهم إلى ما يجب عليهم القيام به من أجل خدمة أفضل، ومتابعة أحوالهم والسؤال عنهم حال انقطاعهم لأي سبب.
وحتى يتم تطبيق عملية المتابعة بالشكل المطلوب، وتؤدي هذه المتابعة أهدافها، لابد أن تكون من خلال رجال الكهنوت أنفسهم وليس من خلال أشخاص آخرين مهما علت درجة الثقة فيهم أو درجة أمانتهم، وذلك لسببين على الأقل: الأول هو أن تجميع المعلومات يتسم عادة بالتحريف بسبب عوامل سيكولوجية، والثاني هو أن هذه المتابعة، متى كانت بالقدر المطلوب، تدفع الخدام إلى بذل المزيد من الجهود، لإحساسهم باهتمام رجال الكهنوت بهم، وأنهم يقومون بأعمال هامة تشغل حيزًا من تفكير أعلى الرتب داخل الكنيسة.
ويُقصد بالقدر المطلوب من المتابعة التفريق بين المتابعة كأمر إداري هام لا غنى عنه وبين التسلط كأمر مرفوض، فرجال الكهنوت، رغم أهمية قيامهم بالمتابعة الشخصية على فترات متقاربة ومنتظمة، إلا أنهم لا يحتاجون أن يقوموا هم بكل الأعمال بأنفسهم، ومن المناسب أن يفوضوا بعض الأعمال التي يمكن لغيرهم القيام بها للتفرغ للأعمال الأهم والأكبر. وهو ما يعني أن المتابعة لا تعني ألا يتم أي شئ على الإطلاق- مهما كان بسيطًا- دون إذن مسبق من رجال الكهنوت، وإلا توقفت أمور كثيرة لعوامل مختلفة، خاصة وإن كان اشتراط ذلك ليس أمرًا ضروريًا، طالما يوجد إطار متفق عليه يتحرك الخدام في حدوده، وطالما أن رجال الكهنوت سيكونون على علم بكل ما سيتم من خلال المتابعة الشخصية، ومن خلال الاجتماعات الدورية مع الخدام. والغرض من ذلك أن يسمح رجال الكهنوت بقدر من حرية الحركة لمن يخدمون معهم، يدفعهم إلى مزيد من الابتكار والتجديد، ويمنع تولد بعض الإتجاهات السلبية لديهم.
ومن خلال المتابعة يمكن أن يقوم رجال الكهنوت بتشجيع الخدام وتحفيزهم على الاستمرار والتطوير، وعملية التشجيع هذه لا غنى عنها في أي عمل، باعتبار أن الحاجة إلى التقدير هي حاجة أساسية من الاحتياجات الإنسانية، ولأنه لا يتوافر لدى كافة البشر قدرًا ملائمًا من التحفيز الذاتي يدفعهم تلقائيًا إلى العمل دون التأثر بأي عوامل خارجية
الوسومميخائيل بشرى
شاهد أيضاً
المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى
كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …