الإثنين , ديسمبر 23 2024
حنان ساويرس

إزدراء بطعم البلح !!!

حنان ساويرس
حنان بديع  ساويرس

بقلم الكاتبة / حنان بديع ساويرس
فى الأسبوع الآخير من شهر رمضان قام بعض الشباب الأقباط بتوزيع أكياس من البلح على المَارة فى وقت الإفطار كنوع من الأخاء والمحبة والمُشاركة فى إطعام صائم كما يَحُدث عَادة فى رمضان فهذا المَشهد ليس بغريب على المصريين فقد رأيناه مِرَاراً وتِكرَاراً أقباط ومُسلمين .. فالأكثر شيوعاً نجد بعض المُسلمين يوزعون البلح والعصَائر وبعض الأطعمة الخفيفة على المَارة فى ساعة الإفطار ، وأغلبهم لا يَستثنون الأقباط أثناء توزيعهم لهذه الوجبات لكسر الصيام فيَصرون إعطاء المسيحيين منها رغم توضيح الأمر لهم أى تأكيد المَسيحى لمُوزع الوجبة بأنه مَسيحى … وبنفس هذه الروح المُحِبَة الوَدُودَة أراد بعض الشباب المسيحى بالأسكندرية توزيع أكياس البلح على الصائمين ولكن هنا كانت الفاجعة !!!!
فقد كان مكتوب على ورقة بتلك الأكياس كلمات محبة وتشجيع !!!
فكانت الكارثة !!!
فقد ضُبط هؤلاء الشباب مُتلبسين بجسم الجريمة !!! الا وهى هذه الكلمات التى إعتبروها تبشير تارة وإزدراء للإسلام تارة !!!!
– فبالنسبة للتبشير فهو ليس بجريمة حتى يُحاكموا عليها وهذا ليس موضوعنا الآن ولكن .. السؤال الذى يطرح نفسه .. لما هذا إزدراءاً ؟!!!
– وقبل أن أتفوه بأى شئ فإليكم نص الكلمات الموجودة فى أكياس البلح أولاً .
( يستطيع المولى أن يعلم بكل ما تمر به لأن هو العليم القدير ويستطيع أن يحمل من على أكتافك كل هم وتعب وضيق ويعطيك الراحة والخير فهو يحبك جداً )
– رغم أن هذا الكلام ليس بأية نَصية من الإنجيل أوحتى أسلوب مَسيحى فى التعبير إلا أنهم أعتبروه تبشيراً !!!
– فقد تناول الشباب المسيحى ألفاظاً إسلامية بحتة حتى يتفادوا ما وصلوا إليه فى نهاية الأمر وهو إتهامهم بالتبشير والإزدراء !! ولكن أكدت هذه الواقعة كلمات السيد المسيح له كل مجد حينما قال ” زمرنا لكم فلم ترقصوا .. نُحنا لكم فلم تلطموا ” فلا شئ يرضى المُتعصب حتى لو كان تقديم الحب والعطاء !!! – فمثلاً لفظ ” المولى ” ولفظى ” العليم ، القدير ” كلها ألفاظ وأساليب ومُصطلحات إسلامية لا تمت لأسلوب أو ألفاظ المَسيحية بأى صلة ومع ذلك وصفوها بأنها تبشير !!
– أما باقى الجملة فهى عبارة عن وصف لله وكيف يحمل عن الإنسان أتعابه وهمومه وكيف يستطيع مُساعدة الإنسان والنهوض به لأنه يُحبه … وأعتقد أن كل الديانات تؤمن بذلك ، أن الله قادر على مُساعدة الإنسان وإنتشاله من همومه ومن لا يؤمن بذلك فهو الذى يزدرى الله ذاته وليس إزدراءاً لدين ما !!!
– أعلم جيداً أن إزدراء دين هو السب أو القذف أو التشكيك فيه أو السُخرية منه وهذا ما لا يحدث فى تلك الواقعة ، فكيف تكون كلمات المحبة إزدراءاً !!! .. وكيف يكون العطاء إزدراءاً .. أما عن البلح فربما يكون هو الإزدراء !!!
– فإذا كانت كلمات المحبة والحث على إنتظار مراحم الله مهما كان الأمر صعب … وتشديد وتشجيع الناس على أن الله يحبهم هو إزدراء للأديان فماذا إذن عن تكفير الآخر وقذفه وسبه وسب ديانته جهراً !!!
فالقصة على لسان أحد الشباب المُتهمين يقول أنه تلقى إتصالاً من أحد أصدقائه يخبره أنه تم إلقاء القبض عليهم أثناء قيامهم بتوزيع “بلح” على الصائمين وأن شخص يعمل مدير تحرير لإحدى الجرائد ، قام بالإبلاغ عن الشاب بدعوى التبشير، وأنه قام بالاعتداء عليه واحتجازه حتى تم نقلهم إلى نقطة سيدى بشر التابعة لقسم المنتزه أول… ويستطرد قائلا … بأنه ذهب مع صديق آخر ليعرف ماذا حدث لصديقه الذي تم إحتجازه ، وفور وصلوهم إلى القسم جاء الشخص المُبلّغ يُعامل مُعاملة لواء فى النقطة، لدرجة إنه أخذ موبايل أحد الضباط ليتحدث فيه ويقول لصديقنا الذى تم القبض عليه ” أنا مش هاسيبك وحساب القسم حاجة وحسابى معك ومع أهلك حاجة تانية” ، تمت معاملتهم بإهانة من قبل الأمناء والضباط، كما قام الشخص المدعي عليهم بفض أحراز الشنطة ، وبعد ذلك تم تحرير محضر للثلاث شباب على الرغم من كونهم غير متواجدين أثناء الواقعة بل أتوا إلى القسم للاطمئنان على صديقهم المتهم ، وعليه تم تلفيق محضر فحواه أن ثلاثة شباب أقباط يقومون بتوزيع كتب تبشيرية ، وتم تحويلهم للنيابة التى قامت بدورها بالتحقيق معهم ووجهت لهم تُهمتى إزدراء أديان وإتباع أسلوب تبشيري حديث لإستقطاب المسلمين وتم الخروج بكفالة على ذمة القضية وقدرها عشرة آلاف جنيهاً .
– من الغريب أننا بعد ثورتين نجد المشهد بنفس التعصب فالكيل مازال يُكيل بمكيالين ، فبدلاً من أن نشجع هذه النماذج من الشباب نقهرهم ونرهبهم !!
– لفت إنتباهى فى هذه الواقعة عدة ملحوظات الا وهى :
أولاً صُدمت عندما علمت بتوصيف الإتهام الا وهو إستقطاب المُسلمين بإتباع أسلوب تبشيرى حديث … فهل من المنطق والمعقول أن يَخشى أحد على أن يترك شخص إيمانه ويَسهُل إستقطابه من أجل كيس بلح أو جملة تحث على المحبة والإقتراب لله !!!!!!
– كيف يقوم صحافى بتهديد مواطنين تحت مرأى ومسمع من رجال الأمن .. وكيف له أن يعتدى على أحدهم بالضرب والسب بل يقوم بتهديدهم بأن عقاب القانون شئ وعقابه هو لهم هم وأهلهم شئ آخر ؟!!
ولماذا يزيد الظالم من ظلمه ويستقوى بنفوذه ويتم الزج بأصدقاء الشاب الأول الذى طلبهم للأستغاثة بهم إلى أن إنضموا لمحفل الضحايا !!!
وهل مازالت هناك إنتهاكات تحدث ضد أبرياء من أشخاص لهم نفوذ أو لهم معارف مع بعض أفراد الأمن فيتم مُجاملتهم على حساب سلام الأبرياء .
هل نقول لبعض الشباب المسيحى المُحب .. قف عن محبتك للآخر لأن محبتك ستزج بك وراء القضبان !!
مع العلم أننا كأقباط نتنفس كل يوم إزدراءاً عبر مُكبرات الصوت والدعوة جهراً للإسلام فحدث ولا حر ج … فلا يتورع أحدهم أن يدعو لديانته مسيحياً دون الحفاظ على مشاعره كمسيحى يؤمن بعقيدته ويَغار عليها .. يومياً يحدث ذلك من الإعلام المسموع والمقروء والمَرئى كقنوات تليفزيونية تارة ومن جرائد ومواقع إليكترونية تارة ومن شخصيات عامة أيضاً ، وبطرق مُباشرة أو غير مُباشرة .
– فما أسهل تلفيق تهم الإزدراء للأقباط لا سيما لكسر شوكة كل من تسول له نفسه بالتبشير !! إلى أن تطورت طرق تلفيق تهم الإزدراء حتى أصبح الإزدرا ء بطعم البلح ، عفواً … بل بطعم المرار ة وإنتكاسة العدل !!! ‫#‏الاهرام_الكندى_بيت_الجميع‬

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …