بقلم : ميخائيل بشرى
كثيرًا ما نرى البعض في بلدان مختلفة يتحدثون عن رغبات البعض في الحصول على رتب كهنوتية، وكأن هؤلاء يرون في أنفسهم القدرة على تحمل مسؤوليات هذا العمل الخطير، الذي كان أكثر الأباء القدامى علمًا وتقوى يتهربون منه، وإذا افترضنا حسن النية فيمن يسعون إلى الكهنوت، فإنهم يرون أنه لا أحد غيرهم أحق بالحصول على هذه الرتب، أو أقدر منهم على القيام بأعبائها وكأنهم سيقومون بواجبات الخدمة بقدرتهم الشخصية، غير عالمين أن الله هو الذي يعمل فيهم ومن خلالهم كقول الرسول بولس “لا أنا بل المسيح الذي يحيا فيّ” (غلا 2: 20).
وتحدث المشكلة في حال عدم توافق الشعب على ذلك الشخص الذي يسعى هو أو المحيطون به إلى رسامته كاهنًا، وإصرار المؤيدين والمعارضين كلٌ على موقفه، الأمر الذي من شأنه أن يحدث إنشقاقًا خطيرًا في الكنيسة، يؤدي إلى هلاك كثيرين بسبب ما يتعرضون له من عثرات في الوسط الكنسي، حيث يرون أن الكنيسة تحولت إلى أحزاب متصارعة، وهو أمر لا يجب أن يكون، وقد عارضه القديس بولس في سلوكيات أهل كورنثوس عندما رأى البعض يقول أنا لبولس والبعض أنا لأبولس، فتساءل من هو بولس ومن هو أبولس بل خادمان آمنتم بواسطتهما. ولذلك فمن اللائق أن يتنحى هؤلاء قليلا عن المشهد في مثل هذه الظروف حرصًا على سلامة ووحدة الكنيسة وإيصال رأيهم بمحبة للباقين دون محاولة إجبارهم أو فرض رأيهم عليهم، لأن الكاهن يجب أن يكون أبًا للجميع، ولأن الكنيسة، التي من واجبها تخليص أنفس الناس من الهلاك، لا يجب أن تصبح سببًا في هلاكهم بظهور مثل هذه الصراعات فيها!!!، ومن يستطيع أن يتحمل مسئولية ذلك أمام الله؟..
يقول القديس يوحنا ذهبي الفم: “تُرى من أين نشأت المتاعب الكثيرة في الكنائس؟ إني أعتقد أن المصدر الوحيد لها هو الطريقة العشوائية في اختيار الرعاة، فالرأس يجب أن يكون أكثر أعضاء الجسم قوة حتى يضبط النزوات الشريرة التي تصدر من سائر أعضاء الجسد، ولكن إذا كان الرأس نفسه ضعيفًا وعاجزًا عن صد الهجمات الوبائية، فإنه يزداد ضعفًا فوق ضعف، وبهلاكه يهلك الجسد كله.. وهناك صفات أخرى كثيرة يجب أن يتحلى بها الكاهن، فقبل كل شئ يجب أن يطهر نفسه تمامًا من شهوة الحصول على هذه الرتبة، لأنه إذا حدث أن اشتهى هذه الكرامة فإنه حالما يصل إليها فإن شهوة حب الكرامة تزداد اضطرامًا، حتى إذا استعبد لها فإنه يتردى في شرور كثيرة مثل التملق والمداهنة، ويخضع لأمور دنيئة”.
الوسومالكنيسة ميخائيل بشرى