جريده الاهرام الكنديه
قرر قداسة البابا تواضروس وقف أجتماع الأربعا حتى عام 2018 لتجديد القاعة الكبرى وتزيينها بالايقونات القبطية العملاقة فى أطار خطة إعادة تجديد الكتدرائية بمناسبة اليوبيل الذهبى لأفتتاحها. وفى رأيى أن وقف الاجتماع الأسبوعى خطوة فى الاتجاه الصحيح بصرف النظر عن أسبابه.
فمن ناحية فأن هذا الاجتماع الأسبوعى قد تم إقراره فى عهد قداسة البابا كيرلس خصيصا لأسقف التعليم وقتها نيافة الأنبا شنودة، حيث كان نيافته واعظا مفوها كاريزميا، وكان أجتماع الجمعة وقتها حدثا قبطيا جاذبا لجيل الشباب القبطى الجامعى المتطلع لحقبة مختلفة فى الكنيسة القبطية، وأستمر قداسة البابا شنودة فى مواصلة هذا الاجتماع الأسبوعى بعد اختياره بطريركا حتى أخر لحظات حياته على الأرض، ولكن فقط تم تغيير موعده كجزء من شروط الأمن لعودة قداسة البابا من الدير ، فتغير من الجمعة إلى الأربعاء مع مغادرة البابا للقاهرة إلى دير الأنبا بيشوى ليقضى ثلاثة أيام فى الاسبوع هناك. وقد قبل قداسة البابا شنودة هذه الشروط المتعسفة لكى يعود لخدمة شعبه التى حرم منها بقرار من السادات ومبارك لمدة 40 شهرا. ومن ثم فأن هذا الاجتماع هو مرتبط بظروف محددة وبشخصية قداسة البابا شنودة تحديدا كواعظ مفوه، وليس ضروريا أن يستمر قداسة البابا تواضروس فى هذا التقليد، فلكل شخص مواهب مختلفة حسب عطايا الروح القدس.
ومن ناحية ثانية فأنه على مدى الخمسين عاما الماضية تغيرت وسائل التواصل مع الجماهير بشكل جذرى، فالآن هناك ما يزيد عن عشر فضائيات قبطية ومسيحية عالمية تنقل كم كبير جدا من العظات المتنوعة الثرية، علاوة على الأنترنت ووسائل الميديا الجديدة، كل هذه الوسائل الجديدة جعلت الشعب على تواصل، مع قادته الروحيين ومع الممارسات الروحية المختلفة، فى كافة أركان المعمورة بدون الحاجة للحضور للكتدرائية لسماع عظة.
ومن ناحية ثالثة فأن الحاجة إلى تأمين قداسة البابا فى هذه الظروف الدقيقة يستوجب وقف هذا الاجتماع الجماهيرى الذى يصعب تأمينه، فهناك تهديدات واضحة وصريحة من جماعة الاخوان وحلفائها بإغتيال البابا، ومن ثم فأن وقف الاجتماع ضرورى لتأمين حياة البابا.
ومن ناحية رابعة كان قداسة البابا شنودة يحتاج إلى هذا الاجتماع لتمرير بعض الرسائل الخاصة بوضع الأقباط ورسائل أخرى فى الشأن الوطنى بشكل عام، ورغم أنخراط قداسة البابا تواضروس فى الشأن العام والوطنى بصورة أكبر من قداسة البابا شنودة نظرا لظروف البلد فى السنوات الثلاثة الأخيرة، ولكن قداستة أختار طريقا مختلفا وهو التأييد المطلق للنظام، ومن ثم لا توجد حاجة لتمرير هذه الرسائل التى كان يمررها البابا شنودة.
ومن ناحية خامسة فأن هذا اللقاء تراجعت فوائده الروحية كثيرا بعد أن تحول إلى مناسبة للجماعات المعارضة للإحتجاج على بعض الأوضاع الكنسية، وبعد أن أصبح منصة للمعارضين وبعض المظلومين لمقاطعة العظة والصراخ فى الاجتماع مما أدى إلى تراجع المردود الروحى منه بشكل كبير، كما أصبح كذلك منفذا للصحافة للتدخل فى الشأن الكنسى والتربص بكل كلمة تخرج من فم البابا أو لتضخيم صوت وحجم المعارضة.
لهذه الأسباب أرى أن وقف هذا الاجتماع خطوة صحيحة، ولكن بشرط أستحدث وسائل أخرى للتواصل مع الشعب، مثلا بفتح قناة سهلة ومباشرة لتلقى شكاوى الناس ومظالمهم واقتراحاتهم والتعامل معها بجدية تامة، على ألا تكون هذه الوسيلة خاضعة لنفوذ سكرتارية قداسة البابا الذين تنقصهم الكفاءة والكياسة والذكاء فى التعامل مع الجماهير.
أتمنى كذلك توسيع وتجديد فاعلية لجان البر من آجل التعامل مع ظاهرة الفقر المتزايد بين الأقباط.
أيضا على قداسة البابا أن يواصل طلته على الشعب من خلال إحدى وسائل الإعلام القبطية لألقاء العظات والرد على الأسئلة والأستفسارات.
أتمنى كذلك أن تتواصل لقاءات قداسة البابا الأسبوعية مع القادة الروحيين والخدام والخادمات ومع طلبة المعاهد اللاهوتية والكليات الأكليريكية، وأن تكون لهذه الاجتماعات مواعيد أسبوعية محددة داخل الكتدرائية، وهذه الأعداد المحدودة يمكن تأمين لقاءها بسهولة، كما أنها تنقل رؤية البابا للخدمة إلى القادة الروحيين مباشرة.
أتمنى أيضا أن يجد قداسة البابا طريقة أخرى للشهادة العلنية عن معانأة شعبه تحت نير الإضطهاد المستمر.
إن الكنيسة القبطية تحتاج إلى تجديد شامل فى رؤيتها للقضايا المعاصرة، وفى تعاملها مع التحديات المتجددة، وفى أستجابتها لمعانأة الناس، وفى تواكبها مع التطورات العالمية، وفى تجديد الآليات الإدارية، وفى وسائل تواصلها مع الشعب، وفى إنفتاحها على المسيحية العالمية، وفى شهادتها عن إضطهاد شعبها، وفى خروجها من سجن التراث.
ونأمل أن يطول التجديد كافة هذه النواحى وليس الحوائط فقط.