هــانـي شــــهـدي
التـصريح الأعـلامي المشــهور بتاع “اختـلطت دماء المسـلمين بـدماء الأقبـاط” الذي اعتدنا سماعه بعد كل حـادث ارهـابي يقتل فيه ضحايا من الجانبين أصبح تــصريح مسـتهلك وليس له أي معني علي الاطـلاق ، أنا شخصياً غير قادرعلي فهم المغزّي الحقيـقي منه حتي الأن ، فما هو نـوع التميّـز والفخـر في أن “نـموت مـع بعض” .لماذا علي الـدوام نـزكّي ثقـافة الأختلاط في المـوت علي ثقافة المشــاركة في الحــياة.
في كثير من الأحيان الصــدفة تجمع أشخاص لـم تجمـعهم الحيـاة لكن جمعـهم القـدر في المــوت فهل هذا انــجاز؟!
في الــواقـع نحن اضـطرتنا الــظروف لأن نمـوت مــعاً في مـوقع حـادث واحــد ويطويــنا تـراب واحـد لأننا في الواقـع وفـي أوقـات كثـيرة غير قـادريـن علي العـيش بســلام و قبـول بعضنا لبعض داخـل وطـن واحـد يرعانا ويحتـرم ويقدر معني المـواطـنة. لهـذا نحن نـدمن استــخدام هذا التصريح كـردْ فعـل نفسي للمـواربة والهـروب مـن أنفـسنا. التحـدي الحقــيقي لـيس في اننـا نمــوت مـع بعض وتختلط دمـائنا بالتراب انما الأفــضل أن نحــيّا مع بعـض، نحتــرم بعضنا لبعض، نقـدّر عقيدة بعض دون ازدراء أحدنا لعقـيدة الأخر، ياخــذ كل منا مسـاحته في الوطن وفي الحيــاة وفي الفــكر وفي الــرأي وفي العمــل والوظــائف وفي التعـليم وفي دورالعبـادة وفي الحيـاة عامــةً بسـلام وأمـان دون تحايـل أو مغالبـة وهذا هــو حقاً الأنـجاز الحقـــيقي.الأنجاز الحقيقي حين نفتــخر بأختلاطـنا وانجازاتنا سـوياً في الحيـاة ولــيس في المـوت .
حين نفتخر بأن جامـعة مــصرية توصلت إلي اكتشاف عالمي علمي جديد وأري القائمـين عليه مسيـحين ومسـلمين، أو حتي داخل الوطن حين أري عمـيد كلية مسيـحي مشرف علي فريق عمل وأعضاء الفريق مسلمين أو علي الأقل واحد من أعضاء الفريق مسيحي هنا نقول حقاً اختلطت عقولهم المسيحية والمسلمة لتحقيق انجاز يفــيد البشرية بدلاً من أن تختلط دمــائهم ويقتلوا.
حين نشاهد بعثـة رياضـية مصرية شاركت في بطولة رياضية عالمية تختلط فيها عزيمة المسيحي والمسلم من أبناء الوطن ويفوز فيها اللاعب المسيـحي بميدالية وأخيه اللاعب المواطن المسلم بميــدالية أخري تضيف إلي رصيد الوطـن.أو علي الأقل داخل الوطن حين أري خط الهجوم في أي فـريق كرة قدم مثلاً مسيحي والدفاع مسلم . وجود لاعب مسيحي داخل منتخب كرة قدم لن يغيّره من “منتخب ســـاجدين” ل ” منتخب منحوســـين”
حين تطالعنا الأخبار بأن القاضي المسلم استخدم روح القانون وحكم علي المتهم المسيحي أمام خصمه في القضية “ولــيس في الوطن المسلم ” بالقـانون وليس رجـوعاً إلي أي مذهب ديني يعتــنقه .هل لهم أن تجمعهم محكــمة واحدة لكن ترتفع راية العــدالة بتفعيل نصوص القانون بغض النظر عن المذاهب الدينية؟!. هل لي أن اذهب لأبــعد من ذالك وأري قاضــي مسـيحي حكم في قضية أطرافها مسلمين؟!.
حين يعيش صاحب مشروع قبطي في قريته يـزاول نشاطه ومعاملاته المادية مع الجميع بأمان غير منتــظر لأي ” شـوية رياح طائــفية” من أي مختل أو متعصب استكثرت عليه أنه ناجـح وصاحب رأس مال وتستـّحل أن تلقي به خارج القرية هو وأسرته وتجارته وتحرق منــزله ومتـجره ، لماذا لا نختلط في تجارة ناجحة يختلط فيها مسلم ومسيحي وتفــيد الكل.
حين يجلس ابنائنا في المدرســة الحــكومية علي “ديســك” واحد في محبة وقبول كل واحـد للأخر دون مدرس يعلم أفكــار خبيــثة أو منهج دراسـي مغلــوط يرعي أفكار كراهية وبغــضة بين أبـناء الـوطن الواحـد. هل تنتظر من أطفال غــير قادرين علي المشـاركة في ” ديـسك” دراسـي واحــد فيما بعد أن يصبحوا مواطنـين أسـوياء يجمعهم وطـن واحـد؟! مستـــحيل.
فليتوقف الأعـلام عن الاستخفـاف بعقــول الطـرفين لأن الطرفــين حقاً يفضلون الأحاديث الحقيــقية عن الحيـاة علي أحاديث الموت.
يــوم أن يتحــقق هــذا، مـش مـهم ومـش هنفــتكر احـنا متـنا مـع بعـض ولا كل واحـد مــات لـوحده .. بس المهم واللي أكيــد هنفتـكره أن احــنا قـدرنا نعـيش مـع بعـض علـي أرض واحـــدة واحتضـنّا وطــن واحــد.
الوسومهانى شهدى
شاهد أيضاً
كيف نحمي البيئة من التلوث؟
بقلم رحمة سعيد متابعة دكتور علاء ثابت مسلم إن البيئة هي عنصر أساسي من عناصر …