الكاتب : مايكل عزيز البشموري
” لا طلاق إلا لعلة الزنا ”
المشكلة ليست في تطبيق آية بعينها أو شرح معناها ودلالتها ، إنما المشكلة الحقيقية هو أننا أمام أشخاص يدافعون عن تعاليم وقرارات خاطئة قد إتخذها المتنيح البابا شنودة الثالث في حياته عن قصد أو دون قصد ، فالذي قال : ” لا طلاق إلا لعلة الزني ” ، قال أيضاً : ” لا تعطوا القدس للكلاب ” ، ولو نظرنا للمجموعات الفاسدة التي نراها تتحدث عن الايمان الارثوذكسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، سنري أن هؤلاء الاشخاص يهتمون فقط بتنفيذ الآية الاولي حرفياً ، ويغضون البصر عن المناداة بالتطبيق الحرفي للآية الثانية التي توصينا بعدم ترك القدس (أورشليم) للكلاب .
والسؤال هنا : لماذا يصرخ أصحاب هذا الفريق ليل نهار منادين بلا طلاق إلا لعلة الزنا ، ونري نفس هؤلاء الاشخاص يصمتون ولا يتحدثون عن رائيهم حول قضية عدم ذهاب الاقباط الي القدس ، خاصتاً وان هذا القرار يتعارض مع تعاليم المسيح ورسله القديسين ؟؟
الاجابة : هؤلاء الاشخاص لا يدافعون عن الايمان كما يدعون ، ولكنهم يدافعون فقط عن تعاليم وفكر البابا شنودة الثالث ، وهذا أمراً كارثي ! ، فعندما تقول نحن نريد تطبيق تلك الآية حرفياً ، وتترك الآية الاخري ولا تنفذها ، بل وتبرر لنا ولنفسك بصحة القرار الذي قد اتخذه أبيك بعدم ذهاب الاقباط لزيارتهم إلي القدس ، فالمؤكد أنك مخادع ، وليس لك أي علاقة بالايمان ، فالمسيح قال : ” ينبغي أن تفعلوا هذه ولا تتركوا تلك ” .. إذن عن أي إيمان تتحدث أنت ؟ ، وهل انت من حُماة الايمان أم من حُماة الأسياد ؟
” إذن نحن هنا أمام أشخاص كاذبون ليس لهم أي علاقة بالايمان أو العقيدة ، إنما بالحقيقة نحن أمام أشخاص يدافعون عن التعاليم والقرارات (السياسية) التي إتخذها وعلم بها المتنيح البابا شنودة الثالث “.
ولحسم قضية ” لا طلاق إلا لعلة الزني ” فاليونانيين أنفسهم أصحاب الكتاب المقدس ، والذي كُتب الانجيل بلغتهم تحدث علي لسانهم المطران الانبا نيقولا مطران كنيسة الروم الارثوذكس بالقاهرة ، ليحسم الخلاف الدائر حول تلك الاشكالية ليقول : إن معني تلك الآية في الإنجيل باللغة اليونانية يختلف جذرياً عن مفهوم المعني المتعارف عليه بالترجمة العربية ، وأضاف نيافته : أن الاية تعني التسريح للطلاق وليس العكس ، وعلي هذا الاساس تسمح كنيسة الروم الارثوذكس لإتباعها بالطلاق والزواج الثاني وتستخدم نفس لائحة ١٩٣٨ التي تتشابه مع نظيرتها القبطية الارثوذكسية ، والذي تسمح فيه بالطلاق لعدة أسباب وليس لسبب واحد فقط ، وقد ألُغي العمل باللائحة القبطية للأحوال الشخصية لعام ١٩٣٨ بأمر مباشر من المتنيح البابا شنودة الثالث عام 2010 ، وذلك بسبب حكم قد أصدرته المحكمة الدستورية العليا بإلزام الكنيسة القبطية بتزويج قبطي للمرة الثانية ، الامر الذي رآه البابا الراحل تحدي لسلطاته البابوية والكنسية ، ولهذا السبب قام بإلغاء العمل بلائحة ٣٨ لكي تقوم المحكمة العليا بتغيير الحكم والغاءه لصالح الكنيسة القبطية ، وهذا ما أراده البابا السابق … إذن نحن هنا أمام قرار سياسي قد إتخذه البابا الراحل لمجابهة الدولة المصرية آنذاك ، وذلك لفرض سيطرته علي رعيته وليس أكثر ، مثله مثل القرار السياسي الذي رفض فيه زيارة الاقباط الي القدس ، تحت دعوي عدم التطبيع مع إسرائيل !.
” دعونا نكون صرحاء مع أنفسنا ونتحدث بالحقيقة ولو لمرة واحدة” .
إن محاولة جعل الاخطاء التعليمية والقرارات الخاطئة التي قد أتخذها البابا شنودة الثالث في حياته ، ومحاولة ضم تلك التعاليم والقرارات الخاطئة لتكون جزءاً من الايمان الارثوذكسي ، وفرضها علي المؤمنين إعتباطاً هو أمراً عبثي وفي منتهي الخطورة ، وهو إنحراف واضح وصريح عن الايمان الارثوذكسي الذي لا يعتمد علي تعليم شخصاً واحد بعينه أو الاعتماد علي تفسير واحد دون غيره ، فمحاولات هؤلاء الاشخاص المنحرفين عقيدياً ولاهوتياً لفرض فكر وتعاليم الانبا شنودة الثالث ستحُدث حالة من التشيُع داخل الكنيسة القبطية الارثوذكسية ، وسنجد أنفسنا في يوماً من الايام أمام عدة شيع وأحزاب مثل : شيعة شنودة ، وشيعة متي المسكين وغيره ، وهذا الامر في منتهي الخطورة وسيهدد سلام وبنيان الكنيسة القبطية بالمستقبل .
فالصورة المبالغ فيها ، والذي رسمها الاعلام القبطي حول شخص المتنيح البابا شنودة الثالث ، حولته من مجرد بطريرك عادي إلي رباً ومسيحاً بالنسبة لإتباع ومحبين هذا البطريرك ، وقد تمادى محبي البابا الراحل برسم هالة من القداسة حول شخصه وتعاليمه ، فجعلوا من فكره لاهوتاً ، ومن تعليمه إيماناً ارثوذكسي ، ومن كتبه مرجعية دينية وحيدة ، وها نحن نحصد ثمار تلك القرارات الخاطئة التي قد أتخذها البابا الراحل ، ليدفع الثمن متضرري الاحوال الشخصية ، وحرمان ملايين الاقباط ومعاقبتهم بعدم الذهاب الي القدس للحج ، وهذا الامر نرفضه شكلاً وموضوعاً ، فلا يليق أبداً بكنيستنا القبطية العريقة المشهورة بإعتماد إيمانها علي أقوال وتعاليم الأباء القديسين اللاهوتيين ، الاعتماد كلياً علي فكر لاهوتي واحد دون غيره .
وبناءاً علي كل ذلك ، نطالب قداسة البابا تواضروس الثاني بضروة وضع ألية للسيطرة علي الصفحات التي ظهرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وغيره ، والذي تتحدث فيه تلك الصفحات المشبوهه عن الايمان والعقيدة الارثوذكسية دون أخذ إذناً وموافقة من الكنيسة القبطية الارثوذكسية، لإن القائمين علي تلك الصفحات أصبحوا مصدر عثرة لإبناء الشعب القبطي، نظراً لما ينشروه من تحريضا سافر علي الطوائف المسيحية ، وإتهام خصومهم بالهرطقة والتكفير ، ونطالب أيضاً قداسته بضرورة إنشاء صفحة رسمية تٌمثل الكنيسة القبطية علي مواقع التواصل الاجتماعي بالفيس بوك ، ويعين لتلك الصفحة أساتذة لاهوتين متخصصين ، ليكون من مهامهم شرح الايمان والعقيدة الارثوذكسية للشباب القبطي ، ونشر علوم الأبائيات وغيرها من العلوم الكنسية كي يستفاد منها المسيحي العادي ، مع ضرورة غلق الصفحات المشبوهه مثل : رابطة حماة الايمان وغيرها من الصفحات الاخري التي لا داعي لها