شن الناشط القبطي مجدي خليل، هجومًا حادًا على الإعلام المصري في المرحلة الحالية. واصفًا إياه بـ”التابع للدولة العميقة” وأنه إعلام “غارق في الوحل”.
وقال في مقال له اليوم “لقد تجاوز وضع الإعلام المصري مصطلحات مثل المحنة والأزمة والسقوط والنكسة، فأصبح غارقا في الوحل بالفعل، حتى أننى اتساءل أحيانا هل يمكن أن نطلق عليه إعلام من الأساس؟”
ورأى خليل “أن المسألة المؤكدة هي أن الدولة العميقة في مصر شريك أساسي فى إغراق هذا الإعلام في هذا المستنقع”. موضحًا “أن في مقابل الإعلام الإرهابي الذي ترعاه جماعة الإخوان المسلمون وحلفاؤها، هناك الإعلام العفن الذي ترعاه الدولة العميقة في مصر بمساعدة رجالها سواء في الصحافة أو في قطاع الأعمال”. متسائلًا “هل توجد دولة محترمة في العالم بها صحافة تهدد مواطنيها أنها تتجسس عليهم؟ هل توجد دولة محترمة في العالم تصدر بها صحف ووسائل إعلام دون معرفة من يملكها أو يمولها ومن يدفع خسائرها؟”
وأكد خليل “أن التدخل الأمني ووصل إلى درجة الإملاءات عبر التليفونات من حيث المواضيع المرغوب تناولها، والأشخاص الواجب تلميعها أو تشويهها، والنقاط الواجب التركيز عليها، والحملات الموجهة الواجب القيام بها”، متسائلًا “كيف نتوقع إعلامًا محايدًا مستقلًا محترمًا عندما تدير وتتحكم الدولة العميقة في المشهد الإعلامي برمته؟”
وتابع “أن الفساد ليس فقط ناتج عن تداخل التحرير والإعلان، ولا من تداخل الإدارة والتحرير، ولا من تحكم الملكية في الإدارة والتحرير معا ولكنها معادلة بسيطة تطلقها الدولة العميقة للصحفي: أنت معنا رابح دائمًا”.
وأوضح “أن الفساد هو نتاج شراكة بين الصحفي وبعض رجال الأعمال والدولة العميقة، وابتزاز رجال أعمال غير مرضي عنهم، والتستر على فاسدين في كافة المواقع بشرط ذهاب جزء من الكعكة إلى الصحفي، ونتاج عمالة لبعض الدول العربية التي تنفق بسخاء على شراء الصحف والصحفيين ووسائل الإعلام، ونتيجة خلل مرضي في توزيع الأجور، ونتيجة رشوة الدولة للصحفيين المقيدين بالنقابة بمرتب شهري لا يوجد مثيل له فى أى دولة محترمة في العالم، ونتاج تستر الدولة بكافة مؤسساتها على تضخم ثروات بعض الصحفيين بطريقة غير مشروعة”. موضحًا “أنها منظومة كاملة من الفساد داخل الإعلام تتماهى مع نظيره في الدولة وتتستر عليه وتشجعه وتطيل عمره”.
وأكد “أن معظم الصحفيين والإعلاميين في مصر لا يعرفون الفرق بين الانحياز والموضوعية؛ فالانحياز موجود في كل مكان في العالم وهو مشروع لأنه يعبر عن طبيعة البشر وميولهم واختياراتهم في الحياة. أما غياب الموضوعية فهو مسألة أخرى، تتعلق بعدم التوازن في طرح الآراء المختلفة، والشخصنة والسطحية في التناول، والقراءة المبتورة وغير العميقة للأشياء، ونزع الجمل من سياقها، والتشويه المتعمد للخصم بدون دليل أو منطق مقبول، والانحيازات الفجة السافرة، وتتعلق بمناقشة التفاهات على حساب احتياجات المجتمع الحقيقية، والأكاذيب والسعي نحو المصادر الضعيفة والمختلقة لتشويه الخصم”.
وقال “إن وجود الموضوعية أو عدمها يتعلق بأمانة الصحفي الأخلاقية ومهنيته واحترامه لذاته واتساقه مع نفسه”، مشيرًا إلى “أنه عندما نتحدث عن مهنية الصحفي فنحن نتحدث عن المنتج الإعلامي الذي يبرز هذه المهنية من خلال، الصدق، التوازن، التنوع والتعدد، الإنصاف، الدقة، أخلاقيات جمع المعلومات، الكتابة بوضوح، الفصل بين التعليق والخبر، وفصل الإعلان عن التحرير، والحفاظ على سرية المصادر وحمايتها، الموضوعية، وضوح المعايير، المصداقية، الاستقلالية، احترام مصادر الاقتباس وحقوقها، مراعاة المهنية والحرفية عند النقل، نسب الأفكار لأصحابها، إبعاد الأخبار المعطوبة والكاذبة والملتوية والمشكوك في مصادرها، تعلم فن الانتقاد وآلياته وضروراته، الالتزام بحق الرد، غرس قيم الاستقامة والشجاعة والعدالة والرحمة والتسامح وقبول الآخر والعمل الإيجابي، التأهيل العلمي والتدريب الكافي للصحفي، الموازنة بين الحماية القانونية لحرية الرأي ومساءلة الصحفي المخطئ والصحيفة المتجاوزة للقانون”.
وأكد “أن الإعلام المصرى خلق لنفسه معايير أخرى تفرد بها وميزته عن باقى وسائل الإعلام فى الدول المحترمة ومنها: الردح والشتائم، الإغراق في المحلية، شيطنة الخصوم وخاصة معارضي النظام، تقمص الصحفي دور الزعيم السياسي، إعلام مغرق في نظريات المؤامرة، معادٍ للعلم والتنوير والعلمانية لصالح الدولة الدينية المستبدة والخرافات والأوهام. باختصار هو انعكاس لميراث ثقافي وديني موغل في القدم والاستبداد والعنف والخداع والالتواء والعداء للآخر والعنصرية”.