اكليريكى ناصر عدلى محارب ( القصة منقولة ) .
فى الاحتفال بالذكرى السنوية الحادية عشر للمتنيح القمص عازر القمص أرسانيوس كاهن كنيسة العذراء مريم بفرشوط بمطرانية نجع حمادى ، نقوم بسرد سيرتة العطرة وننقلها لكتاب سير أباء قديسون معاصرون ( 2 ) .
ميلاده ونشأته
ولد الطفل سيداروس فى 7 / 5 / 1920 م بمدينة فرشوط ( قنا ) ، ودرس الإبتدائية القديمة وبعد ذلك دخل الإكـليريكية بالقاهرة ، وسيم كاهناً يوم الأحد الموافق 7 / 8 / 1949 م _ 1 مسرى 1665 ش ، بتكليف من البابا الأنبا يوساب الثانى للأنبا آيرام مطران الأقصر وتوابعها .
سيبم كاهناً على كنيسة السيدة العذراء مريم بفرشوط مع والده القمص أرسانيوس وأخيه القمص شنودة بإسم
( عازر ) الذى يعنى ( الله يعين ) .
هو من أسرة عريقه ومعروفه ولها مكانه كبيرة فى قلوب الناس من أسرة كهنوتية وتعرف بعائلة القمامصة أبيه ، أخيه ، جده ، ابنه ، زوج ابنته ، وزوج حفيدته ”
بداية من عام 1950 م كان يتردد القمص عازر على القمص مينا المتوحد ” البابا كيرلس السادس ” كان يقضى معه فترات طويلة تزيد عن 6 أشهر فى الطاحونة ، وبعد رسامة القمص مينا بطرك كان أيضاً يذهب له البطريركية ويقضى معه الليل فى التسبحة ، حيث كان قداسة البابا كيرلس يعلم بقدومه فيقول للخدام جهزوا الأوضة للـ
( مبروك ) علشان جاى .. هكذا كان يناديه قداسة البابا كيرلس وهذه الفترات التى كان يقضيها أبونا عازر مع قداسة البابا اكسبته حياة الصلاة والصوم والتسبحة ، وحب المذبح والذبيحة ، صار المذبح شريك حياته يومياً ..
صارت الصلوات الحب الأعظم له حتي أنه إشتهر بأنه رجل الصلاة فى محافظة قنا ،، وكان يزور الأديرة ويقضى بها أسابيع طويلة مع مواصلته على حضور صلاة نصف الليل ومن هذه الأديرة دير الأنبا بولا ،والأنبا انطونيوس والبراموس ، والسريان ،والانبا بيشوى .
صلاته
دائم النمو فى فضيلة الصلاة ، ومحباً لها فقد كان يستغرق ساعات طويلة فى الصلاة كأنه يعيش فى اللازمن وإن قلنا أنه كان يصلى 20 ساعة يومياً لا نبالغ ، يتخللها صلاته الخاصة والصلاة الكنسية ، وأيضاً الصلاة للمترددين على منزله ، وحتى الأربع ساعات الباقية كان ينام وقلبه مستيقظ ، فكان يبدأ يومه الساعة الثانية صباحاً بصلاة نصف الليل والتسبحة حتى الصباح ، وبعد جلوسه بعد الصلاة تجده يقول فى سره صلوات غير مسموعة وحينما يصلى مزاميره تجده كأنه يأكل شيئاً بلذه وتمتع .
ولن ننسى أبداً أخر يوم فى حياته فى الساعات الأخيرة كان متألم جداً ، ولكن فتح الأجبية وهو جالس على السرير وصلى الساعات الثالثة والسادسة والتاسعة وبعد فترة من العلاج صلى الغروب ، والنوم والستار، وهذا هو قانونه العادى وقال للجالسين حوله ” أهو هو دا النظام والترتيب اللى تمشوا عليه ”
وفى نفس الليلة صلى صلاة نصف الليل والتسبحة وحينما ذهبت مجموعة من الأطباء له الساعة الواحدة صباحاً للإطمئنان عليه وجدوه يصلى ، وفاتح الإبصلمودية ، ومركز جداً وإنتظروا حتى الساعة الثانية صباحاً ، ولكن المعروف عنه أنه لا ينتهى من هذه الصلوات إلا فى الصباح الباكر ومضوا وهم متعجبون
صلاة من العمق ، بنقاء ، بمحبة ، بإنسكاب ، بتمتع ، صلاة حتى النفس الأخير .
ومن عـمق محبته للصلاة فقد كان ينشغل انشغالاً كاملاً بمن تحبه نفسه ، ولا يعطى أى إهتمام أخر لأى شئ فكل مشاعره وحواسه قد تكرست تماماً وبكاملها لمن يصلى له ، لدرجة أنه وقع زلزال عظيم فى احدى السنوات ، وكان بيته متصدع ومتهالك وبه شروخ خطيرة قبل ترميمه ، واثناء الزلزال كان واقفاً للصلاة ن فأخذت الناس تصرخ نحوه لمغادرة البيت بسبب الزلزال ، ولكن ليس من مجيب ، وبعد انتهاء فترة الزلزال والدخول فى فترة الأمان دخلوا عليه البيت فوجدوه منتصباً للصلاة فى مكانه لم يتغير ، وكأنه فى عالم آخر وليس على الأرض القابلة للزلزال .
وروى أحد الآباء أن المذكور فى إحدى الأحاد كان متعب ومتوجع جداً فجاءه صوت من السماء متخدمش النهاردة “ فرد وقال ” إزاى يارب لأنه لا يوجد قداس أحد قصرت فيه ” فرد عليه الصوت وقال : أنا صاحب الذبيحة اللى أنت حاتقدمها وأنا إلـه الأحــد “
فهذا الرجل شاهد على جيله يبكت كل من هو مستهتر ومهمل فى الصلاة لكل من لهم صحة ، وهو الشيخ المتقدم فى الأيام فكانت رجلاه وكأنها محترقتان بالنار ومع ذلك كان يقف يصلى .
وذكر أحد الآباء أن أبونا عازر قبل نياحته بفترة قليلة كان يخرج من القداسات متهللاً وهو يقول كقول الرب لنفسه ” إلى متى أكون معكم ” .
ولا ننسى منظر ابونا القديس وهو مربط بالرباطات فى قدميه الأثنتين بداخل المستشفى ( سان مارى ) يقنا وصمم على صلاة القداس وقال لمدير المستشفى وهو القمص صليب أخنوخ ” إذا ماصليتش أرجع بلدى تانى أنا مش عايز أتعالج ” وبالفعل نزل على كرسى متحرك حتى باب السيارة والعجيب أنه أثناء الصلاة تجده شاباً صغير السن ..
فضيلة الصوم فى حياة القديس ابونا عازر
كان له منهج خاص فى أيام الصوم حيث كانت تمتد ساعات الصوم إلى الغروب ، كان يفطر بعد صلواته الخاصة التى تلى القداس وبالتالى يفطر الساعة الثامنة مساء بلا تمييز بين صوم وأخر ن بل كانت الأصوام كلها صوماً مقدساً بدرجته الأولى ، فلم نراه يأكل بعد القداس حتى فى أيام الأحاد كان طقسه غريب فكان يمكث طول اليوم بدون أكل لدرجة أنه نفذ قول أحد الآباء ” أننى لا أظن أن الشمس رأتنى أنا وبأكل ”، وكانت نوعية أكله بسيطة وقليلة كأنه أكل عصفور .
كان يقرأ الكتاب المقدس كل خمسين يوماً من سفر التكوين حتى الرؤيا ، وعندما سئل عن ذلك قال : ” تسلمت ذلك عن قداسة البابا كيرلس السادس.
ترقيته قمصا :
كان القديس القمص عازر يرفض رتبة القمصية لإتضاعه ، ولكن بعد إلحاح شديد من نيافة الأنبا كيرلس أدام الله حياته ( أسقف نجع حمادى وفرشوط وتوابعها ) اخذ هذه الرتبة فى عام 1992 م ، وكان دائما يردد ” السماء فيها أربعة وعشرون قسيساً ” .
رحلة المرض
فضيلة الصبر والإحتمال كانت فضيلة واضحة جداً وبدرجة عالية فى حياته فمثلاً قصة مرضه وعلاجه حيث كانت رجليه متورمتان ، ويوجد سواد بإحداهما وبهما كمية كبيرة من الصديد مما جعل الأطباء يتعجبوا من إحتماله كل هذه الآلام ، فبعض الأطباء قال عن حالته أنها جلطة ن وآخرين انذروا بالبتر ، وهذا كله وأبونا محتمل هذه الآلام
كان يرفض نصائح الأطباء من نوم أو راحة أو علاج ، فاحتمل المرض بأنواعه بشكر ومحبة بدون شكوى من الألم المبرح فى كل أعضاء جسده الداخلية والخارجية ن واشتكي مرة واحدة فى حياته من المرض فى مستشفى ( سان مارى ) أثناء الغيار من رجليه المتورمة من الجلطة ، وأثناء خلع الشراب كان لاصق برجليه وخُلع بالجلد والدم والصديد وبألم شديد وبعدها غيار مكون من الغسول والبيتادين وخلافه ، وقبل الغيار كان يأخذ حقن مورفين من أجل تخفيف الالم
فقال أبونا : ” رجلى فى زيت ابانوب المغلى ” ، وكأنه يريد لأن يوضح شدة ما يعانيه من ألم ، وعندما كان يرفض العلاج كان يذهب له نيافة الأنبا كيرلس، ويتصل به تليفونياً ويقول له : يا أبونا عازر خد العلاج وطاوع الدكاترة ومترفضش العلاج ، وخد اجازة حتى يصرح لك الأطباء بالخروج ، وأنا أجئ مخصوص وأخدك بعربيتى من المستشفى إلى منزلك .
الطاعة فى حياة ابونا القديس عازر :
كان مطيع لأبعد الحدود لرؤساءه .. فكان مطيع لنيافة الأنبا كيرلس فى أى أمر وكلمة تصدر منه وكان يقول له : أمرك ياسيدنا ، حتى فى علاجه الخاص أو الأكل فى المستشفى أو نظام القداسات فى الكنيسة حسب الجدول يأخذ دوره وكان يصلى قداسات خاصة فى أى مذبح غير مشغول بالصلاة ليذكر أولاده الذين كلفوه بالصلاة من اجلهم ومن أجل مشاكلهم
كان ينفذ اى طلب لسيدنا دون تردد وهو يقول ” كلام سيدنا أمر على رأسى من فوق ”، وأثناء سفره للعلاج بالقاهرة ، وزيارة الأديرة كان يصمم على أخذ تصريح كتابى من المطرانية وبتوقيع سيدنا ، وعندما يذهب الى اى دير أو كنيسة بالقاهرة لعمل قداس يخرج التصريح من جيبه ، وكل الأديرة ترحب به وهو يقولون له ديرك مفتوح فى اى ساعة بدون تصريح يا أبونا واحنا اولادك نأخذ بركة .
ويقول أب إعترافه وهو أبونا موسى أبو السعد راعى كنيسة أبو مقار بالبلينا
من ناحية الإعلانات والرؤى التى كان أبونا عازر يراها كان لا يذكر كل الأشياء التى توضح كرامته ، أما من ناحية حروب الشياطين لأبونا فكانوا يحاربونه كثيراً ، وكانت رجليه محترقه ، ولكن كان له سلطان عليهم من كثرة اتضاعه، وصلاته الدائمه ،وكان اب اعترافه المتنيح الأنبا مكسيموس أسقف بنها .
وبعد نياحته ظهرت له السيدة العذراء العظيمة وهى اللى قالت له يأخدنى أنا المسكين اب إعتراف له .
نياحته :
روى شهود العيان أن القمص عازر قام بعمل ترحيم لنفسه قبل نياحته بأسبوع يعنى يوم الأربعاء 16 / 6 / 2004 م ، قال فى صلاة القداس بعد المجمع : ” نيح يارب نفس ابونا عازر القمص أرسانيوس فى فردوس النعيم ” فأدرك من حوله من الشمامسة أن الوقت قريب لنياحة ابونا ، واكثر من هذا شاور على أثنين رآهم قبل نياحته
( لا نعلم من هم ) وقال للذين حوله : ” شوفوا كده الإثنين دول ” وكان ينظر الى أعلى واستمروا معه وحينما سأله أحد أولاده ماذا قالوا لك ؟ وهل هم موجودين أم لا ؟ قال : نعم موجودين ومقالوش حاجة .
وفى يوم الخميس الموافق 24 / 6 / 2004 م الساعة الثامنة والنصف صباحاً انتقلت روح القديس القمص عازر إلى الأمجاد السمائية ، وقبل نياحته بيوم صلى القداس الإلهى بمفرده وأنتهى الساعة الثالثة عصراً وفطر فى الغروب لنفس اليوم ، وفى ليلة نياحته صلى صلاة نصف الليل حتى الرابعة والنصف صباحاً بالرغم من مرضه الذى وصفه بنار فى بطنه
تنيح القديس ورقد فى الرب يسلام فى الساعةا لثامنة والنصف صباحاً ونُقل الجثمان إلى المقبرة التى أعدت له تحت مذبح الملاك ميخائيل بكنيسة السيدة العذراء مريم بفرشوط ليتبارك منه الجميع وقد حضر صلاة الجناز .. نيافة الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي وفرشوط ن ونيافة الأنبا يسطس رئيس دير الأنبا أنطونيوس العامر بالبحر الأحمر ولفيف من الاباء الكهنة من إيباراشيات نجع حمادى ودشنا والبلينا وقنا وكثير من المحافظات .
أقوال آباء عن أبونا عازر :
” الابرار يضيئون كالشمس فى ملكوت ابيهم ” والقمص عازر كان رجلا قديسا وهو موجود فى السماء فى حضن ابراهيم واسحق ويعقوب . ” القمص فانوس الانبا بولا “.
عرفت ابونا القديس عازر منذ وصولى الى قنا فى بدء خدمتى ووجدت فية بساطة قديسون القرن الرابع ، وزادنى عجبا ما عرفته عنه من جهة سهرة المقدس فى صلوات الساعات والمناجاة القلبية ، وتسبحة نصف الليل .
” الأنبا شاروبيم اسقف قنا وتوابعها ” .
بالتقرب من أبونا المتنيح عازر أدركنا وعرفنا أنه سفرا مختوما ومن يستطيع أن يفك ختومه الا الأسد الخارج من سبط يهوذا العارف بأسراره والكاشف لأعماقه ، ولأنه كان أيضا جنة معلقة وينبوع مختوم فلهذا نحن ندرك ونعرف أننا مهما عرفنا عنه فلم نكن نعرف الا المعرفة السطحية ، ولم نكتشف ونتقرب الا من القشور الخارجية فى حياته الروحية أما أعماقه الداخلية فى حياته الروحية فكانت سرا بينه وبين من تحبه نفسه .
” الانبا يسطس اسقف دير الانبا انطونيوس بالبحر الاحمر ” .
ابونا عازر هو المدينة الكائنة على جبل والسراج الموضوع فوق منارة ، هو جامعة للفضائل ومدينة حصينة ، وحياته مليئة بالأسرار الفاضلة من يستطيع ان يتحدث عنه ، عن مثاليته ومبادئه وقيمته الروحية ، أنه قامة روحية عالية ، أنه قديس بما تعنيه الكلمة بحياة القداسة بالكهنوت الطاهر.
” القمص موسى ابو السعد كاهن كنيسة الانبا مقار بالبلينا وأب اعتراف القديس القمص عازر ” .