بقلم : الأديبة السورية نادية خلوف
طائر الفينيق
هو أسطورة، أو هو نحن عندما نحترق.
الطّائر الذي ينوح عندما يقترب أجله ، ويجعل من يراه يحزن إلى حد القهر.
هو طائر أسطوري أحبّ الخلود، فكان له التّجدد. قام من بين الرّماد، وأصبح طائراً برقبة طويلة اسمه ” العنقاء”
ينتمي إلى بلاد الهند لهمنقارٌصلبطويلفيه ثقوب وفتحات ، عندما ينوح وهو في عزلته حيث لا زوج له ولا أطفال ، يقول الآه ويكون الصمت سيد الموقف .
ومع أن الطائر النّواح كان قد أصبح عمره أكثر من ألف عام ، لكنه كان يخاف الموت، ويتمسّك بالحياة ، حان موته ، جمع أكوام الحطب حوله ، وكان ينوح ويرتجف بين أكوام الحطب كورقة في مهب الريح.
حانت لحظة تسليم الرّوح والطائر يقاوم مرفرفاً بجناحيه إلى الأمام والخلف تطايرت نار من جناحيه بينما تحوّل النّواح إلى سرور ، توحّد مع الحطب وتحولوا إلى جمر ثم إلى رماد، وانتهى كلّ شيء.
بعد أن تحوّل طائر الفينيق إلى رماد نهض منبعثاً من جديد إلى الحياة.
تقولأسطورة أخرى أنطائرالفينيق،أو “العنقاء”هو طائر خيالي ضخم طويل الرقبة متعدد الألوان.فريد ولامثيل له. وفي نهاية حياته يستكين ويغرد لآخر مرةبصوت خفيض حزين،إلى أن تنير الشمس الأفق فيحترق ويتحول رماداً وهو يصدر أصواته الحزينة التي تبدو أقرب إلى الأصداء. وعندما يحترق ، ويتحوّل الجمر إلى رماد .تخرج يرقة صغيرة من بين بقاياه وتتحول إلى طائرالفينيق التالي.
تقول الأُسطورة أنّه لَم يكُن في عالَمنا إلاّطائرُ فينيقٍ واحدٌ. كان يسكُنُ الْجَنَّة حيث ليس فيها موت.بعد ألف سنة، يرزح تَحت وطأة عمره الطويل، ويرغب في الموت لذا نزل من الجنّة إلى الأرض .وعندما حتى وصل فوق أرضٍ شدّتْه إليها رائحةُ بَخور التوابل في مغاورالشرق. نزَل إليها، جمع غمراً من الأعشاب العَطِرة، وحَملها معها لىشواطئ فينيقيا، فَحَطّ في قلب شجرة عالية بنى فيهاعشَّه من تلك الأعشاب العَطِرة. وكان الْمغيب، فراح ينتظر بزوغ الفجر الجديد الذي يؤذّن بموت الطائر، وحينما أشرقت الشمس، تطلَّع صوب الشرق، أنشد أغنيةً من أجل إله الشمس، وأتى الإله على عربة يستمع إلى الأغنيّة وعندما انتهت انطلق الإله بالعربة وظهرت شرارة من حوافر الأحصنة أصابت عشّ الطّائر وانتهت حياته، ليولد من جديد.
طائر الفينيق الأسطوري أصبح شعاراً لأوروبا عند نهضتها بعد الحروب العالمية المدّمرة للبشر، والحجر.
طائر الفينيق هو رمز البعث وتجدّد الحياة، ومهما أصاب القهر البشر، حتى لو أصبحوا رماداً سيبعثون من جديد.
إله الشّمس وضع محطّة له بين العرب، يستمع لأغاني النّدب، لم يستطع سماعها كلّها، انطلقت شرارة من عربته. أحرقتنا لكنّنا سنعود إلى الحياة من جديد.
نحن طائر الفينيق. . .