بقـلــم / هـانـي شــهـدي
إذا ما ركزنا السمع والنظر والتحليل بين تصريحات فضيلة د. محمد عمارة عضو هيئة كبار علماء الأزهر الصادرة عبر ملحق مجاني مع مجلة الأزهر يصرح فيه بأن المسيحية ديانة فاشلة، وتصريحات “فضيلة ” الأنبا روفائيل سكرتير المجمع المقدس وأحد المرشحين للكرسي البابوي الصادرة عنه بعد سؤال أحد الحضور له أثناء أحد اجتماعات الكنيسة الأرثوذكسية عن وحدة الكنائس فهرب من السؤال وأنفعل وهاجم شباب الكنائس البروتستانتية ” بتوع اللعب والهزار ساعة الجد يخاف من السكينة ويقول يا مامي – الدلوعة – الفافي” . اذا ما وضعنا التصريحين في كفتي الميزان هل نجدهما متشابهين في العنصرية وازدراء الأخر مع فارق الفعل العنيف أم مختلفين :-
١– كيف يطالب الأقباط قادة الأزهر بتبني خطاب ديني متسامح مع غير المسلمين ووقف مهاجمتهم للمسيحية والكنيسة وأحد أبرز قادتهم في معظم تصريحاته ومؤتمراته يرفع راية التعصب وتتـفيه الأخر الذي هو ليس بمسلم ولا بيهودي ولا بوذي ، أنه مسيحي مثله وليس بغريب عنه .- أليس غريباً أن يطالب الأقباط بالكثير من التسامح والمحبة من المسلم المختلف معهم في العقيدة ونبي العقيدة ، وفي المقابل تبخل الكنيسة القبطية بالقليل من الأحترام وقبول الأخر علي كنائس وشعب الطوائف الأخري المشتركين في انجيل واحد ومســـيح واحـد.
٢– كيف يطالب الأقباط الدولة ذات الأغلبية السكانية المسلمة بحذف بند الديانة من البطاقات الشخصية والعائلية لمواطنيها لأن هذا البند يصنفهم علي أنهم مواطنين درجة تانية ، وفي المقابل الأغلبية القبطية الأرثوذكسية تصنف هوية ومعتقد الأقليات من الطوائف الكاثوليكية والبروتستانتية تصنيفات ضمنية وليست معلنة من لسان قادتهم علي أنهم غير مسيحيين أصلاً بل مهرطقين ومحرفيين ( يعني حتي مش محصلين درجة تانية).
٣– هل من العدل مع النفس أن تطالب الكنيسة الأزهر بتعديل بعض مناهجه الدراسية التي تتبني منهج كل من هو غير مسلم فهو كافر ، والكنيسة تتبني نفس المنهج التكفيري مع الطوائف من خلال وعظات وكتابات كبار الأساقفة في الكنيسة والصاق بهم تُهم أنهم كنيسة لا تعترف بالأسرار ( غير سرائرية) ولا تعترف بالقديسين ولا بالطقوس.
٤– لماذا نجـرّم اقتحام السلفيين وفرض فتواهم المزعجة لطبيعة المسلم العادي بتحريم تهنئة جاره المسيحي في أعياده والأختلاط به ولا نخطء تنبيه نفس الأسقف وكثيرين مثله من قادة الكنيسة في توجيه الشباب الأقباط البالغين ( أكبر من ١٨ سنة) الذين من المفترض لهم عقل ويفكرون في عدم حضور أي مؤتمرات او اجتماعات لكنائس الطوائف حتي لا يُفسد ذهنهم بدعوي ( الطعم غير الطعم) دائماً ما يذكرني همس الأنبا روفائيل للأب داود لمعي في هذا المشهد بمشهد همس بديع لمرسي ” القصاص القصاص” . بل وصل الحد للمبالغة في التعصب بحرمان كثير من الكهنة تلك الفئة من الشعب من التناول لمجرد علمه بتردده علي كنيسة غير ارثوذكسية وهو منع لا يوجد له أي اساس كتابي انما هي اجتهادات شخصية من الكهنة لإرضاء رؤسائهم وتعصبهم الشخصي.
٥– لماذا نستنكر علي مملكة السعودية منشا الأسلام وبلده منع أي منشورات دينية غير اسلامية (مثل الأنجيل مثلاً) دخول اراضيها من خارج المملكة حفاظاً علي ثبات العقيدة الأسلامية فيها بل ومحاكمة كل من يحملها لعقوبات شديدة في حين الأقباط أنفسهم يرفضون بشدة عصر السموات المفتوحات ودخول أي مجموعات بروتستانتية تبشيرية تحمل مجرد انجيل أو مطبوعات ليست طائفية إلي كنائسها او حتي ساحات اديرتها. بل ووصل بهم الأمر في بعض الأحيان لتسليمهم لأمن الدولة . طبعا التنبيه بعدم مشاهدة الفضائيات الغير ارثوذكسية وعدم التبرع لهم دا امر بديهي.
٦– هل من الشفافية أن نتهم الأزهر بأنه غير جاد في تَـقبّل فكرة المواطنة واتهامه بأن ما يفعله انما هو استغفال لعقليتنا ولا يتهم الأقباط أنفسهم بأنهم غير جادين في قبول الطوائف غير الأرثوذكسية كأعضاء في جسد المسيح، تُحسب بكل تقدير واحترام المحاولات الجادة التي يبذلها البابا تواضروس الثاني لجمع الطوائف وزيارته الأخيرة للأسكندرية وطائفة الأباء اليسوعيين الكاثوليكية وتلك هي الزيارة الأولي بعد زيارة البابا شنودة الثالث للبابا بولس السادس سنة ١٩٧٣ حتي ٢٠١٥ ( حوالي ٤٠ سنة تقابل فيها بابوات الأسكندرية مع شيخ الأزهر والمفتي ووزير الأوقاف ٤٠ سنة مضروبة في عيدين أقباط وعيدين مسلمين يعني أربعة المجموع = ١٦٠ مقابلة) مقابل مقابلة للكاثوليك كل ٤٠ سنة، وفي المقابل اطلقت وكالة ناسا الأمريكية للفضاء عشرات الرحلات والأبحاث المكوكية للفضاء، احتمال تكون المسافة بين كوكب الأرض والقمر أقرب من المسافة بين الكاتدرائية بالعباسية والاسكندرية ؟!. والمضحك حقاً أتهام الأزهر بوجود شخصيات مندسّـة داخله مثل د.محمد عمارة وعباس شومان مكفّرة للأقباط ونفس المشهد للرجل الثاني في الكنيسة يذهب لمصافحة الكاثوليك وهو في نفس الوقت منذ اسبوعين فقط يستهزء بهم.
المقولة الشهيرة ” الضربة التي لا تكسر الظهر تقويه” هي ما حدث تجاه إدعاء دكتور عمارة ، فهي جمّعت شمل المسيحين علي قلب رجل واحد واظهروا بأحترام نجاح المسيحية ومحبتها،وبالمثل تصريحات “فضيلة” الأنبا روفائيل المتتالية كانت فرصة له ليعرف ما بذلته تلك الطوائف في نشر المسيحية في أفريقيا واسيا وما يتعرضون له من تعذيب وقتل وحــرق كل يوم مقابل تجاهل أنانية الكنيسة القبطية. لكن للأسف تصريحاته العنترية كانت سبب في نزاع وانقسام الشباب المسيحي . الطوائف المسيحية الأن وليس غداً في أمس الحاجة للأتحاد خصوصاً بعد التصفية العرقية الواضحة التي يتعرض لها مسيحيو الشرق الأوسط والمنطقة العربية .
– احيل بالفعل الأسبوع الماضي د. محمد عمارة للمسائلة القانونية بتهمة الازدراء ( ولو حتي محاكمة كدا كدا) سيخرج منها براءة قبل أن يدخل ، لكن هل من قيادة كنسية واعية تحاول تنقيح ذهــن الأنبا روفائيل وتقدمه للمحاكمة الكنسية أو حتى المساءلة لنفس السبب وقبل أن تدفعه عنتريته لتوريط الكنيسة في أمور أكبر مثل سابقه “فضيلة الأنبا بيشوي“.
اذا كان هو سكرتير المجمع المقدس الذي يسأل ويُحـاســـب ويُقاضي الكهنة والأساقفة، فأذا أخطأ القاضي .. فـمن يُـقاضي القاضــي؟.
الوسومهانى شهدى
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …