الاهرام الجديد الكندى
نقلا عن “إم سي إن”
الشاهد: “اللواء بدين قال للجنود لازم تدافعوا عن نفسكم دول جايين يقتلوكوا”
المحقق العسكري رفض شهادتي وأصرَّ على أن “الأقباط كانوا يحملون سلاحا”
الأقباط لم يحرقوا مدرعة الجيش وتعرضت لمحاولتي قتل واختطاف
أكَّد “محمد أحمد حسين زكي محمود”، الشاهد المسلم الوحيد في قضية “مذبحة ماسبيرو”، أن “اللواء حمدي بدين، قائد الشرطة العسكرية السابق، حرَّض على قتل المتظاهرين الأقباط السلميين، في التاسع من أكتوبر عام 2011، في الوقت الذي لم يحمل الأقباط فيه أية أسلحة، سوى صلبان خشبية وبلاستيكية”، قائلا إن “اللواء بدين قال للجنود: (لازم تدافعوا عن نفسكم دول جايين يقتلوكوا)”. وذلك في حديث هام لوكالة أنباء مسيحيي الشرق الأوسط.
تجدر الإشارة أن 9 أكتوبر 2011 شهد “مذبحة ماسبيرو”، التي راح ضحيتها 27 قبطيا، لقوا مصرعهم دهسا بآليات الشرطة العسكرية، وبالرصاص الحي، أثناء تظاهرهم السلمي أمام مبنى الإذاعة والتليفزيون المصري (ماسبيرو)؛ احتجاجا على اعتداء متطرفين على كنيسة الماريناب بأسوان (جنوب مصر)، وتم محاكمة ثلاثة جنود بتهمة القتل الخطأ، بينما لم يتم التحقيق مع قائد الشرطة العسكرية، اللواء حمدي بدين، الذي عيَّنه الرئيس المعزول محمد مرسي ملحقا عسكريا بالصين، فيما اعتبره مراقبون “خروجا آمنا له”.
وأضاف “حسين” لـ/إم سي إن/: “كنت متواجدا يومها أمام مبنى ماسبيرو من الساعة 4 والنصف؛ للمطالبة بحل مشكلة كنيسة المريناب؛ لتوصيل رسالة أن المسلمين ليسوا جميعا ضد الأقباط، وكانت هناك أعدادٌ صغيرة من الأقباط، تردد بعض الترانيم”، مستكملا: “شاهدت مجموعة ترتدي زيا مدنيا أمام مبنى (الإذاعة والتلفزيون)، يحملون جميع أنواع الأسلحة النارية والبيضاء والعُصي، وكأن شيئا غريبا سيحدث، دون أن يأتي في ذهني أن تلك المذبحة ستحدث”.
وتابع: “في تمام الساعة 6 وبضع دقائق، ظهرت مسيرة من فندق هيلتون رمسيس، عند مطلع كوبري أكتوبر، وكان موقعي على الكورنيش أمام مبنى ماسبيرو، وقد أطلق نقيب جيش، كان متواجدا، أول طلقة رصاص في هذا اليوم، وكانت بمثابة إشارة لبَدء الهجوم على المسيرة القادمة؛ حتى تحرك المدنيون بأسلحتهم، وبدأت عملية دهس الأقباط وقتلهم بالرصاص الحي”.
وأكَّد “حسين” أن “الأحداث كانت تسير بشكل منظم في هذا اليوم، وكان مخططا لها بعناية فائقة”، مضيفا أنه رأى عددا من الجنود يسحلون أحد الأقباط، لدرجة أنه ملامح وجهه أخفتها آثار الدماء، وقد حاول الفرار منهم؛ فقاموا باقتياده ثانية، وأوسعوه ضربا، وقد أبكاني المشهد لدرجة أني صرخت في وجههم، ولما حاولوا إمساكي، قلت (شهادة الإسلام)؛ حتى يعرفوا أني مسلم؛ فتركوني”.
وأضاف: “أثناء ذلك؛ رأيت المدرعة التي اتُهِم الأقباط بحرقها، تُصدر شرارا عند مطلع كوبري 6 أكتوبر، من كثرة الاحتكاك بالأحجار، وعندما رأى الجنود ذلك؛ قاموا بإلقاء مادة ساعدت على اشتعالها؛ لاستفزاز الأقباط، وتلفيق تهمة إحراق المدرعة لهم”.
وكشف الشاهد المسلم الوحيد في قضية ماسبيرو، عن “وجود مركبة تابعة للشرطة، كانت قادمة من مبنى الإذاعة والتلفزيون، باب 15، وكان عليها نقيب شرطة يضرب المتظاهرين بالرصاص الحي”، وأضاف: “شاهدت وسط الأحداث لواء جيش، لم أكن أعرف وقتها أنه اللواء حمدي بدين، قائد الشرطة العسكرية، وكان يُحرِّض بالقول على قتل المتظاهرين، عندما شاهد مسيرة الأقباط قادمة، وقال للجنود: (لازم تدافعوا عن نفسكوا، دول جايين يقتلوكوا)، وقد تعرفت عليه بعدها من خلال صورته في وسائل الإعلام”.
واستطرد “حسين” في حديثٍ مسجل للوكالة قائلا: “مكثت فترة طويلة في البيت لا أتحدث من هول ما رأيت، ولما وجدتُ الإعلام يصور الحادث على أنه اعتداء من الأقباط على الجيش، قررت الإدلاء بشهادتي؛ لشعوري بالظلم الواقع الأقباط، وأيقنت أنهم بالفعل مضطهدون”.
وتابع: “طلبت من المحامين المتطوعين في القضية، الإدلاء بشهاداتي، وقلت ما حدث أمام المحقق بالنيابة العسكرية؛ فانزعج لما يسمعه، وقال لي (الجيش دافع عن جنوده؛ لأن المتظاهرين كان معهم سلاح)؛ فقلت له (لم أرَ قبطيا يحمل سلاحا، وسلاحهم كان صليبا من خشب وبلاستيك)، لكنه أصرَّ على أنهم كانوا مسلحين”.
ولم يكتفِ “حسين” بإدلاء شهادته أمام النيابة العسكرية، بل تحدث أيضا عمَّا حدث في مذبحة ماسبيرو، أمام المستشار ثروت حماد، قاضي التحقيقات المنتدب من قِبل وزارة العدل، لمتابعة القضية، وأدلى بشهادة ثالثة، أمام لجنة تقصي الحقائق بوزارة العدل، وجميعها كان مصيره الحفظ. ورغم مطالبه باستدعاء مَن أدلى بشهادته ضدهم، لكن النيابة رفضت؛ بحجة صعوبة الاستدلال عليهم، مع إصراره على استدعاء حمدي بدين؛ لتأكيده على وجوده بالأحداث، وتحريضه بالقول على قتل الأقباط.
وكشف الشاهد المسلم في “مذبحة ماسبيرو”، عن “تعرضه لمحاولات قتل”، قائلا: “بعد شهادتي في القضية بأيام، صدمتني سيارة بمدينة نصر، وقد فقدت الوعي، لأستيقظ على صوت رجل كبير يطمئن عليَّ، بعدما حصل على رقم السيارة، وأدخلني مستشفى التوفيقية، لأتوجه بعدها لقسم شرطة مدينة نصر؛ لتحرير محضر برقم السيارة، لكن مأمور القسم رفض، ولم أستدل على رقم السيارة في إدارة المرور، وعندما ذهبت للمستشفى للحصول على بيانات الدخول والخروج، لم اجد أي بيانات باسمي!”.
واستكمل حديثه: “اتفقت مع أحد أقارب شهداء ماسبيرو، على تدويل القضية، واتفقنا على المقابلة لترتيب أوراق التدويل، وكان لديَّ أوراق، ومستندات شخصية، لأفاجأ بسائق دراجة نارية أثناء انتظاري في ميدان التحرير، يخطف الشنطة، وتوجهت لقسم قصر النيل لعمل محضر سرقة، وسألني الضابط: (أنت الشاهد المسلم في قضية ماسبيرو مع المسيحيين؟)؛ فشعرت بالخوف وقتها، ودخل لمأمور القسم، بعدها حرر لي مذكرة بفقد الأوراق، بعد انتظاره لمدة ساعة ونصف”.
ومسلسل ترقب الشاهد المسلم في “قضية ماسبيرو” لم ينتهِ؛ فقد فوجئ بصاحب أحد المحلات المجاورة لسكنه في شبرا، يبلغه بأن عددا من الأشخاص جاءوا ليسألوه عنه؛ فقرر الرحيل لمكان آخر، مستكملا: “لا أستقر في سكن محدد. حياتي أصبحت مهددة”، مضيفا: “أما شقتي في حدائق القبة؛ فقد طلب مني صاحبها إما المغادرة أو اتهامي بقضية سرقة، ومرة أخرى انتقلت لشقة شبرا الخيمة، وبمجرد علم صاحبها المسيحي بحقيقية شخصيتي، رحَّب بي، ورفض الحصول على إيجار الشقة، بعدها فوجئت باتصاله طالبا مني مغادرة الشقة، وإلا ستُلفق له قضية تنصير بسببي!”.
وانتقد “حسين” تزييف الإعلام للحقائق، وتصوير المسيحيين بالمعتدين على الجيش، بخلاف الحقيقة، وكذلك تشويه شهادته”، قائلا: “مؤخرا عندما سمعت حديث هشام سرور، العقيد المتقاعد بالقوات المسلحة، مع الإعلامي أحمد موسى، بأن (بعض القساوسة تعاونوا مع الإخوان المسلمين، لتدبير المذبحة)، قلت في مداخلة تليفونية، إن (هذا الكلام ليس حقيقيا، والجيش ضرب الأقباط)؛ فاتهموني بمعاداة الجيش، وشتموني، وبعدها قررت عمل بلاغ ضد أحمد موسى وهشام سرور، فضلا عن بلاغ من قبل ضد اللواء حمدي بدين؛ لتورطه في الاحداث، وكان مصيرها أيضا الحفظ”.
وروى لـ/إم سي إن/، تفاصيل تعرضه لمحاولة خطف قائلا: “كنت متواجدا بالقرب من المهندسين، وسألني شاب عن شارع سوريا، ولحظة الحديث، وجدت عربية حمراء بجواري بها سائق، ومعه طبنجة، وقد نزل شخصان منها، وحاولا إجباري على دخول السيارة؛ فصرخت مستنجدا بالمارة حتى هربوا”، متابعا: “أتلقى دائما مكالمات من أرقام خاصة، تهددني بالقتل، وقد قمت بتغيير مكان عملي”.
واختتم “محمد أحمد حسين”، الشاهد الوحيد المسلم في “مذبحة ماسبيرو”، حديثه لـ/إم سي إن/، بأنه “غير نادم على شهادته، رغم ما يتعرض له من محاولات قتل؛ لرغبته في إظهار الحق”، متابعا: “شهادتي لإظهار الظلم الواقع على الأقباط، ولتأكيد أنهم مضطهديون؛ وليعرف العالم إذا حدث معي مكروه بسبب تعنت الأجهزة الأمنية معي؛ فسيكون ذلك بسبب تلك الشهادة، التي جعلت أصدقائي يتخلون عني بمجرد معرفتهم بوضعي في القضية”.
وقد اعتذر المستشار ثروت حماد، قاضي التحقيقات المنتدب من وزارة العدل لمتابعة سير التحقيقات في قضية ماسبيرو، عن استكمال نظر التحقيقات في القضية، وذلك بعد أربع سنوات من تداولها في ساحات المحاكم؛ ما أعاد القضية للمربع صفر.