الإثنين , ديسمبر 23 2024

الأقباط والسيسي في عامه الأول

21ba2590-f8ae-46f4-8c54-c337ec53101d

بقلم : فاروق عطية

ما دفعني لكتابة هذا المقال ثلاث أحداث استقزتني بشدة ودفعتني دفعا للكتابة. أولها مقال وصلني من محامي كبير وكاتب نحترمة ونعتز بكل كلمة يكتبها ولكن هذا المقال الأخير الذي وصلني منه أثار دهشتي وما كنت أنتظر من محامي مدافع عن حقوق الأقباط المسيحيين أن يكتب مثل هذا المقال دون أن يكتب كلمة عما يحدث في عصر السيسي من تجاوزات ضد الأقباط وهي ملئ السمع والبصر. ملخص المقال “أن مصر قضت ما يقرب من سبعة عشر قرنا فى انتظار السيسى. وإن مصر كانت مطمعا لكل دول العالم, ولكنها كانت قويه بشعبها فقد كانت تقف وحدة واحده أمام الملمات وأمام أى عدو تخول له نفسه أن يعتدى على أمنها أو شعبها. وذكر موقف الدولة من المسيحيين وما لاقوه من معاناة في كل حقبة من الحقب حتي وصل لمرحلة السيسي وملخص ما قال عنه: قام الرحل الذى لا يختلف عنه إثنان وطنيان وهو الرئيس السيسى أنقذ مصر فى اللحظة المناسبه تماما وقضى على الخونه باسم الدين, ومنذ اللحظه الاولى عمل على وحدة مصر وتماسكها كما عمل على قوتها وكانت القدره الالهيه ممسكة بيمينه فكتبت له النجاح. قام الرجل بكل ما أوتى من قوه وقدره وإمكانات بالعمل على تقدم مصر بكل طاقاته. و ذكر موضوع ذبح الأقباط في ليبيا وما قام به الرجل من عمل بطولي للانتقام, مما رفع اسم مصر لعنان السماء. وأنه فخور به لأنه أرسل رئيس الوزراء لتعزية أسر الضحايا. وراح يسرد مواقف فرنسا وغيرها من الدول وسرعتها في تلبية مطالبه. وفي آخر المقال يقول: أن مصر كانت فى انتظارك سبعة عشر قرنا من الزمان حتى تضعها فى مكانتها السليمه الحقيقيه التي تستحقها كدوله رائده فى الانسانيه والرقى والتقدم والنجاح. سيدى لا أجاملك ولأكتب من واقع أى رياء إني أشعر بالتفاؤل من أجل مصر ومستفبلها بأنها تحت إدارتك لا بد وأن تتبوأ مكانتها بين دول العالم”.
أما الحدث الثاني الذي أدهشتي واستفزني هو استقبالي لبوست علي الفيس بوك من مجموعة من الأقباط المسيحيين بمناسية مرور السنة الأولي من حكم السيسي مقيّمين فترته وتراوحت درجات تقييمهم ما بين 90% إلي 99 %. وضعت تقييمي بـ 70% وكتبت تعليقي علي ذلك: أن السيسي يالرغم من أعماله العظيمة في السنة الأولي من رياسته إلا أنه لا يستحق أكثر من 70% لتجاهله مشاكل الأقباط المسيحيين التي ازدادت وتيرتها في عهده من خطف رجال وطلب فدية وخط بنات لأسلمتها وأخيرا تهجير أُسر آخرها في قرية ببني سويف من منازلهم في جلسة عرفية. والغريب أن التقييمات التي أتت بعدي كانت بين 50% إلي 60%.
أما الحدث الثالث الذي أحنقني واستفزني هو انشغال الكاتدرائية من قداسة البابا حتي أصغر كاهن بالاتصالات والمراسلات وإرسال المطارنة لكنائس المهجر في شتي بقاع اوروبا لتجميع الجاليات القبطية ليكونوا في استقبال وتأييد وتعضيض الرئبس بألمانيا.
نعود للحدث الأول: أنا أحترم أستاذنا المحامي الكبير الذي طالما دافع عن قضايا الأقبط. ولكني آخذ عليه في هذا المقال الذي مجّد فيه السيسي حتي جعله كالمهدي المنتظر (عند الشيعة) الذي أتي بعد سبعة عشر قرنا من الزمان وكانت القدرة الألهية ممسكة بيمينه, ونسي أستاذنا الكبير وهو سيد العارفين ما واكب السنة الأولي من حكم السيس من انتهاكات للمسيحيين الأقباط التي فاقت ما حدث في عصريّ المعزول والمخلوع سويا. أكثر من 70 جريمة خطف للأقبط بين مهندسين وأطباء وصيادلة في إمارة نجع حمادي وطلب الفدية باللايين وفي كل الحالات لم يتحرك الأمن خطوة واحدة بل كان يحرض أهالي المخطوفين بدفع الفدية انقاذا لأروح المخطوفين, ودفع الأقباط مئات الملايين للخاطفين حتى أصبحت مهنة خطف الأقباط مهنة لمن لا مهنة له توصله للثراء والوصول للقب المليونير في أيام معدودات. والغريب أن الأمن يصبح قادرا ويتمكن بمنتهي السرعة ويعيد المخطوف خلال أيام قلال لو كان المخطوف مسلما. والمثال علي ذلك أُختُطف صباح الأربعاء 12 نوفمبر 2014، بضاحية الشيخ زايد، طالبا وفرّ الخاطفون إلى جهة غير معلومة، وعلى الفور فرضت قوات الأمن سياجا أمنيا في مداخل ومخارج المنطقة من جميع الجهات، بحثا عن الخاطفين. الطالب المخطوف نجل الرائد محمد الشهاوى الذي كان يعمل بجهاز أمن الدولة وخرج منه ولم يكن لديه علاقة بملفات الإخوان أو الجماعات الإرهابية وأحيل علي المعاش قبل ثورة 25 يناير, وعمل فى الأعمال الحرة بمجال الاتصالات، وليس لديه خصومات شخصية مع أحد، ويتمتع بسمعة طيبة بين جيرانه وأصدقائه. بدأت الواقعة بعد السابعة صباحًا عندما تحرك الطفل من منزله بحدائق الأهرام متوجهًا إلى مدرسة خاصة بمدينة الشيخ زايد مع مجموعة طلاب من العائلة داخل سيارة ملك جده ممدوح مبروك غطاطى أحد كبار رجال الأعمال في مجال تجارة الكاوتشوك. اعترض طريقهم سيارة ماركة كيا سبورتاج سوداء, وخطفوا الطفل من السيارة وفروا هاربين. ورجحت المصادر أن يكون الهدف من اختطاف الطفل هو ابتزاز جده رجل الأعمال المعروف. وضيقت قوات الأمن الخناق علي المختطقين مما أخافهم فتركوا المخطوف بعد 6 أيام أمام منزل جده وتمكنت قوات الأمن من القبض علي المتهم الأول الذي أدلي بمعلومات عن كل شركائه في الجريمة وعقب تقنين الإجراءات تمكن المقدم محمد ربيع رئيس المباحث ومعاوناه النقيبان أحمد عصام وأحمد أبوالمجد من القبض علي الشركاء السبعة في غضون 24 ساعة وأمرت النيابة بحبسهم.
نأتي للحدث الثاني وهو سرعة التقييم دون تروي أودراسة, كان الأخوة الأقباط الذين قيموا أعمال السيسي في عامه الأول بين الـ 90% و 99% مبهورين بأعماله الداخلية كالبدء في انشاء قناة السويس الجديدة والتي قاربت علي الانتهاء وما نسمعه عن استصلاح مليون فدان جديد ومؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي للاسنثمار الناجح, وما يقوم به من جولات خارجية ناجحة رفعت من قيمة مصر. ولكنهم تناسو ما يلاقيه أخوتهم الأقباط المسيحيين من عنت دون التفاته لذلك, وحين وضعت تقييمي فقط 70% لتجاهله مشكلات المسيحيين انخغضت بعدها تقييماتهم إلي أقل من 70%. فقط نبهتهم بمشكلات خطف المسيحيات الراشدات والقاصرات وامتناع الأمن عن التعاون في ارجاعهن والمماطلة حتي يصل سن القاصًرات إلي سن الرشد ويحولوهن للإسلام دون إبلاغ أولياء أمورهن, وتواطؤ الأمن مع السلفيين في هذا الأمر. ومشكلات ازدراء الأديان التي لا تطبق إلا علي المسيحيين دون مبرر, ويكفي أن أذكر منها آخرها. شاب من قرية كفر درويش التابعة لمركزالفشن بمحافظة بني سويف يدعى أيمن يوسف توفيق «27 عاما» يعمل فى الأردن، لا يجيد القراءة ولا الكتابة قيل أنه قام بترويج (شير) رسوم مسيئة للرسول، على حسابه بموقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك»، وهو ما أثار عددا من شباب القرية المسلم. يقول يحيى توفيق 60 عاما عم الشاب المتهم، ” بعد اتهام نجل شقيقى أيمن الذى لا يجيد القراءة والكتابة بنشر رسوم مسيئة للرسول على الانترنت، مما أثار غضب الأهالى وحاولوا التهجم على منزله الذى يقطن فيه والده وأشقاؤه، وتدخل أهالى القرية من مسيحيين ومسلمين للسيطرة على الأوضاع بمعاونة أجهزة الأمن، وتم عقد جلسة عرفية حضرها القمص هاتور راعى كنيسة القرية والسيد مدير أمن بني سويف، وقرروا رحيل يوسف شقيقى وأسرته خارج القرية لفترة زمنية حتى تستقر الأمور، ثم يعود إلى منزله مرة أخرى. ثم فوجئنا بمجهولين يقومون بتقليع النباتات من حقولنا وإضرام النيران فى بعض العشش المقامة فى الأراضى الزراعية والخاصة ببعض الأقباط فى القرية, كما حرقوأ بيت (تحت الإنشاء) لرضا فوزي المقيم بالقاهرة فى محاولة منهم لإشعال الفتنة مرة أخرى”. وأضاف مؤمن فايق، أن أيمن فقد هاتفه المحمول وأحد الأشخاص استغل الهاتف بعد العثور عليه لإثارة تلك المشكلة فى القرية، وأن أيمن قدم اعتذارا عبر صفحته بعد تلك الواقعة, ولكنهم لم يكتفو بذلك وطلبو فدية 250 ألف جنيه وحين تعذر جمع المبلغ خفض إلي 50 ألف جنيه. بعد ذلك زادت مطالبهم بطرد باقي الأسرة المكونة من خمس عائلات وهم 19 فردا تشمل أب عاجز وزوجته العجوز المريضة, وأعطوهم إنذارا بالرحيل بعد نصف ساعة. وغادرت أسرة الشاب أيمن وأشقائه القرية إلى إحدى القرى بمركز مغاغة، حيث يقيمون لدى أحد أقاربهم لحين هدوء الأوضاع والتمني بعودتهم للقرية مرة أخري. وبعد أن نشرت الوقائع في بعض الصحف وتحدث عنها بالتفصيل يوسف الحسيني في برنامجه السادة المحترمون, تذكر السيد المستشار المحافظ أن الدستور المصري تنص المادة 63 فيه على أن (التهجير القسري التعسفي للمواطنين بجميع صورة وأشكاله جريمة لا تسقط بالتقادم), وأن الماده 14 من العهد الدولى للحقوق السياسيه والمدنيه تمنع الجلسات العرفية (لكل فرد الحق فى ان تكون قضيته امام محكمه مستقله حياديه منشأه بحكم القانون) علاوة على مخالفه للدستور المصرى نفسه والذى ينص على (يحاكم الشخص امام قاضيه الطبيعى والمحاكم الاستثنائيه محظور), فتحرك وأعاد الأسرة المهجّرة إلي بيوتها ولكن لم نسمع عن تعويضاتهم عن الخراب الذي طال بيوتهم وحقولهم أو إعادة ما أخذ منهم كجزية, كما لم نسمع عن عقاب أو مساءلة الذين تسببوا في هذا الغبن. وليست هذه الحالة هي الأولي ولكن سبقتها حالات كثيرة في نجع حمادي والإسكندرية وأماكن أُخر, لكني فقطت تحدثت عن الحالة الأخيرة.
نأتي للحالة الثالثة وهي انشعال الأكليرس جميعهم من البابا حتي أصغر كاهن بالحشد في ألمانيا وما يجاورها من دول أوروبا لتأييد الرئيس في زيارته لألمانيا وأنا لا أشجب ذلك بل أوأيده ولكن ألم يفكروا بإرسال خطاب أوبرقية للرئيس يحسّوه أو يذكروه أن هناك مشكلات قبطية تحتاج منه لنظرة. أوحتي نشجيع الحشد المؤيد برفع لافتات التأييد ومعها لافتات تطالبه بتحقيق ما وعد وجعل الأقباط مواطنين من الدرجة الأولي. وأخيرأ أرسل البابا برقية تأييد للرئيس لم يذكر فيها كلمة واحدة عن مشاكل ألأقياط المسيحيين: “بكل مشاعر الاعتزاز والتقدير وباسم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وباسم المجمع المقدس وكافة الهيئات الكنسية نهنئ سيادتكم بالعام الأول على انتخابكم رئيسًا لبلادنا المحبوبة مصر ونشكركم على الإنجازات التي تمت خلال هذا العام في كل المجالات داخليًا وخارجيًا وأتعابكم وأسفاركم وقيادتكم الحكيمة لكل المصريين وندعو لكم بموفور الصحة والسلامة والعمر الطويل، دمتم سيادة الرئيس قائدًا ورمزًا مصريًا عاليًا بين الأمم”
وأخيرا نحن نشكر السيد الرئيس علي إنجازاته الداخلية والخارجية التي أعادت لمصرنا هيبنها ومكانتها ودورها الطليعي الرائد, ولكن نحن نأخذ عليه إطلاق يد السلفيين علي الأخص حزب النور المخالف للقانون والدستور, وعدم الحد من سطوتهم وما يقومون به من تحرش بالأقباط وتلفيق التهم بازدراء الدين وتهجير العائلات من منازلهم قسرا بجلسات عرفية مخالفة للدستور والقانون يبتزون فيها أموالهم ويعتبرونها جزية. إني يا سيادة الرئيس أشعر بالعار أن يحدث ذلك بعد ثورثين دفعنا فيها من دماء أبنائنا ثمنا فادحا حيا في وطن عشقناه ودافعنا وثرنا من أجل كرامته, ويكون مردودنا تهجير قسري لأسر مسيحية في محافظات شتي كالاسكندرية والمنيا وبني سويف علي مرأي ومسمع من الجهات الأمنية والرسمية للدولة بحجة حمايتهم, كيف نستوعب ذلك وأنت من قلت أن المصريين كلهم سواء وأن كل المصريين في عينيك. كما أن هناك 120 جلسة عرفية تمت فى مناطق متنوعة من مصر منذ بداية العام الحالى 2015 وحتى الآن وهو الأمر الذى يعنى وداعا لدولة القانون وترحيبا بدولة المصاطب وحكم السلفيون الذين زاد جبروتهم حتي سمعنا من يقول أن السيسي يحكم مصر والسلفيون يحكمون اللأقباط المسيحيون. فقط نذكركم بأن السلفيون أشد خطرا علي البلاد وعليكم من الأخوان لأن لهم نفس التوجهات والمطالب والتطلعات. يكفرون كل من يؤمن أو يطالب بالدولة المدنية. سيادة الرئيس أظنك شاهدت بعينيك كم المسيحيين الذين أيدوك وهتفوا لك حتي صعدت أرواح عدد منهم إلي بارئها وهم في طريقهم لتأييدك وأنت في جولتك الأوروبية وأعتقد أنك لاحظت أوشاهدت أن غيرهم هم من بثيرون الشغب والإساءة. نتمني من سيادتكم تولي قضية الأقباط بأنفسكم حتي تري كم قاسينا وصبرنا ونتمني أن يكون آخر صيرنا خير علي يديكم.

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …