الثلاثاء , نوفمبر 19 2024

الطلاق؛ و الزواج الثاني« زواج الشهر العقاري»

نانا-258x300

بقلم : نانا جاورجيوس

هناك مغالطات جسيمة يقع فيها كثيرين عن عمدٍ أو بجهل أو لأغراض تحريضية أو مِن كل مَنْ له مصلحة في إثارة هذا الموضوع كل فترة، ومن الصحافة الترويجية والإعلام الموجّه غالباً وسائل تحريضية عن عمدٍ توظفهم الحكومات لنشر وإيصال ما تريده للمجتمع و عامة الشعب. فالإعلام وبعض مؤسسات وأجهزة الدولة ومسؤوليها نجحوا في تأليب وإثارة وإستقطاب المأزومين من داخل الكنيسة وكل من له خصومة مع رجل دين لتوصيل فكرة أن الكنيسة هي من تعرقل طلاقهم و زواجهم الثاني أو بالأصح الزواج الثاني المدني« زواج الشهر العقاري»!!
المشكلة المفتعلة الأخيرة داخل الكاتدرائية إللي كل فترة يفتعلها المتاجرين بقضايا الأقباط والمأزومين من أقباط لائحة 38 من طالبي الطلاق و الزواج الثاني، لدرجة أن بعض هؤلاء المأزومين ومن يتزعمهم إنضموا لحزب النور السلفي ومرشحون على قوائم السلفيين مكيدة منهم ضد الكنيسة!
أولاً البابا شنودة الثالث ربنا ينيح روحه قالها صريحة للقضاء الذي أصدر أحكاماً مؤدلجة تخالف شريعة المسيحية و وصاياها الإنجيلية .. لا .. لأحكام قوانين القضاء التي صدرت مخالفة لشريعة الكنيسة في الطلاق والزواج الثاني ومخالفة شريعة «الزوجة الواحدة»، يوم تدخل القضاء والإعلام الفاسد ضد الكنيسة ليأخذوا أحكام قضائية على البابا نفسه لتركيعه وإخضاعه سياسياً كلما طالب الحكومة بحل مشاكل الملف القبطي، وخرج شعب الكنيسة بعد تصريحه البابا وهم يؤيد ويصفقون لموقفه الرافض لأحكام القانون التي تخالف وصايا الإنجيل وتعاليم المسيح. فلماذا الأحكام القضائية لم تتخذ مثلاً ضد الكنيسة الكاثوليكية وتقع فقط على الكنيسة الأرثوذكسية؟! هل لأن الكنيسة الكاثوليكية تخضع لبابا روما والتي لا تستطيع الحكومة أن تأخذ أحكام قضائية ضده ؟! ولماذا لا يثور شعب الكنيسة الكاثوليكية ضد كنيستهم، أم أن الأسر الكاثوليكية ليس عندها مشاكل يطالبون معها بالطلاق والزواج الثاني؟! رغم أن الكنيسة الكاثوليكية أشد صرامة في تطبيق قوانين فلا زواج ثاني ولا تعترف بالطلاق ولا حتى الطلاق لعلة الزنا، وبالتالي لا زواج ثانٍ ينتظره أحد من شعب الكنيسة الكاثوليكية الذين أصبحوا مضرب المثل في عدم السماح بالطلاق ولا بالزواج الثاني، لما نقول « ده زواج كاثوليكي» أي زواج مؤبد لا فكاك منه، قد ينتهي بالإنفصال ولكن لا طلاق فيه أبداً.
ومع هذا نجد الكنيسة المصرية منحت عشرة أسباب للطلاق بما فيها علة الزنا التي كانت تمثل من قبل الحالة الوحيدة التي تتوجب الطلاق، رغم أن السيد المسيح حدد للطلاق سبب واحد هو علة الزنا لأن الزنا كسر للعهد المقدس الذي قطعه الأزواج مع الله. فهي لا تمانع في الزواج الثاني« كنسياً » في حد ذاته بدليل أن الأرامل يتزوجون، هي مقيدة فقط بـ «شريعة الزوجة الواحدة» وتمنح الزواج الثاني للطرف المجني والذي يثبت تضرره. بل ترفض « مبدأ التعددية في الزواج» بحسب تعاليم الإنجيل بآيات صريحة و واضحة. حتى زواج المطلقين ليس له طقساً كنسياً ولا مراسم للزواج الثاني بل هناك مراسم كـ « حِلَّا كنسياً» للزواج الثاني للأرامل.
لأن زواج المطلقين لغير علة الزنا هو ضد شريعة الزوجة الواحدة فهو «زنا » ناتج عن تعدد الزوجات في آنٍ واحد، فإن كانت الكنيسة لم تعترف بطلاقه المدني ذو المرجعية الإسلامية فكيف تزوجه زواج ثان وهو بنظرها متزوج زيجة أولى بحسب الأسرار المقدسة الكنسية والذي هو عهد مقدس أمام الله؟! هنا الكنيسة أمام حالة التعددية في الزواج. لذلك أصدرت الكنيسة بياناً رسمياً بأنها «لا يمكنها الخروج على القواعد التشريعية والدينية تحت أى ظرف من الظروف، أو ممارسة ضغوط عليها للخروج على هذه التشريعات». ويستحيل للكنيسة أن تعترف بهذا الزواج المدني« زواج الشهر العقاري» لأنه يعتبر تفريط في إيمانها وعقيدتها وتعدي على قدسية أسرارها المقدسة التي تأسست عليها منذ عهد الكنيسة الأولى ذات التسليم الرسولي.
فلماذا كل هذه المحاربات ولمصلحة من، سوى جماعة باعت ضميرها لتتاجر بأوجاع الناس وخراب البيوت؟!
ولمن يسعون للطلاق والزواج المدني فلماذا سعيتم للزواج بحسب شريعتها من الأساس، خصوصاً إن كان تطبيق قانون الأحوال الشخصية ليس من سلطة الكنيسة بل الدولة، وطبعا كلنا نعلم سبب رفض الدولة وكل الدول العربية والإسلامية فكرة السماح بالزواج المدني « زواج الشهر العقاري» لأن شريعة هذه الدول ترفض زواج المسيحي من مسلمة وترفض أن ترث الزوجة المسيحية زوجها المسلم؟! فرفض هذا القانون هو رفض من جهة الدولة وليس من جهة الكنيسة، تماماً كما أن التطليق المدني يتم بحسب « القانون المدني للأحوال الشخصية ذو المرجعية الإسلامية».
ولأن عقد الزواج المدني وأي عقد مبرم بين طرفين شرطه الأساسي هو الإيجاب والقبول وهو عقد زواج قائم في كل دول العالم ،إلا في مصر والدول العربية والإسلامية لأسباب أهمها أن الزواج المدني يمثل خطورة على الشريعة الإسلامية وليس على الشريعة المسيحية، لأنه سيفتح باب مخالفة أحكام الزواج الديني والذي يقر: «لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل» ، فشرط الولي وشرط «العلنية» أي إشهار الزواج هما أهم شروط مراسم الزواج عند المسلم، فلو سمحت الحكومة بالزواج المدني فشرط« العلنية » غير ملزم عند إبرام عقد الزواج المدني في الشهر العقاري، لأنه لن يكون هناك ضرورة لشهادة شاهدين والذي هو شرط أساسي من شروط الزواج الإسلامي أمام المأذون وإثنين من الشهود. أما عقد الزواج المدني ليس عليه قيود، سوى شرط واحد فقط هو وصول الطرفين لسن الأهلية. كذلك حق الطلاق بالإرادة المنفردة هو حق إسلامي للرجل المسلم دون المرأة المسلمة، اما العقد المدني ستتساوي فيه المرأة مع الرجل في حق الطلاق بالإرادة المنفردة عن طريق فسخ العقد المدني بالشهر العقاري.
اما أهم الأسباب في رفض مشروع الزواج المدني من وجهة نظر أنظمة الدول التي لا تفصل السياسة عن الدين خصوصاً أن دساتيرها إسلامية يستحيل معها تطبيق هذا الزواج المدني و لن تسمح بسببه لجميع طوائف الشعب بإستخدام هذا النوع من الزواج، وهو ألا يُسمح للرجل المسيحي بالزواج من إمرأة مسلمة فهو عقدٍ يهدد شريعة الدين، ولكي لا يسمح للأبناء بإختيار دينهم بإرادة حرة بين الأديان، فالطرف الذي يترك الإسلام يؤخذ أولاده منه إجبارياً والطرف الذي يدخل في الإسلام يدخل بأولاده معه برضو إجبارياً ولا يتركهم للطرف المسيحي، وهي تعتبر أسلمة قسرية للأطفال المسيحيين الذين يتضررون من طلاق الوالدين بدخول أحدهما الإسلام ليقع الطلاق!! ولهذه الأسباب وضعت خانة الديانة في البطاقة الشخصية وترفض الدولة رفعها من البطاقة لأن المسألة عنها مسالة أمن قومي!! فكيف تسمح بالزواج المدني للمسلم. فإن حدث سيقتصر تطبيقه على غير المسلمين ولكن لن يطبق بأثر رجعي لمن يطالبون بالطلاق والزواج الثاني لأنهم تزوجوا بعقود ومراسم كنسية لا مدنية أي لن يستفيد من الزواج المدني إلا من سيتزوج به بعد تشريعه.
و دليل أن الكنيسة لا علاقة لها بهذا القانون المدني أن كل حكومات دول الغرب المسيحي تشرع قانون مدني للزواج ولم تعترض عليه الكنائس الغربية ليس لأنها كنائس غربية متحررة، فالكنيسة واحدة في كل مكان تطبق تعاليم الإنجيل وشريعة الزوجة الواحدة، ولكن هي ذاتها الكنائس إللي لا دخل لها فيما تشرعه الدولة لأن هناك فصل بين الدين والدولة في دول الغرب، و رغم هذا لا تملك الكنيسة الغربية أن تصرح بالزواج الثاني وتنقض تعاليمها وأسرارها المقدسة ، فلا تستطيع أن تنقسم على ذاتها لتعترف بالزواج المدني وكأنها تقول لشعبها تزوجوا خارج الأسرار المقدسة الكنسية، بالظبط هذا موقف الكنيسة القبطية الأرثوذكسية والكاثوليكية، لا تمانع الزواج المدني خارجها ولكنها لا تملك أن تعترف به ولا أن تطبق الزواج الثاني كنسياً لأنها أولاً ليست جهة رسمية ثانياً لا تستطيع أن تخالف ضميرها وإيمانها و إنجيلها لأجل كل شخص يريد الطلاق والزواج الثاني!.
و الحكومة تعلم جيداً كل هذه الأمور لهذا من وقت لأخر نجد هذه الهوجة يثيرونها المغرضين ليظهروا للمجتمع أن الكنيسة هي سبب عرقلة الطلاق و الزواج المدني، رغم علمها جيداً أن الكنيسة ليست جهة رسمية ولا تشريعية لقانون مدني و مسئولية تطبيقه من أولويات الحكومة ومجلس الشعب و الجهات التشريعية بالدولة. لهذا سنجد الحكومة ستلقي بمشروع الزواج المدني على «مجلس الشعب القادم» و الذي بدوره سيرفض رفضاً تاماً لأنه يخالف الشريعة الإسلامية وليس المسيحية. أقولها ثانية للمتاجرين بأوجاع الناس ومشاكلها: مشروع الزواج المدني سيرفضه مجلس الشعب لأنه يخالف تطبيق الشريعة الإسلامية لا المسيحية !.

شاهد أيضاً

رحمة سعيد

كيف نحمي البيئة من التلوث؟

بقلم رحمة  سعيد متابعة دكتور علاء ثابت مسلم  إن البيئة هي عنصر أساسي من عناصر …