بقلم / حنان بديع ساويرس
مؤخراً أصدر المدعو محمد عمارة ، رئيس تحرير مجلة الأزهر فى العدد الأخير من المجلة، الذي صدرت برئاسته فوزع كتيبًا بعنوان: ” دراسات غربية تشهد لتراث الإسلام ” هدية مجانية لشهر شعبان ، ضمن الإصدارات المجانية بعنوان ” لماذا أنا مسلم “؟
الكتيب يطعن في المسيحية، عبر مقالات مسيئة للأقباط والإنجيل ، وفيه أن دين الإسلام أعظم دين في الدنيا والمسيحية ديانة فاشلة .
قبل أن أتطرق للرد على هذه المُهاترات المُخزية أريد أن أقول أن ليلة توزيعه لهذا الكُتيب هى نفسها ليلة سقوط وإنهيار عمارة .. بالطبع أقصِد إنهيار ” عمارة ” كاتب وناشر الكُتيب وليست إنهيار عمارة أى “بناية سكنية” … لأنه لا يوجد أدنى شبه بينه وبين العمارة السَكَنية ، فحتى العمارة كبناء هى سكن وراحة وأمان لساكنيها أما هذا العمارة فهو هادم ومُشتت للأفكار ، وأتوقع بأن كُتيبه هذا سيكون بداية نهايته حتماً ، فسينهدم على مُريديه ، ويهوى على مُتابعيه لأن إنهيار العمارة السَكَنية ربما تقتل الأجساد لكن هذا الشخص يقتل الأرواح ويُخِرب العقول وينزع السلام من البشرية !!
– فإذا كان الإسلام ذَاتِه يَعتَرِف ويُقِر بسماوية الديانة المَسيحية وهذا معناه أنها ديانة إلهية … فهل يَعقل أن يُعَظِم الله ويُميز ديانة على الآخرى .. فلماذا يفعل الله هكذا إذا كانت كل الديانات منه وهذا حسب العقيدة الإسلامية ؟!!
– فإذا كان الإسلام يعتقد فى أن المسيحية ديانة سماوية .. فإذن ما تقوله يَعِد كُفر وإرتداد بما جاء بعقيدتك وإزدراء للمسيحية فى نفس الوقت !! فكيف تجرأت أن تتهكم على ديانة المفروض أنك كمسلم لو يعرف دينه حقاً فعليه أن يُقدِسهَا كديانة سماوية .. فلماذا هذا التناقض أو الجهل والتجرأ على توصيف المسيحية بالفشل !! فكيف يخلق الله ديانة فاشلة .. فكيف وأنت إنسان محدود الفكر تصف أعمال الله وقدرته وحكمته بالفشل ؟!!
* فقد قدم عمارة الكُتيب تحت عنوان “مهداة إلى الذين يعتزون بتراث أمتهم وإلى الذين يهرفون بما لا يعرفون “، وفيها يؤكد المُفكر الأزهرى أن الغرب يقدر الإسلام ، ويقول ضمنيًا إنه أصبح ينبذ المسيحية .
– عن إعتزازنا بعقيدتنا فهذا فخر لنا ووسَام على صدورنا وهذا لأننا نعلم جيداً ماهى عقيدتنا أما عن خرافاتك البالية بأن الغرب أصبح ينبذ المسيحية !!!
فهنا لى تساؤلات ؟!!!
– فكيف أصبح الغرب ينبذون المسيحية وعدد المسيحيون على مستوى العالم حوالى 3 مليار نسمة مُعظمهم يتمركزون فى دول الغرب ؟!!
– لا أعلم فهل أنت تخاطب هنوداً أم تخاطب من هم فى مستوى ذكاءك ؟!! وقد قال عن أمثالك السيد المسيح ” أعمى يقود أعمى يقعان كلاهما فى حُفرة “
فعندما يتحدث الجاهل على أنه دكتور، ويكون حَكيماً فى عين نفسه فماذا ننتظر أن تكون ثقافة العامة … فيقول المدعو عمارة أن المسيحية ديانة فاشلة !!!! فيجاوبنى إذن على أسئلتى …. لماذا المسيحية فاشلة ؟!!
– هل حَث المسيحية على المحبة ومُباركة الأعداء فشل ؟!! فقد قال السيد المسيح له كل المجد ” أحبوا أعداءكم ، باركوا لاعينكم ، صلوا إلى مُبغضيكم “
– هل التعاليم التى تحث على إطعام الجياع .. ورُواء العطاشى .. وإيواء الغرباء .. وكساء العرايا .. وزيارة المرضى والمحبوسين هى الفشل فماذا يكون النجاح إذن ؟!!!!!
وقد جاء هذا بإنجيل متى ” ص 25 ، عدد 34 : 40 ” ثم يقول الملك للذين عن يمينه تعالوا يا مُباركي ابي رثوا الملكوت المعد لكم منذ تأسيس العالم. لاني جعت فاطعمتموني.عطشت فسقيتموني ، كنت غريبا فآويتموني ، عريانا فكسيتموني ، مريضا فزرتموني ، محبوسا فأتيتم اليّ ، فيجيبه الأبرار حينئذ قائلين ، يا رب متى رأيناك جائعا فاطعمناك ، أو عطشانا فسقيناك ، ومتى رأيناك غريبا فآويناك ، أو عريانا فكسوناك ، ومتى رأيناك مريضاً أو محبوسا فأتينا اليك ، فيجيب الملك ويقول لهم الحق اقول لكم بما أنكم فعلتموه بأحد أخوتي هؤلاء الأصاغر فبي فعلتم .
– فهل مَغفرته للحَمقَى والخُطاة والمُجرمين .. حتى صالبيه .. فشل ؟!! عندما قال ” يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ”
– فعندما قطع بطرس أذن عبد رئيس الكهنة عندما جاءوا للقبض على السيد المسيح قال له السيد رد سيفك إلى غمده لأن من أخذ بالسيف ، بالسيف يُأخذ .. وهذا معناه أنه نَبَذَ ورفض القتل والعنف والإرهاب الجسدى ، وكان رده وآرائه فى كثير من المواقف على الكتبة والفريسيين تارة أو الناموسيين و كهنة اليهود المتشددين تارة توضح مدى نبذه ورفضه للتطرف الفكرى .
– فهل من قال كونوا بُسطاء كالحمام ، حُكماء كالحيات .. وقال سلامى أترك لكم ، سلامى أعطيكم ” يَصنع فشلاً ؟!!
– فإذا كانت الديانة التى تدعو إلى كل هذه الفضائل ديانة فاشلة من وجهة نظرك المُتطرفة .. فألف أهلاً لهذا الفشل اللذيد الداعى للمحبة والسلام والمَغفرة ونبذ العُنف والإرهاب والتطرف .
– فقد أستطرد قائلاً تحت عنوان ” فشل المسيحية في الشرق الأوسط ” أن الجانب المُهم في إنجاز الإسلام في الشرق الأوسط هو أنه حل محل المسيحية، وأن السبب الجوهرى لذلك هو الضعف الداخلي للمسيحية، أو كون بذور الضعف في قلب المسيحية .
– فأقول لك أن وجود المسيحية فى الشرق الأوسط إلى يومنا هذا هو قمة النجاح والقوة بل إن دل على شئ يدل على مدى ثباتها وقوتها وعظمتها وليس ضعفها ، وثبات مُعتقديها على إيمانهم إلى اليوم ما هو إلا تأكيد إلهى على إنها ديانة حقة .. فرسوخها إلى اليوم ما هو الا مٌعجزة ورعاية إلهية خاصة لأتباعه وإلا كانت إنقرضت المسيحية مُنذ عقود طويلة بسبب الإرهاب البدنى والفكرى والعُنف الذى مارسه المُتطرفين أمثالك ضد مُعتقديها عبرالعصور المُتلاحقة لا سيما مُنذ الغزو العربى خاصة فى مصر كفرض الجزية أو قتل من لا يترك إيمانه إما الإجبار على تغيير دينه !!!
– ويضيف أن علينا أن نبحث عن جذور فشل المسيحية بمُعالجة موضوع المسيحيين الشرقيين، فعندما كانت تطرح القضايا اللاهوتية المُختلفة عليها أمام المجامع المسكونية العالمية كان اليونانيون يستبعدون المسيحيين الشرقيين من حق التصويت “
– لا أدرى هل مشكلتك هى فشل المَسيحية أم حقدك على المَسيحيين الشرقيين و إتهامهم بالفشل ؟!! فماذا تريد أن تثبت ، فشل المسيحية أم فشل المسيحيين الشرقيين ؟!!
–
– لن أتطرق لإختلافات ومُنَازَاعَات قديمة بين الطوائف لن تفيد فى جدالك العقيم هذا … لأنه ليس مَجَالنا الآن ، لكن سألقى الضوء على فشلك الساحق فى التشكيك فى المسيحية ليعلم القارئ الواعِ ما هو هدفك من هذه التناقضات والإنحرافات الفكرية .
– فأراك تتغزل فى المسيحيين اليونانيين وتُهاجم المَسيحيين الشرقيين .. إذن المشكلة عندك ليست فى فشل المسيحية كديانة !! لأن تأييدك الواضح بيت طيات كلامك لليونانيين يوضح أن القضية ليست لها علاقة بالمسيحية فإن كنت أيها الجاهل تؤيد بعض الطوائف المَسيحية فإذن أنت تؤيد الديانة المسيحية لكن لا تؤيد المسيحيين من الشرقيين وهناك فرق شاسع ، فلماذا إذن تصف المَسيحية بالفشل ؟!!
– الغريب أن هذا الكتيب التافه يوزع مجاناً لضمان توزيعه لأنه يبدو أن هذا العمارة لا يقرأ له أحد لذلك يوزع تطرفه مجاناً ليُقرأ إجباراً .. فالمسيحيون يدفعون الضرائب الذى ينفق منها الأزهر على مشروعاته كما المُسلمين ، ومع ذلك لم يَكتفِ بأنه لا يحق لهم الدراسة بجامعة الأزهر لكن الأدهى أن تُسَب عقيدتهم وتُطعن ديانتهم وعلى نفقتهم الخاصة !!!
– أقول لك أيها المدعو عمارة بأنه قد بات سقوطك وإنهيارك وشيكاً كما قال الكتاب ” قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح ”
– أما عن الديانة المَسيحية التى تحاربها من آن لآخر فإن دل على شئ يدل على ضعفك وركاكة حُجتك لأن الشئ الهش الضعيف كما تدعى لا يُقاوم لأنه ضعيف فلا يخشاه أحد .. أما القوى فهو الذى يخشاه الضعيف ويُحاربه ويتمنى سقوطه .. فالمسيحية التى ترتعد منها وتزعجك قال عنها السيد المسيح الإله الحى ” إن أبواب الجحيم لن تقوى عليها “
الوسومحنان بديع ساويرس