السبت , ديسمبر 28 2024

أرنست أرجانوس جبران يكتب: هل جلستَ مع سامرىٍ .. هل زرتَ فريسياً .. !!

ارنست أرجانوس جبران
ترددتُ كثيراً الخوض فى هذا الموضوع .. خوفاً من إساءة فهمى .. حيث أن هذه الفكرة كثيراً ما كانت تراودنى منذ سنين هذه عددها .. بل إصدقونى القول .. إنها سكنت فى خاطرى ليلاً ونهاراً .. ولكن بالتحديد ليلة أمس العاشر من مايو 2015 .. دُعِيتُ أنا وزوجنا المصون لحضور إجتماعٍ خاص فى منزل أحد الأحباء وبحضور أبينا الورع يونان لبيب ومعه الشماس الحبيب نادر شهاد والذى سيكون كاهناً لكنيسة الإسكندرية الأمريكية الأرثوذكسية .. هذه الفكرة الجديدة .. لكنيسة توجه خدمتها للمجتمعات الأمريكية والى أبنائنا الناطقين بالإنجليزية .. هذا كله إن أراد رب الأرباب وملك الملوك لهذا المشروع أن يرى النور .. نعم .. كان موضوع العظة والتى قدمها الشماس الشاطر نادر باللغة الإنجليزية من إنجيل لوقا والأصحاح العاشر عن السامرى الصالح .. وكم كان النقاش ممتعاً مع الحضور الكرام .. كيف تكون محبة الأعداء .. وكيف نحب بعضنا بعضاً حتى نغفر خطايا الآخرين ونتغاضى عن هفوات بعضنا البعض .. وعدت الى المنزل .. ولم أستطع الخلود الى النوم مبكراً .. بل كنت ساهراً الى منتصف ليلة أمس تقريباً متأملاً فيما قام به هذا السامرى .. سائلاً نفسى ومتسائلاً .. هل مسيحيتنا التى نعيشها ونتعايش معها هى المسيحية الأصلية التى يريدنا السيد المسيح أن نحياها والتى علمنا إياها فى كتابه المقدس ؟؟ .. !!.. واستيقظت فى الخامسة صباحاً .. وهنا .. جاءنى صوت الكتابة .. ” قم واكتب ” .. وها هو العنوان الذى أراد به الله أن يكون موضوعاً للمقال ” هل جلستَ مع سامرىٍ .. هل زرتَ فريسياً ” ..!! وبمعنى آخر هل سبق وأن جلست مع آخر يختلف عنك فى العقيدة أو الطائفة .. هل خبّرته عن إيمانك القويم الرأى .. وهنا وجب علىّ أن أدلى بدلوى .. عن موضوع السامرى الصالح .. وكما يقول الكتاب .. “إنسان كان نازلاً من أورشليم الى أريحا فوقع بين لصوص فعروه وجرحوه ومضوا وتركوه بين حي وميت” ومر به الكاهن ثم اللاوى .. وهذان الإثنان يعتبران من حافظى الناموس ومن مطبقى الوصايا والشرائع اليهودية .. وهذا المجروح الملقى على قارعة الطريق يعتبر قريبهما حسب الديانة اليهودية وتعاليمها .. إلا أنهما “جازا مقابله” .. أما هذا السامرى الغير يهودى والذى لا يتعامل مع اليهود .. لما رأى حالة ذلك اليهودى المحتاجة الى إسعاف سريع ، تحنن وتقدم مضمداً جراحاته على الرغم من قوانين التديّن السارية تدعو الى عدم التعامل مع اليهود .. وكما قالتها صراحة المرأة السامرية للسيد المسيح .. ” كيف تطلب منى لتشرب وأنت يهودى وأنا إمرأة سامرية لأن اليهود لا يعاملون السامريين ” قالتها السامرية ، عندما تقابلت معه فى منتصف حر النهار بعد أن قطع السيد المسيح تلك المسافة الطويلة خصيصاً لرؤيتها .. معطياً لها درساً مس قلبها وقلَبَ حياتها رأساً على عقب .. جعلها تترك جرتها .. وراحت تبشر وتكرز بإسم السيد المسيح ” هلموا انظروا إنساناً قال لى كل ما فعلت ” هكذا كان السيد المسيح يذهب الى السامرين يخبرهم ويعلمهم .. ليس هذا فحسب .. أيضاً كان السيد المسيح لا يمانع زيارة منازل الفريسيين .. ونحن نعلم قصة المرأة الخاطئة وقارورة الطيب حيث كان السيد المسيح مدعواً فى منزل سمعان الفريسى ..
وهنا وجب علىّ كأرثوذكسى .. أن أسأل نفسى .. هل أنا فعلاً .. أطبق كلام السيد المسيح وأحذو حذوه .. هل أقوم بزيارة أحد السامرين .. أقصد “وبالطبع هذا كمثال فقط” .. أحد الذين لا يحضرون كنيسنا .. آي .. هل أذهب الى كنائس أخرى .. أتعلم منهم ويتعلمون منى .. وإن كانت هناك مفارقات .. أخبرهم بتلك الإختلافات .. وإن كانت هناك إيجابيات أتعلم منها .. نعم .. لماذا لا نكمل بعضنا بعضاً .. بكل محبة وتواضع .. تاركين ” الأنا ” فى منطقة “إنعدام الوزن” .. ثم .. لماذا لا أدعوهم بأن يزورا كنيستى وأرحب بهم ..حتى ولو كانوا غير مسيحيين .. هكذا تكون المحبة النابعة من القلب .. هكذا يريدنا السيد المسيح .. ألا نفرق بين مَن هو أرثوذكسى أو كاثوليكى .. أو إنجيلى .. ليتنا نحب بعضنا بعضاً بغض النظر عن الطائفة أوالطائفية التى تفرق ولا تجمع .. حيث أننى أتذكر حادثة حدثت قبل عدة سنوات .. وأننى لآسف لذكرها هنا ولكننى أعتقد بأن مناسبة المقال .. تحتم علىّ ذلك .. حتى لو كان ذكرها مؤلماً .. لكن أيهما أهم الألم الدنيوى أم الألم الأبدى !!.. جاء أحد الأحباء .. حيث قمتُ بدعوته الى كنيستنا .. وكنتُ واقفاً بجانبهِ وأثناء ما كان الأب الكاهن يبخر بالشورية ، توقف عند هذا الصديق وقام بسؤاله .. هل أنت أرثوذكسى .. !! ؟؟ .. حقيقة ، شعرت بالحرج والألم .. قمت بالإعتذار لصديقى الذى نظر إلىّ نظرة مليئة بالإندهاش .. وبالطبع كانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة لهذا الضيف .. لا أدرى .. هل هذا السؤال يجب أن نسأله لكل ضيف يدخل كنيستنا ؟ .. لماذا ياربى .. هل الأرثوذكس هم الوحيدون الذين سيدخلون الفردوس ..!! .. وماذا عن الإنجيليين أو الكاثوليك الذين يسافرون الى باكستان وأفغانستان وإيران وتركيا .. الخ .. ليبشروا بإسم السيد المسيح .. ثم يسجنوا ويُعذبوا أو يقتلوا هناك .. أيهم خدم الرب أكثر .. هل أنا المرتاح داخل كنيستى .. أصلى وأرجع الى منزلى آمناً مطمئناً وقد أكون قد ذهبت مثلما رجعت .. دون أى زيادة فى القامة الروحية .. نعم أيهم أحب الرب أكثر .. الأرثوذكسى الذى ذهب الى كنيسته ورجع الى بيته .. أم ذلك الشهيد الكاثوليكى أو الإنجيلى .. الذى ترك كل شئ ومات شهيداً قائلاً “لى اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً” .. وكما قال السيد المسيح :” مَن أحب أباً أو أماً أكثر منى فلا يستحقنى ومَن أحبَ إبناً أو إبنة أكثر منى فلا يستحقنى” .. وبمناسبة الفكرة الجديدة لبناء الكنائس الجديدة التى ستبث خدماتها للأحباء الأمريكان .. هل سنسأل كل شخص يدخلها .. هل أنت أورثوذكسى ؟؟؟ .. !!! .. حقيقة وعلى الرغم من أن الله هو الذى سيعطى الضوء الأخضر لقيام المشروع أو عدمه .. إلا مشورة الشعب ضرورية فى مثل هذه الأحوال .. هذا لا يمنع أن أعطى رأياً وقد يوافقنى عليه بعضٌ أو قد لا يوافق البعض الآخر .. حيث أننى أرى ، ان بناء الكنيسة المبنية على المحبة ووحدتها من الداخل .. فلنبدأ من “أورشليم” أولاً .. ثم اليهودية ، السامرة ، والى أقصى الأرض ..كيف نبنى كنيستنا من الداخل أولاً .. فإذا ما امتلأت بالمحبة الحقيقية ، ستنضح محبة وتعليماً الى الخارج .. فالكنيسة الجديدة الأمريكية .. ستبعد أبناءنا عن الكنيسة الأم .. وهناك الكثيرون مثلى الذين يرون أبناءهم المتزوجين وأبناء أبنائهم فى الكنيسة التى إعتادوا عليها مرة واحدة فى الأسبوع وذلك لصعوبة الحياة .. فإذا ما قاموا بترك الكنيسة الأم وذهبوا الى الكنيسة الأمريكية بحجة اللغة الإنجليزية .. ألا يؤثر هذا فى تخلخل المجتمع الأسرى و القبطى ككل ..!! .. فكما اعتدنا بعد انتهاء الصلاة ، أن نجتمع سوياً .. جميع الأسر نجلس سوياً نتفقد أحوال بعضنا البعض .. وهذا يتعرف على ذاك أو تلك .. نعم حيث يتعرف الشباب والشابات على بعضهم البعض .. وقد يحدث التوافق ثم الزواج .. ولكن إذا ذهب شبابنا الى الكنيسة الأمريكية قد يختلف الوضع .. وحيث أن أغلب الأسر لا تتقابل إلا فى الكنيسة بالمناسبة والغريب فى الموضوع أن كنائسنا تقام فيها القداسات يوم الأحد باللغة الإنجليزية وقليلاً من القبطية والعربية تقريباً نسبتها حوالى الواحد بالمائة أقصد الجزء العربى .. لا أدرى .. هل تغيير إسم الكنيسة وتحويلها تحت الإسم الأمريكى ، هو الذى سيجلب الأحباء الأمريكان الى الكنيسة الجديدة .. ولا يمكن جذبهم الى كنائسنا الحالية بطريقة أو أخرى .. مثل الزيارات والإفتقاد لا أدرى .. لكن ماذا أقول ..الرب هو عالم بالخير .. وكما يقول المثل :” الخيرة فيما يختارها الله ” .. نعم .. وليكن اسم الرب مباركاً .. ونعود الى موضوعنا .. وهو عملية التلمذة والكرازة .. بالنسبة الى الشعب الأمريكى وغيرهم .. وماذا عن أحبائنا المسلمين ..!! قال السيد المسيح .. إذهبوا وتلمذوا جميع الأمم .. اكرزوا بالإنجيل .. ولكن وللأسف الشديد لدينا أسلوب آخر أسميه أنا ” أسلوب القوقعة ” الذى نحن فيه .. هل هذا أسلوب التلمذة ..!! هل هذا هو أسلوب الكرازة ..!! .. يا أحبائى .. لماذا نتعالى على الآخرين .. لماذا لا نكمل بعضنا بعضاً .. ولماذا يكون وللأسف الشديد ديدننا الإدانة .. بل الإدانة فقط .. مثل .. “هذا بروستاتنتى” .. “هذا تعاليمه بروستانتية” .. يا إخوتى حتى أبونا الورع مكارى يونان لم يسلم من هذه الجملة .. وللأسف الشديد .. الذى يدمى القلوب .. هذه المقولة تصدر من بعض الأساقفة المعروفين .. يقولون عن أبينا مكارى يونان .. رجل الله الذى أحترمه .. بل إجله لأن الرب يسوع معه وحال فى وسط الكنيسة .. يقولوا .. ويتقولون عليه باطلاً .. ألا يعتبر هذا نوع من أنواع الإدانة ..!! .. لماذا .. لا نريد إن نخرج الخشبة التى فى عيوننا أولاً حتى يتسنى لنا أن نرى القذى الذى فى عيون الآخرين .. حقيقة أن أبانا مكارى يونان يحزن كثيراً عندما تأتيه مثل هذه الإتهامات .. ثم مَن نحن لندين الآخرين .. !! هل دخلنا الى داخل قلب الله لندين الآخرين !! .. أم حللنا مكانه .. استغفر الله .. أوكى .. لماذا لا نذهب إذاً .. الى باكستان .. وأفغانستان .. وتركيا .. الخ .. نبشر بكلمة المسيح .. كما يفعل الآخرون الذين؟؟
.. حقيقة .. أنا حزين .. لدينا كنز بل كنوز .. ونحن نخفيها بأيدينا .. مسيحتنا كنز ثمين .. نور ساطع ونحن نريد إخفاءه تحت المكيال .. العملية ليست بناء كنائس يا أحبائى متخصصة لجنس معين أم لطائفة معينة .. مهمة الكنيسة هى بناء النفوس وخلاصها .. كيف نكون أعضاءاً عاملين فى جسد المسيح الواحد .. كيف نمتلئ بالروح .. يجب عند ذهابى الى الكنيسة .. أن أشعر بالفرق بين الدخول وبين الخروج .. لابد من وجود التغيير بين دخولى الكنيسة وخروجى منها .. التغيير الى الأحسن .. وأخيراً ليتنا لا نفرّق بين طائفة وأخرى .. وليتنا نكمل بعضنا بعضاً .. ونعلّم ونتعلم من بعضنا البعض فى محبة وإخلاص .. .. يارب ..

شاهد أيضاً

الحب وطن

بقلم عبدالواحد محمد روائي عربي الحب هو امتداد طبيعي لكل ابداعات حياة ابداعات وطن والحب …