كتب : مدحت عويضة
أثارت كاثلين وين رئيس وزراء أونتاريو الرأي العام في مقاطعة أونتاريو بعد قرارها ببدء تدريس مناهج الجنس في المقاطعة. الأمر الذي يجب أن نتصدى له بكل قوة وحزم، ولكننا كجالية مصرية بذلنا جهود جبارة لنقدم أنفسنا كجالية علمانية منفتحة حرة علينا أن لا نخسر هذه النظرة في مجتمعنا في إطار هذه الحرب، فمثلا اشتراكنا في حربنا المشروعة مع شركاء راديكاليين يخسرنا كثيرا من سمعتنا ويضيع جهودا كبيرة بذلتها الجالية في السابق، فمثلا يحسب لنا كمصريين بالمهجر أننا في ظل معارضتنا لنظام مبارك رفضنا الاشتراك مع الإسلام السياسي المصري فكيف نشترك مع الإسلام السياسي العالمي في مشاريع واحدة الآن؟؟
فعلينا أن نختار شركائنا بعناية إذا، المشكلة الثانية هي أن العالم المتحضر كله أصبح يؤمن بحقوق الشواذ جنسيا وعلينا أن لا نخلط بين معركتنا ضد تدريس مناهج الجنس وبين موقفنا المعارض للشواذ وهي مسائل تحتاج حنكة وخبرة كبيرة في التعامل معها.
كاثلين وين تعتمد علي أن لديها حكومة أغلبية وهذه واحدة من عيوب حكومات الأغلبية، لكنها ارتكبت خطأ غير أخلاقي وربما يمكن أن ينشأ نزاع بأن ما تقوم به غير دستوري أيضا، لأن برنامجها الانتخابي لم يحوي أي إشارة عن عزمها تطبيق هذه المناهج حال فوزها، مما يتيح فرصة لنا بالطعن في القرار بعدم الدستورية لأن القرار ليس بالشئ القليل فهو يؤثر في كل أسرة بالمقاطعة، ولو كانت قد وضعت أو أشارت لرغبتها في ذلك في حالة فوزها لما كان لنا حق في المعارضة فالأغلبية تكون ضمنيا صوتت بنعم للقرار عندما منحت أصواتها لحزب الليبرال، ولكن لكونها لم تشراليه فعليها أن تطرح استفتاء شعبي، وهو الأمر الذي غاب عن كل من تكلم في القضية، وهي ضرورة الضغط علي الحكومة بطرح استفتاء شعبي ليحل هذه المشكلة.
الأمر الأخر، معارضتنا لتدريس الجنس لا ينبغي أن تكون” لا” لمجرد أننا نقول لا، بل ينبغي أن ندرس هذه المناهج بعناية وتكون هناك فرصة لشرح هذه المناهج لأبناء الجالية والتركيز علي النقاط التي نراها غير صالحة، ولكن أن ندعوا الناس للتظاهر ثم نجد وسائل الإعلام تسأل المتظاهرين لماذا أنت معترض هل قرأت المنهج وتكون الإجابة بلا فهذه كارثة، ومشكلة شرح المناهج وشرح أسباب معارضتنا لها مسئولية تقع علي من يدعون الناس للتظاهر.
في المعارك السياسية أنت لا تحصل علي كل ما تطالب به، ويتشابه الأمر في النزاع القضائي، فالمحامي الذكي هو من يضيف لطلباته طلبات أخري تكون غير أساسية بالنسبة له، ولكنه يضعها في طلباته من المحكمة وهو يعلم أنها سترفض بينما هو يهدف لقبول طلباته الأساسية، نعم نحن معترضين لا لتدريس الجنس للأطفال في سن مبكرة، ولكن لو أظهرنا أننا نعارض فقط من أجل السن المبكرة قد نخسر القضية ولكننا نظهر معارضتنا لتدريس المناهج ككل في كل الصفوف فإذا توصلنا لتدريس المناهج في مرحلة سنية أكبر نكون قد حققنا هدفنا.
في المعارك السياسية عليك أن تعد نفسك لتقسيم المعركة لعدة مراحل فإذا خسرت جولة عليك الاستعداد للثانية، فالمعركة الأولي هي معارضتنا للمناهج ككل، الثانية هي معارضتنا لتدريس المناهج للمراحل العمرية الصغيرة، الثالثة هي دعمنا الكامل للمدارس الكاثوليك في رفضها لتدريس المناهج.
ومشكلة تدريس المناهج قد تحل بأحدي الطرق، الأولي أن يتم تدريس هذه المناهج لمراحل عمرية مناسبة ويحظر تدريسها للأطفال في مراحل عمرية معينة، أو أن تقوم الحكومة بطرح الموضوع برمته لاستفتاء شعبي وعلي الجميع أن يحترم نتيجة الاستفتاء.
أما الحل الأخير فهو أن تدرس المناهج في مدارس “البيبلك” وتمتنع المدارس الكاثوليك عن تدريسها، وفي هذه الحالة تتوفر عدة حقول دراسية، منها نسبة التلاميذ الذين سيقومون بالتحويل من مدارس البيبلك للكاثوليك أم من الكاثوليك للبيبلك وهي احصائيات ستعكس المزاج العام لشعب المقاطعة، مع الوضع في الاعتبار هؤلاء الذين يرغبون في التحويل للكاثوليك ولا تنطبق عليهم شروط المدارس الكاثوليك، أعتقد لو حدث هذا لفقد كثير من العاملين في مدارس الكاثوليك وظائفهم نظرا لقلة أعداد التلاميذ، كما سيتوفر لدينا حقول دراسية لكثير من المظاهر تلك التي يعتبرها البعض ميزة للمناهج والتي يعتبرها البعض عيوب بها، كلها ستدرس وبإحصائيات دقيقة لنعرف مدي الفائدة العملية لأبنائنا وما هي الأضرار الفعلية.
ولو طرحت الحكومة
أحدي هذه الحلول تكون قد أبدت مرونة كبيرة، وتكون قد قدمت حلولا مقبولة ومعقولة للمشكلة التي شغلت كل أولياء الأمور في المقاطعة.