الإثنين , ديسمبر 23 2024

جورج البهجوري، بيكاسو مصر العالمي الذي لم يعرفه المصريين!

نانا-258x300

نانا جاورجيوس تكتب :

بيكاسو مصر؛ جورج البهجوري الذي لا يعرفه المصريين ولكن عرفه العالم وكرمه بجوائز عالمية. رسم الحياة وأفكارها ولونها كما حلم وترك خطوطه بصمة واضحة بالفن المصري.
حكاية فنان كاركاتير عالمي ، لا يضع سن قلمه أو ريشته إلا ويرفعها مع آخر خط يخطه في لوحته.كرمه العالم بجوائز عديدة من أرفع الجوائز العالمية وتنكر له وطنه بل سرقوا لوحات عمره خصوصا ما قام بإبداعها في الخمس سنوات الأخيرة وباعوا منها ما باعوه والباقي لم يسترده ولا إسترد قيمة ما باعوه!! أيمكن أن تصل الطيبة إلى هذا الحد وهل يمكن أن تستغل الطيبة إلى أقصى حد من البشاعة والتنكر؟! نعم لأننا نعيش في غابة تنهش فيها الذئاب و تقتات على دماء الحملان والأبرياء.
إنه الفنان القبطي والمبدع العالمي جورج البهجوري. أو (جورج عبد المسيح بشاي شنودة ساليدس جرجس) الذي يعيش بقرية بهجورة التابع لمركز نجع حمادي بمحافظة قنا، تلك القرية التي تعيش فوق صفيح ساخن من الطائفية والإضطهاد والدماء أحياناً كثيرة .مما دفعه بتحذير صحيفة شارل إبدو قبل المذبحة بفرنسا ولم يستمع له احداً فحدث ما حدث. لأنه جرب كيف يعيش وسط نار الفتنة والكراهية الراكدة تحت جلد المجتمع تنحر في جثة وطن مُتهالك،و كراهية تشتعل لأتفه الأسباب و أحياناً كثيرة بلا أسباب! فهو يعلم أن السخرية من الدين لا يمر مرور الكرام عند أولئك المتشددين والمنغلقين على كراهيتهم للأخر.
هذا الفنان البسيط و المتواضع عاش بفرنسا قرابة ثلاثين سنة، إستضافته كثير من دول العالم، أعاد صياغة لوحات أشهر الفنانين العالميين مثل رينوار، مانيه، فان جوخ، بيكاسو، سيزان، أعاد رسم لوحة رامبرانت ورسم فيها نفسه بأسلوب تجريدي تعبيري بدلا من بورتريه و له رصيد كبير من اللوحات التي تحكي تاريخ مصر وتراثها الحضاري من أعلامها وفنانيها، رسم عشقه لأم كلثوم و محمد عبد الوهاب وغيرهم. أقام له الفنان العالمي بابلو بيكاسو معرضاً خاص به في باريس، مثل مصر في معرض بينالي فينسيا. وما زال عطائه مستمراً رغم كبر سنه ورغم تنكر المصريين له!
في كل لوحة كان يرسمها كان يبحث فيها عن أمه، تلك الجرح الذي إنفتح فيه منذ ان فقدها في صغره، وحين فتح عينيه على أيقونة السيدة العذراء تحمل طفلها والهالة النورانية الذهبية تحيط وجهها وطفلها كأنه نور الله على حد وصفه. وحين كبر قالوا له إن الأيقونة مرسومة. من هنا عرف معنى فن الرسم ، خصوصا عندما فقد أمه فكان يتخيل أن هذه السيدة التي بالأيقونة هي أمه، وإنعكست هذه العلاقة الروحانية بينه وبينها على لوحاته وظل معه هذا الإحساس ملازم له حتى الآن ولأكثر من سبعين سنة ليمارس به فنه وكتاباته ونحته.
جورج البهجوري زرع شجرة من نور والحب وعشق الحياة و إضاف بسخاء للعالم من قلبه وفنه، اليوم مجتمعه يتنكر له لأنهم يريدونه يعيش في الظلمة منسياً، منفياً مثل أناس كتيرين مدفونين في قبور المنفى لأن أهل الظلمة يخشون نورهم كي لا يسرقون منهم الأضواء الكاذبة، إنهم يريدون أمثال جورج البهجوري أن يقبع في ظلمتهم قيد الحياة و قيد الموت. يريدونه لا هو حي ولا هو في عداد الموتى !!
هل مازلنا بنسأل لماذا لا يتم تعيين أطباء أقباط في أقسام النساء والتوليد بالمستشفيات والجامعات، رغم أن من أسس القسم الدكتور نجيب محفوظ وهو قبطي صميم أحب هذا الوطن؟!.
هل مازلنا بنسأل ليه لا يتبرع المسلم بدمائه أو بأحد أعضائه للمسيحي ولا يقبلون بان يتبرع المسيحي لهم بدمائه وأعضائه؟!
هل مازلنا بنسأل ليه المسيحي لا يصلح للولاية ولا الوظائف الرفيعة بالدولة، وكأن الفكر والذكاء والنبوغ إنحسر في أصحاب دين دون سواه ؟!
اما زلنا بنسأل ليه المسيحيين لا تصلح شهادتهم أمام المحاكم لأن مَن يوليهم فهو منهم؟!!
نعم، ليس فقط لأنه ليس لنبي كرامة في وطنه، بل لأن لصوص الحياة يسلبون نورها ويسرقون شعلة شريانها الحيِّ، و كجراد يدمرون إخضرارها .

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …