كتبت رشا خالد
أكد الباحث الأثري أحمد عامر أنه علي الرغم مما ناله العمال من تقدير وإهتمام إلا أنه أيضاً قد نالهم جانب من الظلم وإهدار الحقوق فنجد أنه في العام التاسع والعشرين من حكم الملك “رمسيس الثالث” لم تصل المؤن في موعدها فما كان إلي أن قام الكاتب “آمون نخت” في اليوم الحادي والعشرين من الشهر الثاني بإعلان العمال بأنه “قد مضي من الشهر عشرون يوماً ولم تصلنا مؤنتنا من الطعام بعد” ثم ذهب لهذا السبب إلي المعبد الجنائزي القريب للملك “حور محب” وحصل علي طعام من أجل الجماعة وعلي الرغم من ذلك إستمر تأخير وصول المؤن مما أدي إلي قيام العمال بإضراب،ومن هنا نعرف أن أقدم الإضطرابات والإعتصامات في التاريخ للحصول علي الحقوق ونجد أن الإضراب والإعتصام كوسيلة من الوسائل المشروعة للتعبير عن الرأي كانت أيضاً قديمة مصرية ولكن علي الرغم من قدمها إلا أنه يجب علينا أن نتعلم من خلالها كمجتمع حديث كيف بُعبّر عن أرائنا بنظام ورُقيّ وإيجابية لحل المشكلات،وذلك عندما وقع أول إضراب في التاريخ ومظاهرة وصلتنا مدونة علي بردية “وثيقة حكومية”محفوظة بمتحف “تورين”حيث قام العمال بإضراب في الشهر السادس من نفس العام وإعتصموا خلف معبد الملك “تحتمس الثالث”فحاول مسئولوا إدارة جبانة طيبة إقناعهم وإدخالهم إلي المعبد لمناقشة مطالبهم إلا أنهم رفضوا ذلك وعادوا إلي المقبرة التي يعملون بها، وفي اليوم التالي ووصلوا إلي الباب الجنوبي لمعبد “الرمسيوم”،وفي اليوم الثالث إستطاعوا إقتحام المعبد فإتخذ الأمر صورة خطيرة وحاول الكهنة تهدئة العمال فكانوا يرددون “أننا جياع أرسلوا إلي الملك،أرسلوا إلي الوزير”وقد أثمرت تهديداتهم فعلاً فتسلموا مقررات شهر وبعد إنقضائة عادوا إلي العمل.
وفي تصريحات صحفية اليوم أشار “عامر” أنه توالت الإعتصامات للمطالبة بمتأخراتهم من المأكل والملبس والمشرب حتي إضطرت الإدارة مع توالي الإضرابات إلي صرف نصف مستحقاتهم للتهدئة ولكن هذا لم يفِ بالغرض وقد عادوا للعمل مره أخري ولكن أحوال البلاد كانت تسير من سيئ إلي أسوأ فإضطروا إلي الإضراب مرة آخري تدخل فيها الوزير وأعطاهم ما إستطاع ولكنه كان قليل وبعدها لجأ العمال إلي طريقة جديدة للتظاهر وهي الإعتصام بالليل وحمل المشاعل،إلي أنه في الشهر التاسع من نفس العام طالب زعيم العمال بعرض مطالب العمال وإتهامهم لرؤسائهم بالفساد المالي والإجتماعي علي الملك “رمسيس الثالث” أو وزيره،وقد تلخصت مطالبهم في الأجور المتأخرة ومحاربة الفساد الذي تفشي بين رؤسائهم من سرقة وفساد خلقي وإجتماعي وإيصال صوتهم إلي فرعون مصر ووزيره،وقد تعددت وسائلهم للتعبير عن مطالبهم فقاموا بالتظاهر إلي داخل أماكن عملهم وهي المقبرة والأماكن الدينية منها المعابد وواصلوا الإضراب عن العمل،وتوالت الإضرابات في أواخر نفس العام ثم في العهود المتعاقبة وفي عهد الملك “رمسيس الحادي عشر”هجر سكان دير المدينة قريتهم،وكانت الفوضي حينذاك قد عمت منطقة طيبة بسبب تزايد غارات الليبين ونشوب الحرب الأهلية مما إضطر العمال اللجوء للمعبد الجنائزي ل”رمسيس الثالث”بمدينة هابو إلا أن الأمن لم يكن مستتب هناك أيضاً،ذلك طرف مما سجلته البرديات عن ثورات العمال في ذلك الحين.
شاهد أيضاً
البابا تواضروس الثاني يلتقي بوفد نوادي روتاري مصر
استقبل قداسة البابا تواضروس الثاني في المقر البابوي بالقاهرة أمس، وفد من نوادي روتاري برئاسة …