بقلم .. جميل سامى اندراوس
عانى الاقباط فى مصر الكثير من ضياع لحقوقهم واهمال المسئوليين وتجاهل الحكام لهم والى يومنا هذا مازال الوضع كما هو لذا كان على بعد ثورتين قامت بهم البلاد للمناداة بالعدالةالاجتماعية والحرية والمساواة بين افراد المجتمع ان اطالب المسئوليين بالنظر الى هذه الحقوق المهملة واعطاء كل ذى حق حقه ورفع المعاناة عن المظلوميين والمكلوميين الذين عانوا الكثير والكثير من الظلم والضياع والحرمان والقهر داخل وطنهم وكانهم يعيشون فى غابة لاقانون لها القوى ياكل الضعيف وقانون الترهيب هو السائد الاساسى وجلسات الصلح العرفية والمصاطب لغت القانون واصبح يحكم البلاد المتشددين والغوغاء ولا مكان لسيادة القانون اليس هذا من العار على دولة عريقة مثل مصر التى هى ام الحضارات و العريقة التاريخ ان نعود للخلف عشرات القرون الى عصر الجاهلية وجلسات الخزى التى لايجنى من ورائها المظلوم الا زيادة من القهر والظلم والضغط لكى ما يوقع بخط يده على ضياع حقوقه عار على كل مسئول ان يترك المجال امام هذه المهاذل تسطو على هيبة الدولة وهيبة القانون وعار على كل ظالم ان يستر على ظلمه للاخريين وراء هذه الجلسات الظالمة والعار الاكبر على الحكام الذين يرون الظلم ويسكوتون عليه وكانهم يعطون اشارة بالموافقة على هذا الظلم .
واليكم مراحل مر بها الاقباط وارخها التاريخ لحكام قهروهم وظلموهم واضاعوا حقوقهم وبعض اخر نصفهم واقام العدل ونحن كان من واجبنا ان نذكر الجانبين الخير منها والشرير.
المرحلة الاولى – الاقباط فى عهد الدولة العثمانية
فى عام 1535 ظهر نظام الامتيازات الاجنبية فى الولايات العثمانية والذى قضى ان يكون للاجانب امتيازات ومنها قصر محاكمتهم امام محاكمهم الخاصة وليست امام المحاكم المصرية وكان حال المسيحيين الاجانب افضل بكثير من حال المسيحيين المصريين وكان للحكام المصريين احكام جائرة وعنصرية الطابع ضد غير المسلمين مثل حرمان المسيحيين المصريين من ركوب الخيل واجبارهم على السير على يسار الطريق وعدم لبس العمائم ولايحق لهم ارتداء الملابس الملونة بخلاف الاسود وان يتقلدوا بصليب ثقيل والذى نتج عن اثر السلسلة الخاصة به حدوث اثار سوداء على عضمة الرقبة لذلك كان يطلق على الاقباط ”عضمة زرقاء”.
وفى عام 1718 استطاع البابا بطرس السابع بابا الاسكندرية ورئيس الطائفة الارثوذكسية فى مصر بحكمته وعلاقته القوية والطيبة بالسلطان العثمانى ان يقنعه بان يكون هناك قانون خاص بالاحوال الشخصية لغير المسلمين ينظم احوالهم الشخصية لارتباطها بالعقيدة.
المرحلة الثانية – الاقباط فى الدولة الحديثة فى عهد محمد على باشا
فى فترة حكم محمد على باشا قام برفع الظلم عن الاقباط وسمح لهم ببناء كنائس جديدة ونادى بالمساواة بين جميع افراد المجتمع وسمح للاقباط بالانخراط فى الوظائف العامة بالدولة وتعينهم باكوات بالدولة والجيش ووصل بعض منهم الى ما يعادل وزير المالية حاليا.
وفى عهد ابراهيم بك الكبير بعد ان ذهب مع البابا بطرس السابع الى القدس وطلب منه اداء مراسم سبت النور واخراج النور المقدس من قبر السيد المسيح واعتذر له البابا لعدم اختصاصه لان بابا الروم الارثوذكس كان صاحب الاختصاص فامر ان يصلى الاثنان معا مراسم ظهور النور المقدس وفى حضوره والذى انشق وقتها احد اعمدة كنيسة القيامة وظهر منه النور المقدس زاد ذلك من مكانة البابا بطرس السابع لدى ابراهيم بك مما ساعد على رفع المعاناة عن الاقباط وترقيتهم ومساواتهم باخوتهم المسلمين.
وفى ديسمبر عام 1855 اضاف سعيد باشا الى قرارات جده محمد على ما هو لصالح الاقباط وهو قراره برفع الجزية والمساواه بين المواطنين.
وفى 18 فبراير 1856 بعد ان ساعدت انجلترا وفرنسا السلطان العثمانى عبد المجيد خان الاول طلبت منه اصدار قانون اصلاحات فاصدر قانون اصلاحات سمى”بالخط الهمايونى”والذى كان له اثر كبير فى رفع كرامة الاقباط ووضع قوانيين عادلة .
واليكم اهم النقاط الجوهرية التى تضمنها الخط الهمايونى
1- اعتماد كافة الحقوق التى نصت عليها القوانيين السابقة الخاصة بالمسيحيين واهمها حكم انفسهم فى سائر الاحوال الشخصية لارتباطها بالعقيدة الدينية .
2- تشكيل مجالس ملية مكونة من رجال الدين والعلمانيين لادارة المصالح الملية المختصة بحماية المسيحيين والفصل فى احكامهم الشخصية.
3- طلب بناء الكنائس يقدم من الاب البطريرك للباب العالى ليصدر رخصة ببنائها دون وجود موانع.
4- لايمنع احد من اجراء فرائض ديانته وشعائر عبادته ولا يلقى من جراء ذلك اى جور او اذية ولا يجبر احد على ترك دينه وتؤخذ التدابير اللازمة لاجل تامين اهل اى مذهب واحد مهما بلغ عددهم ليجروا مذهبهم بكل حرية.
5- المساواة فى كافة الوظائف بين المسيحيين والمسلميين.
6- الخدمة العسكرية واجبة على المسيحى كما هى واجبة على المسلم.
7- تزال من المحررات الديوانية جميع التعبيرات والالفاظ والتمييزات التى تتضمن الاساءة الى اى فئة من الناس بسبب المذهب او اللسان او الجنس ويمنع استعمال اى نوع تعريف يمس بالعار لاى طرف من افراد المجتمع.
هذا مضمون ما جاء بالخط الهمايونى والذى يخلط البعض بين ما جاء به وما جاء بشروط القربى باشا العشرة المجحفة بعد ثورة 1919 وبالتحديد عام 1934 وكان من الضرورى ان اوضح الفرق بين ما جاء بالخط الهمايونى وما جاء بشروط هذا الشخص المدعو القربى باشا والذى كان يشغل منصب وكيل وزارة الداخلية اى ما يعادل ” مدير امن محافظة ” فى وقتنا الحالى والذى ارجعنا الى الخلف مئات السنين والذى نعانى من شروطه العشرة فى بناء الكنائس الى يومنا هذا .وكان على ان اسال اى سلطة تعطى هذا الشخص سن قوانيين مجحفة مثل هذه وهل يسقط وكيل وزارة الداخلية قوانيين الباب العالى دون ان يكون له الحق بالتشريع وسن القوانيين …لست ادرى لذلك اتسال واطلب ممن لديهم الحنكة القانونية توضيح ذلك الامر .
ولكى يعلم القارئ حجم التعسف والاجحاف فى هذه الشروط اليكم تلك الشروط العشرة التى اقرها القربى باشا
1- هل الارض المرغوب بناء كنيسة عليها ارض فضاء او زراعية وهل مملوكة للطالب ام لا مع بحث الملكية انها ثابتة ثبوتا كافيا وترفق سندات الملكية.
2- ما هى مقادير ابعاد النقطة المراد بناء كنيسة عليها عن المساجد والاضرحة الموجودة بالناحية.
3- اذا كانت النقطة المذكورة من ارض فضاء هل وسط اماكن المسلمين ام المسيحيين.
4- اذا كانت بين اماكن المسلمين فهل لا يوجد مانع من بنائها.
5- هل يوجد للطائفة الطالبة كنيسة بهذه البلدة خلاف المطلوب بنائها .
6- ان لم يكن بها كنائس فما المقدار بالمسافة بين البلد واقرب كنيسة لهذه الطائفة بالبلدة المجاورة.
7- ما هو عدد افراد الطائفة المذكورة الموجودين بهذه البلدة.
8- اذا كانت قريبة من الجسور او الترع او المنافع العامة الخاصة بمصلحة الرى يجب اخذ راى التفتيش واذا كانت قريبة من السكك الحديدية او مبانيها وجب اخذ راى الهيئة .
9- يعمل محضر رسمى عن هذه التحريات يبين فيه ما يجاور النقطة المراد انشاء كنيسة عليها من المحلات السارية عليها لائحة المحلات العمومية والمسافة بين تلك النقطة وكل محل من هذا القبيل وترسل للوزارة.
10- يجب على الطالب ان يقدم مع طلبه رسما عمليا بمقياس واحد بالالف يوقع عليه من رئيس الطائفة الدينى ومن المهندس الذى له خبرة عن الموقع المراد بناء الكنيسة به وعلى الجهة المنوطة بالتحريات ان تتحقق من صحتها وان وان تؤشر عليها بذلك وتقدمها مع اوراق التحريات .
كانت هذه هى شروط القربى باشا المجحفة والتى ليست من حقه اصدارها لانه لم يكن جهة تشريع وماهو الا وكيل وزارة .
الوسومجميل سامى اندراوس
شاهد أيضاً
“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “
بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …