بقلم .. محمد فتحى
استمتع الأطفال باقتناء لعب ، صنعت في العادة بأشكال حيوانات وبشر ، فقد صنعوا لعبة على هيئة طائر من الخشب ، لعلها استعملت طائرا يطير عند قذفه في الهواء ، إذ ترى دلائل استعماله على جسد تمثال الطائر .
كانت النحلة الدوارة من ألعاب الأطفال المحببة في العصور القديمة فضلا عن الحديثة ، وتعتبر النحلة المخروطية الشكل المصنوعة من خشب مزخرف ، إحدى نماذج هذا النوع من ألعاب الأطفال ، التي عثر عليها في قبر توت عنخ آمون ، فإذا ما قذف بها إلى الأرض بحل الخيط من حولها لفت من حول نفسها بسرعة حتى تفقد قوة الدفع والحركة .
وقد عثر من عصر العمارنة على كثير من اللعب الخشبية ضمن خرائب البيوت والقصور تصور القردة وحدها أو في مركبات تجرها القردة .
من بين ما عثر عليه من ألعاب الأطفال في مقابر الدولة الحديثة ، جرادة من الخشب ، وهي قطعة فنية أصيلة ، اعتمدت على الرقابة الدقيقة لحركة أجنحة تلك الحشرة، لصنع نموذج خشبي ، يتخذ لعبة متحركة .
شخشيخة (صاجات) من الخشب ، تستخدم كلعبة أطفال ، تعددت أشكالها فمنها آله موسيقية من الخشب تتكون من قطعتين من الخشب مجوفتين من الداخل ، عند غلقهما يكونان شكل كره مجوفة من الداخل و لها مقبض صغير يوضع داخل التجويف قطع صغيره من مادة صلبة بحيث عند هزها تحدث صوتا موسيقيا ، وهذه الآلة تستخدم حاليا ، وهي تشبه الشخشيخة إلا أنها تختلف عنها في الشكل .
الألعاب الرياضية
عُرفت الرياضة منذ بدء الخليقة ، وعرف المصري القديم أهميتها لصحة البدن ، وأثرها في إذكاء روح المنافسة الشريفة ، ودورها المؤثر في السمو بالأخلاق .
ولقد تعددت أنواع الألعاب الرياضية التي زاولها المصريون في أوقات فراغهم مثل (المصارعة ، والتحطيب ، والمبارزة ، والتسلق ، ورفع الأثقال ، والرماية ، والكرة ، وشد الحبل) ، إلى جانب العديد من الألعاب الأخرى الخاصة بالصبيان والبنات والصغار .
ونظم قدماء المصريون كذلك نوعا مبكرا من الألعاب الأوليمبية ، فيها منافسات ألعاب (الهوكي ، وكرة اليد ، والجمباز ، وألعاب القوى ، والجري للمسافات الطويلة ، والقفز العالي ، وحمل الأثقال ، وسباق الخيل ، والسباحة ، والتجديف ، والرماية (للقوس والرمح) وشد الحبل) ، وقام الأطفال بأداء ألعاب أقل تنظيما ، منها (الاتزان ، والمصارعة ، وسباقات الجري ، واللعب بكرة مصنوعة من نبات البردي) .
استمتع كذلك قدماء المصريون بألعاب البراعة والحظ ، والتي كانت تحرك فيها قطع على لوحات بتصميم خاص ، ومنها لعبة كانت تمارس منذ عصور ما قبل الأسرات إلى الدولة القديمة ، تسمى “محن” ، وفيها ستة أسود وست مجموعات من الكرات ، وأخرى تسمى “كلاب الصيد وابن آوى” ، ويبدو أنها سباق بين فريق من خمسة كلاب صيد ، وآخر من خمسة حيوانات ابن آوى ، حول نخلة .
مارس المصري القديم العديد من الألعاب الرياضية التي تشكل أساساً لكثير من الألعاب الرياضية المعروفة في وقتنا الحالي ومنها :
كرة اليد :
كان اللعب بالكرة معروفاً في مصر القديمة ، والمصريون القدماء أصحاب اختراع كرة اليد فقد وجد على جدران المعابد والمقابر الفرعونية أن قدماء المصريين مارسوا لعبة كرة اليد ، وقد سمح المصري القديم للفتيات بممارسة الرياضة ، حيث ظهرت المناظر العديدة لتلك اللعبة علي جدران مقابر بني حسن بمحافظة المنيا ، وهناك طريقة أخري للعب هي أن تعتلي فيها فتاة ظهر زميلتها ثم تتقاذفن بثلاث كرات صغيرة في حركات سريعة متلاحقة .
الهوكي :
مارس قدماء المصريين لعبة الهوكي منذ الآلف السنين ، ثبت ذلك من النقوش والرسوم التي اكتشفت بمقابر بني حسن بالمنيا ، فيظهر في هذه النقوش لاعبين قد أمسكوا بعصا معكوفة استعداداً لضرب كرة صغيرة في انحناءة رياضية .
العدو:
تعد رياضة العدو أول رياضة يمارسها الإنسان ، فقدماء المصريون كانوا يتبارون في سرعة الجري، ومن تلك الأمثلة التي توضح ممارسة العدو مناظر في مقبرة “بتاح حتب” بسقارة ترجع إلي الأسرة الخامسة ، ولقد وصلت رياضة العدو درجة كبيرة من الأهمية إذ نجح فيه الفرعون تولي عرش مصر ، حيث كان شرطاً أساسياً لتولي الحكم أو التجديد للفرعون أن يقطع مسافة محددة عدواً منفرداً أو مسابقاً حيواناً لكي يثبت انه بصحة جيدة تؤهله إلي الحكم ، ودليل ذلك النقوش الموجودة بالمقصورة الحمراء بمعبد الملكة حتشبسوت بالكرنك حيث نري الملكة وهي تعدو .
الملاكمة :
المصريون القدماء أول من تدرب على ممارسة رياضة اللكم ، بهدف إعداد الشباب للدفاع عن النفس ومن ثما الدفاع عن الوطن ، مما يؤكد أن مصر الفرعونية عرفت رياضة الملاكمة قبل الإغريق بقرون .
المصارعة :
تعد المصارعة أحد الأنشطة المنتشرة لدي قدماء المصريين حيث ظهرت المناظر التي تصور هذه الرياضة في الدولة القديمة والوسطي والحديثة ، فظهرت أشكال رياضة المصارعة بين الأطفال والصبيان علي مقبرة بتاح حتب بسقارة من الدولة القديمة وهذه أقدم صورة لرياضة المصارعة حيث ترجع إلي الأسرة الخامسة ، كما صورت مناظر أخري تمثل رياضة المصارعة بين الرجال المحترفين في وضعيات متعددة علي جدران مقبرة الأمير باكت ببني حسن بالمنيا .
السباحة :
اغرم المصريون القدماء بممارسة السباحة ، فكانوا يخرجون إلي شاطئ النيل لممارسة رياضة السباحة ، وقد صورت النقوش الأثرية العديد من مناظر السباحة ، منها صورة تمثل فتاة وهي تعوم بين زهور اللوتس ، وهناك نماذج أثرية عديدة تمثل رياضة السباحة منها وعاء من الألبستر علي هيئة فتاة سابحة في النيل .
الجمباز :
تعتبر مصر القديمة هي التي وضعت الأصول الأولي لألعاب الجمباز ، فقد وضحت النقوش الأثرية مناظر عديدة وأوضاع دقيقة ، ففي نقوش كشف عنها بمقبرة الأمير باكت ببني حسن بالمنيا ، منظر لأربعة شباب يقف أحدهم باسطا ذراعية بشدة إلي الجانبين في مستوي كتفه ويبسط آخر ذراعيه بشدة أمامه في مستوى كتفه في حين يعتمد علي ساق واحدة دافعاً الأخرى إلي الأمام في وضع محدد ويتخذ الآخران أوضاعاً مماثلة ، وتضيف النقوش الأثرية أن المرأة المصرية أولي نساء البشرية ممارسة للجمباز ، وهذا ثابت من خلال النقوش الأثرية منها منظر يمثل ممارسة المرأة المصرية القديمة لألعاب الجمباز بمصاحبة الموسيقي .
الفروسية :
رغم أن المصريين القدماء لم يستخدموا الخيول إلا في الفترة الوسطى من تاريخهم ، ويرجح العلماء أن استخدام الخيل تزامن مع دخول الهكسوس مصر ، فقد أهتم المصري القديم برياضة الفروسية ، فأصبحت من الرياضات التي يجب ممارستها ، وظهرت مناظر عديدة للفروسية علي الآثار المصرية منها منظر علي معبد رمسيس الثاني .
المبارزة بالسيف :
تعد لعبة المبارزة لعبة مصرية خالصة ، فقد توصل المصريون القدماء إلي ممارستها وأعدوا لها أدواتها والأقنعة التي استخدمت لحماية الوجه ، وقد ظهرت أول مباراة للمبارزة عند قدماء المصريين في نقوش معبد مدينة هابو القريبة من الأقصر ، والذي يرجع إلي عصر الملك رمسيس الثالث ، حيث ظهر فيها المبارزان ممسكان بأسلحة مغطاة عند طرفها ومرتديان أقنعة لحماية الوجه تشبه إلي حد كبير الأقنعة الحديثة التي تستخدم في مباريات سلاح الشيش .
الرماية :
عني المصريون القدماء برياضة الرماية كتدريب للدفاع عن الوطن ضد الغزاة والمجرمين وأًصبحت تلك الرياضة من الرياضات التي مارسها ملوك مصر القديمة وظهرت مناظر عديدة لرياضة الرماية علي الآثار المصرية ، منها منظر من معبد سيتي بأبيدوس ، وأيضاً صور تضم مجموعة من الرماة الذين يتدربون علي رياضة الرماية عن طريق استخدام القوس والسهم .
ألعاب القوي :
كانت رياضة القفز العالي أو ما يسمي بالوثب العالي معروفة في مصر القديمة حيث تظهر مناظرها في مقبرة الوزير بتاح حتب الموجودة في سقارة ومن بين الرياضات التي تندرج تحت ألعاب القوي مصارعة الثيران وتعتبر مصر القديمة أولي الشعوب التي اتجهت أنظارها إلي الحيوان في ممارسة الرياضة.
التجديف :
مارس المصريون القدماء رياضة التجديف في نهر النيل أو البحار المحيطة بمصر ، وتحتفظ الآثار المصرية بالعديد من النقوش والنماذج التي توضح رياضة التجديف من الدولة القديمة ومنها منظر المجدافين من الدولة الحديثة .
الصيد :
ولع المصريين القدماء بالصيد والقنص ليس فقط كمهنة للتكسب منها ولكن أيضا كهواية ، ولم تكن رياضة الصيد حكراً على الملوك والنبلاء بل لعامة الشعب ، ومنها الصيد البرى للحيوانات وهى هواية الملوك منذ القدم حيث يتم الصيد بالعربات التي تجرها الخيول مع استخدام الحراب أو القوس والسهم لصيد الحيوانات من الغزلان والأسود والنمور والحيوانات البرية ، كذلك صيد الطيور بالعصا المعقوفة كالأوز والبط والسمان إلى جانب صيد الأسماك .
أما عامة الشعب فكان صيد الأسماك من النيل هي ابسط أنواع الهوايات ويقوم بها أي فرد كذلك صيد الطيور بالشباك الخادعة أو الفخاخ وكان من اخطر هوايات الصيد فرس النهر .
الألعاب الذهنية
عرف قدماء المصريين القديم نوعاً آخر من الرياضات التي كان من شأنها أن تنمي مدارك العقل وأعمال الفكر ، ويعود فضل اختراع لعبة الشطرنج إلي مصر القديمة حيث عثر في المقابر الفرعونية علي مجموعة من أدوات اللعب التي تتشابه في أشكالها وطريقة لعبها مع لعبة ( السنت ) ، ولعبة “سنت” من أكثر ألعاب التسلية شعبية ، وهي التي سبقت لعبة “السيجة” ، أو “الضاما” ، وكانت تلعب على لوحة مقسمة إلى ثلاثة صفوف في عشرة مربعات ، والهدف في اللعبة هو تحريك القطع حول مسار ثعباني (متعرج) إلى النهاية ، وكانت بعض المربعات المميزة بعلامات تعلن الحظ الطيب أو السيئ للاعب .