الأحد , ديسمبر 22 2024
رأفت الجندى

قرار منع زيارة اورشليم، هل كان سياسيا؟

رأفت جندي

جرت مناقشات هذه الأيام بين بعض الاقباط بين مهاجم ومدافع حول قرار البابا شنودة بمنع الكنيسة والاقباط من زيارة الأماكن المقدسة في اورشليم القدس.

في عام 1979 تم توقيع معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، وأراد السادات استخدام الكنيسة القبطية في مناوراته السياسية بإرغام الكنيسة على ترتيب رحلة جماعية للمدينة المقدسة، وربما كان غرضه ان يضرب عصفورين بحجر واحد، أن يوفى بالتزامه السياسي بالتطبيع مع إسرائيل وان تتعمق الكراهية للأقباط واتهامهم بالخيانة ليس فقط في مصر ولكن في جميع دول الشرق الأوسط حيث انه كان من بين اهدافه أن تكون مصر كلها إسلامية كما وعد في اول مؤتمر إسلامي وكان وقتها رئيس مجلس الامة.

رفض البابا شنودة ان ترتب الكنيسة هذه الزيارة، وبهذا رفض استخدام الكنيسة في السياسة وهذا عكس ما يقال أن قرار المنع كان سياسيا، ولو كان البابا قد رضخ للسادات لكان قد اعطى ما لله لقيصر.

وربما أراد البابا بقرار المنع أيضا حماية الاقباط من بعض اتهامات باطلة بعدها، ونحن نرى الاتهامات التي كيلت لعرب 48 بينما لم يحدث ان اتهم قبطى واحد بالعمالة، وفي كندا الآن فأن زيارة كندى لأفغانستان تثير الشكوك حوله.

وبالإضافة لرفض البابا استخدام الكنيسة في السياسة كانت للكنيسة القبطية الأرثوذكسية مشكلة قضائية مع حكومة إسرائيل منذ 25 إبريل 1970، فلقد اغتصبت السلطات الإسرائيلية من الكنيسة القبطية في هذا اليوم دير السلطان التابع لها في مدينة أورشليم القدس وأعطته للكنيسة الإثيوبية حيث انه كان يوجد خلاف على ملكيته بينهما لقرون طويلة.

وقد رفعت الكنيسة شكواها للحكومة ثم للقضاء الإسرائيلي الذي حكم فيها ضد البوليس الإسرائيلي في 16 مارس 1971 وأمر بإعادة الدير للأقباط، ولكن الحكومة الإسرائيلية عطلت العمل بهذا الحكم إلي الآن لأسباب سياسية، ولم يكن اغتصاب الدير بسبب أن قداسة البابا شنودة كانت له تصريحات ضد إسرائيل كما يقول البعض وذلك لأن قداسته تنصب في 14 نوفمبر 1971 أي بعد هذا الامر.

البابا شنودة كان يعلم ان رفضه سيثير السادات ويغضبه ولكن من فرط إيمانه بهذا القرار عانى هو شخصيا من النفي، فهل تجاوز البابا اختصاصاته في اصدار قرار كنسي بصفته الرئيس الأعلى للكنيسة؟!

وهل أي دولة في العالم من سلطتها ارغام اى مؤسسة على السفر لجهة معينة؟!

إذا السادات كان مخطئا وتعدى صلاحياته والبابا شنودة لم يكن كذلك وسار بما تؤهله له صلاحياته.

حقيقي أن هذه الأماكن مقدسة وينبثق النور من قبر السيد المسيح كل عام وقت القيامة، ولكن زيارتها ليست ملزمة، وهذا القرار لم يتعدى بأى حال الايمان المسيحي.

قداسة البابا تواضروس اقر مبدأ المنع أيضا بناء على استمرارية الأسباب فقط لأقباط مصر، ولكنه أيضا أضاف أن هذا أصبح الآن غير منطبق على الاقباط في المهجر لأنهم يحملون جوازات سفر غير مصرية، وهذا يعطى البعد الأخر لهذا القرار في انه كان أيضا لحماية الاقباط الذين يحملون جوازات سفر مصرية من تحرشات، جنبا لجنب مع حماية الكنيسة نفسها من تهمة الخيانة.

هل حان الآن وقت الغاء هذا القرار لأقباط مصر أيضا؟

كل عام وانتم بخير، خريستوس انستى وليس أخرستوس انستى كما يقول البعض.

د. رأفت جندي

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …