الأربعاء , ديسمبر 25 2024
أنطوانى ولسن

القيامة.. بقلم.. أنطوني ولسن — أستراليا

نقرأ في الكتاب المقدس من أنجيل يوحنا الأصحاح الأول ( الأعداد 1 : 5 ) .
” في البدء كان الكلمة ، والكلمة عند الله ، وكان الكلمة الله . هذا كان في البدء عند الله كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء ، مما كان فيه ، كانت الحياة والحياة كانت نور الناس ، والنور يضيء في الظلمة ، والظلمة لم تدركه ” .
ونقرأ أيضا في نفس الأصحاح ( عدد 14 ) .
” والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الأب مملوء نعمة وحقا ” .
في بداية هذا الأنجيل ” أنجيل يوحنا ” وفي أول كلماته عندما قرأنا ” في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله ” . ثم تأتي بعد ذلك الآية التي تقول ” والكلمة صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من الأب مملوءا نعمة وحقا ..” .
في هذا نجد ، أنه لا شك في ألوهية الرب يسوع المسيح . أن تشككنا في مولده ونشأته وقلنا أنه أنسان مثل أي أنسان على الرغم من أن مولده لم يكن مثل مولد أي أنسان لأن التي حملت به مباركة وجميع الأجيال تطوبها وقد حل بها الروح القدس وحملت به .
لو أردنا أن نتحدث عن سنوات الكرازة الثلاث التي بدأها الرب يسوع المسيح بعد عمادته في نهر الشريعة وكل ما فعله في خلال السنوات الثلاث من معجزات وعظات وآيات أتى بها لم تعطَ لأحد من قبل ولا من بعد . إلا أن الأنسان أيضا ظل متشككا حتى من تبعوه وأمنوا به كان الشك يدخل قلوبهم في بعض الأحيان .
تأتي فترة ما قبل الصلب وما قبل الموت وما قبل القيامة ، وما بعد القيامة فيها من أحداث وأخبار ما لا يدع مجالا للشك في من هو المسيح . أهو أنسان أم أله متجسد كما قال يوحنا ” والكلمة صار جسدا وحل بيننا .. ” .
قبل الصلب دخل أورشليم دخول الملوك الفاتحين على ظهر جحش أبن أتان . في أورشليم أظهر ذاته الألهيه عندما دخل الهيكل وطرد الباعة وضرب الصيارفة بالسوط وهو يقول ” بيتي بيت الصلاة يُدعى وقد جعلتموه مغارة للصوص ” .
بيتي .. نقول عن أماكن العبادة أنها بيوت الله . وقد قالها هو بنفسه عن نفسه ” بيتي بيت الصلاة يُدعى ..” . بعد ذلك قال لهم أهدموا هذا الهيكل وأبنيه في ثلاثة أيام . ولم يفهم أحد ماذا يعني بهذا القول ! لأنه من غير المعقول في المفهوم البشري أن يُهدم الهيكل في ثلاثة أيام والذي أستغرق بناؤه ستة وأرعين عاما . لكنه كان يعرف مقدما ما الذي سيحدث ،لأنه كان يعني هيكل جسده عندما يصلب ويدفن لمدة ثلاثة أيام ثم يقوم من القبر منتصرا على الموت ” أين شوكتك ياموت ، أين غلبتك يا هاوية ” .
نأتي إلى سؤال مهم جدا يجول بخاطركل أنسان حتى المؤمن نفسه وهو :
هل كان من الواجب على الله القدير أن يصلب ويسفك دمه بهذه الطريقة ؟
للأجابة على هذا السؤال نقول نعم ليس غير طريق الدم طريقا للخلاص . ولعلم الله المسبق أخذ يعلم الأنسان منذ أن خرج من الجنة بعد أن تطاول وحاول أن يأخذ المعرفة لنفسه بنفسه ونجد الله يشير الى خلاص الدم بقبول تقدمة هابيل المذبوحة ورفض تقدمة قايين من الأرض .
إشارات كثيرة في الكتاب المقدس تثبت ضرورة وجود دم الخلاص . أتذكر ما حدث مع فرعون مصر والضربة الأخيرة التي ضرب بها الرب مصر وكانت موت كل صبي بكر ما عادا من يضع دم ذبيحة على بيته فلا يموت الصبيان البكر . وبالفعل حدث هذا ومات إبن الفرعون مع من ماتوا من أطفال غير اليهود الذين وضعوا الدم علامة على بيوتهم فلم يقترب إليهم ملاك الموت .
ولم يكن بين بني البشر سواء في الماضي أو الحاضر أو المستقبل من يكون دمه ثمينا ليكون تقدمة خلاص للأنسان سوى دم أبن الله الحي يسوع المسيح .
قد نتساءل أيضا :
لماذا الصلب ؟ لماذا لا تقطع الرأس كما حدث مع يوحنا المعمدان مثلا ؟
لأن الصليب هو خشبة العار في ذلك الزمان . أما الصليب في هذه الأيام عند بعض الناس عارأيضا فيحتقرونه ويدوسون عليه ويهزأون به . لكن الصليب عند المؤمن الحقيقي رمز عز وفخار ودليل أنتصار على كل الألام والمهانات والأحتقارات .
صُلب المسيح .. مات المسيح .. قُبِرَ المسيح .. وفي اليوم الثالث التالي ذهبت مريم المجدلية بالأطياب ألى القبرعلى حسب عادة اليهود لتكفين الجسد . فلم تجد الجسد ووجدت القبر خاليا . فزعت المرأة ،هرولت تبحث .. لكنه ناداها . هرعت أليه فرحة برؤيته تريد أن تلمسه . وهنا ظهر جسده الألهي الحقيقي :
منعها من لمسه ‘ أنها ترى نفس الجسد ! لكن الحقيقة أنه جسد نوراني ، ولا أحد يستطيع أن يلمسه إلا لمن يريد الرب أن يلمسه كما حدث مع توما المتشكك .
زار المسيح تلاميذه على الرغم من الأبواب المغلقة التي عاشوا خلفها خوفا وهلعا من بطش الناس بهم .
لم يكن توما موجودا عندما أخبروه بذلك . لم يؤمن . وهذه حالات الكثيرين من أبناء العالم منذ ذلك اليوم وحتى الأن وإلى المنتهى ” أري أؤمن “.
فدخل الرب يسوع المسيح عليه وقال لتوما :
” هذه يداي ، هذا جنبي ، هل آمنت يا توما ؟ طوبى للذين آمنوا ولم يروا “.
طوبى لكل مؤمن في هذه الأيام التي زال الأيمان فيها من قلوب الكثيرين من أبناء البشر . طوبى لكل مؤمن لكثرة المتشككين في المسيح الرب المخلص . طوبى لكل مؤمن يعرف جيدا أن الله القدير ومحبته العظيمة للأنسان جعلته يضرب المثل الأعلى على المحبة والتضحية والتنازل والتواضع . الله العليّ ينزل من عليائه متواضعا مرتديا جسد الأنسان . هذا الأنسان الذي عندما خلقه ، خلقه على صورته.ما الذي يمنعه أن يأخذ نفس الجسد ؟ جسد هذا المخلوق الذي أحبه كذاته وبالطبع لا يريد الله أن يهلك هذا الأنسان ، فكان الخلاص على الصليب ، وكان الأنتصار في القيامة .
فليكن أحتفال العالم المسيحي بالقيامة هو أحتفال الفرحة بالخلاص . الخلاص الأرضي والخلاص السمائي .
لأن على الصليب صرخ الرب يسوع قبل ترك الجسد وقال ” قد أكمل ” .
نعم قد أكمل وأنشق حجاب الهيكل من أعلى الى أسفل وتم الصلح بين السماء والأرض ، وعاد الأنسان إلى مجد محبة الله الدائمة . لأن الله أحب الأنسان ، ولحبه له قدم نفسه ذبيحة وقربانا . وهو القائل في الكتاب المقدس :
وهكذا أحب الله العالم حتى بذل أبنه الوحيد لكي لا يُهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية .

شاهد أيضاً

“غواني ما قبل الحروب وسبايا ما بعد الخراب ..!! “

بقلم الكاتب الليبي .. محمد علي أبورزيزة رغم اندلاع الثورة الفكرية مُبكِرًا في الوطن العربي …