بقلم : ماجدة سيدهم
طوبى لمن يسلك في درب المحبة وفي حضن التفاصيل يتمتع ، أيها المارون بالصولجان عبر الحدود والأبعاد – لا تصنعوا خطوطا معاكسة للاتجاه – فجغرافية الروح تبدأ من الطرق المستقيمة ، ولا تعطوا قيصر إشارة الموائمات غير المبررة أو تختموا صكوك الدرب بالرفض والحرمان ،دعوا العطاش للأمكنة النضرة أن يدركوا النور ولا تمنعوهم ، دعوهم يسلكون المنعطفات والنجوع بروائح الحدث الشعانيني ، يلمسون الحكايات العتيقة بالنضارة عينها .. والصوت ذاته .. والعبق نفسه وبذات عذوبة الملح الطازج في تفاصيل الأنحاء ..فيكونوا ملحا منثورا ونورا صداحا بشتى المساحات ، قومي الآن يا بنت شعبي واستنيري ، املئي الجرار ملء ينابيع الحياة وانزعي عن عزلتك ثوب التردي والمخاوف البليدة ، هلموا يا فتيان المدينة – بوقوا في الأرجاء بالفهم واحدثوا على مرتفعات تابور وميضا نشيطا ،
اعبروا إلى طريق الناصرة دقوا أبواب هياكل البشارة وفي صحن بيت لحم تبادلوا السلام وامكثوا هناك عند قبر الحلوة راحيل وسجلوا مروركم على لوح المرمر ” كان العلي مع يوسف فكان مرتفعا جد” ، بالدفوف والهارب غنوا للعتق واقتفوا أثر المشاوير المذهلة للعابر عند سامرية العطش ، انعطفوا حيث مكان المهد الذي ليسوع الطفل وأيضا هنا سقط البعض من الحليب المقدس – وفي بحر الشريعة حيث ميلادكم المبهر وأنصتوا جيدا – هنا هنا صار صوت السماء الصارخ بالروح القدس ، انتبهوا عندما تصلون إلى شجرة زكا لا تحتقروا قاماتكم بل من ثمار شهوة القلب اصعدوا جميعكم واقطفوا كثيرا وتناولوا فيما بينكم كرمة المسرة لتتشدد قوتكم وبالخلاص يكتمل فرحكم ، الطريق طويل والمشاوير كثيرة فلا تنسوا تعرجوا ببيت عنيا حيث دُحرج الحجر ” هلموا يا أحباء من قبور الصمت وانطلقوا خارجا، ومن لفائف العتمة مزقوا الخوف شجاعة ”
توقفوا هنا قليلا وانصتوا جيدا ..أنه ذات التوبيخ ..مرثا مرثا فيما ترهقين نفسك بكافة الأعباء والقضايا والمشكلات المتشتتة وتحملين بعاتقك ثقل المجاملات الكثيرة ثم تلزمين كل تلك الأثقال على مريم التائقة روحها لسير دربي بخطا سؤل القلب ، مرثا مرثا لا تخافي ولا تتجاهلي أن المكوث في الرويد هو النصيب الأعظم للفرح الراسخ ومن وضع يده على المحراث لا يلتفت للثرثرات الجانبية ..
أكملوا السير يا فتيان السؤال الحي ، هنا صاح الديك منبها للبكاء المر ، أجل اجل .. تذكرتم الآن البكاء الصعب وحوار الجواري مع صخرة الإيمان بالفعل كان هنا في ذات المكان ، ثم اخرجوا من بحر الجليل وانطلقوا لتأكلوا فيما بينكم الخبز الأخير والكاس اشربوها قبل خيانة القبلة المثمنة بحقل دم ، من هنا يا رفقاء درب الصليب اصعدوه بأنشودة اللحن الذكي وحنان فيرونيكا ، الصعود متعثر لكن شركة الألم والخلاص مفرحة جدا ومشجعة بل وتسعد قلب مريم المطعونة – فلا تغيبوا عنها ولا تتوانوا وسيروا برفقتها طريق الألم الذي لوحيدها حمل الله – حامل الخطايا ، على الجلجثة كرروا المشهد بالحان الغلبة وحتى الاغتسال بالدم ،
عيشوا صلبا حيا مدفونين مع الحب بالموات ،مقامين بالتهليل وانتصار الحياة ،صارخين بالمشهد المهول للنور حيث ترتج العروش وأساسات المسكونة ” وحين تكون قوتكم تكون غلبتكم أيضا متى سكنت الكلمة قلوبكم وأذهانكم –هل ثمة أورع وأقدس وأجمل أن تحس أنفاس الكلمة المكتوبة وتسير تفاصيل كل الطريق الذي للمسيح السيد بكل القرى والبيوت والبحيرات والأشجار والجبال – وكأنك تلميذا محظوظا ، فيا أيها المارون هنا بالصولجان لا تصنعوا للعطاش طرقا معبدة ولا تضعوا لافتات معثرة كيلا يرتطم الحلم بالالتباس ..!