المراقب للعدوان السعودي على اليمن ، يلحظ اصرارا سعوديا لافتا على استهداف القواعد العسكرية والمعسكرات والمطارات ومستودعات الاسلحة والرادارات والطائرات التابعة للجيش اليمني ، التي تتوزع في عموم مناطق اليمن ، الامر الذي يدعو الى الشك في النوايا المعلنة للسعودية من عدوانها على اليمن.
الاهرام الكندى
المعروف ان هدف العدوان السعودي المعلن ، هو ضرب مواقع انصارالله لدفعهم الى الاستسلام ، تنفيذا لطلب تقدم به الرئيس اليمني المستقيل والهارب عبدربه منصور هادي ، بينما الذي يحدث هو ضرب وتدمير مطارت ومعسكرات وطائرات ودبابات وصواريخ ورادارات ومستودعات اسلحة تابعة للجيش اليمني وهي ملك الشعب اليمني ، وليس لانصارالله وحدهم.
الذي يحدث عمليا على الارض في اليمن هو ضرب آخر مقومات الدولة اليمنية ، المتمثلة بالجيش والقوات المسلحة ، لدفع اليمن الى الهاوية والسقوط في المجهول ، كما دُفعت من قبل ليبيا ، عندما اُستهدف جيشها ، ومازالت المحاولات تبذل لتكرار هذا السيناريو في سوريا ولبنان.
العدوان الجوي السعودي ، الذي لم يستثن هدفا عسكريا تابعا للجيش والقوات المسلحة اليمنية، في شمال وجنوب وغرب وشرق اليمن ، کشف عمليا عن حقائق في غاية الاهمية ومنها:
-ان عبدربه منصورهادي ، الذي تعتبره السعودية وحلفاؤها ، الرئيس الشرعي لليمن ، وان له شعبية بين الجيش اليمني ، ظهر انه لا يملك السيطرة حتى على معسكر واحد.
-ان السعودية تنظر الى انصارالله والجيش والقوات المسلحة اليمنية ، على انهما جبهة واحدة ، فالطائرات السعودية قصفت جميع الاهداف التابعة للجيش اليمني ، على انه هدف “حوثي” او انه “موال” للرئيس اليمني السابق على عبدالله صالح.
-لا وجود ولا اثر للقوات المسلحة اليمنية التي تأتمر باوامرعبدربه منصور هادي ، واستثنتها السعودية من غاراتها..
-ان ما يحدث في اليمن ليس “انقلابا حوثيا” بدعم من علي عبدالله صالح ، والدليل شمولية الغارات السعودية لكل مناطق اليمن ، الامر يؤكد ان الرفض لنظام التبعية للسعودية والذي يمثلة هادي ، هو رفض شعبي واسع يشمل جميع مناطق اليمن ، وليس كما تصوره السعودية ، على انه صراع “مذهبي” و “تمدد ايراني”.
هذه الحقائق وان كانت معروفة من قبل للشعب اليمني ، الا ان العدوان السعودي جاء لكشفها ويؤكدها وبشكل واضح للجميع ، وخاصة اولئك الذين هم خارج اليمن وصدقوا الرواية السعودية حول التطورات التي شهدها اليمن خلال الفترة الماضية ، وما روجته من اكاذيب ومزاعم لا وجود لها على الارض اليمنية مثل : “انقلاب الحوثيين” و “التمدد الايراني”، و “شرعية هادي” ، و “الصراع السني الشيعي”.
العدوان السعودي ، الذي كشف هذه الحقائق ، لم ولن يكون هدفه اعادة عبدربه منصور هادي الى الحكم في اليمن ، لسبب بسيط وهو ان الرجل لا يملك اي شرعية وانه انتهى والى الابد ، وهذه الحقيقة تعرفها السعودية جيدا ، الا انها تحاول من خلال التمسك بذريعة “اعادة هادي” كهدف معلن ، للتغطية على هدفها الحقيقي من وراء العدوان ، وهذا الهدف ليس الا تفكيك وتدمير الجيش اليمني لتمهيد الارضية امام “داعش” والقاعدة للعودة بقوة الى مسرح الاحداث في اليمن ، والذي سيأتي تحت غطاء اعلامي سعودي قطري خليجي ، عنوانه: “قبائل سنية تنتفض للتصدي لهيمنة الحوثيين الشيعة على اليمن” و “رفض التمدد الايراني ” وبذلك يدخل اليمن في دوامة من الفوضى ، وهو المطلوب سعوديا.
من سوء حظ السعوديين ، ان الشعب اليمني وانصارالله والقوى الثورية الاخرى والجيش والقوات المسلحة اليمنية ، كانوا على علم بما تخطط له السعودية منذ ان هرّبت هادي الى عدن ، بل منذ ان طلبت منه تقديم الاستقالة ومن ثم العودة عنها، ومنذ التفجيرات الدموية التي نفذتها “داعش” ضد بيوت الله في صنعاء وصعدة ، لذلك سارع انصارالله وحلفائهم والجيش والقوات المسلحة اليمنية، الى الانتفاضة في جميع المحافظات ، حتى وصلوا الى محافظة عدن ، لسد الطريق امام السعودية وافشال مخططها.
ان من الخطا تصور ان بالامكان ان تنجح السعودية عبر الضربات الجوية التي تستهدف الجيش اليمني ، وعبر تنشيط المجموعات الارهابية امثال “داعش” و القاعدة ، في ابقاء هذا البلد ضعيفا تسوده الفوضى ، بدليل كل هذه الضجة التي اثارتها وتثيرها السعودية حول تشكيلها تحالف دولي صوري من عشر دول ، وما اخذت تردده بعد يومين من عدوانها ، من احتمال ان تتواصل هجماتها الجوية على اليمن ستة اشهر او اكثر بعد ان كان شهرا واحدا ، وكذلك ترددها في تنفيذ عدوان بري ، فكل ذلك يعكس حجم القلق والخوف ، الذي يطغى على قراراتها ، رغم كل الهالة الاعلامية الضخمة التي تحاول التستر بها.