بقلم : خالد منتصر
تفاءلت خيراً بعد التعاطف الشعبى الذى حدث مع ضحايا مذبحة «داعش» فى ليبيا من المسيحيين الذين كان معظمهم من سمالوط، شاهدنا الحزن يخيم على الجميع، والمسلمين يذهبون إلى مسيحيى سمالوط يقدمون واجب العزاء الذى سبقهم إليه الرئيس بنفسه، عندما زار البابا تواضروس فى الكاتدرائية، لكن عندما رفض المتشددون والسلفيون والإخوان فى سمالوط وبالتحديد فى قرية الجلاء تجديد الكنيسة هناك وفرضوا رأيهم وبلطجتهم وأهدروا القانون وأجبروا الأمن على الرضوخ لمطالبهم المجحفة، التى عرضوها فى الجلسة العرفية التى عقدت برعاية نائب مأمور قسم سمالوط، عندما حدث كل هذا الذل والقهر عرفت أن ما هو تحت الجلد وفى تلافيف المخ والروح من عنصرية وتطرف يظهر وقت اللزوم فينتصر المثل الشعبى «اللى فى القلب فى القلب يا كنيسة» على القانون الرسمى وعلى هيبة الدولة، وبالطبع على مدنية الوطن المزعومة التى يعيشها على الورق ويهدرها على أرض الواقع، يتغنى بشعاراتها فى الدستور ويهدم أركانها ويؤسس لدولة الملالى على أنقاضها، العجيب أن هناك قانوناً يحدد بناء الصيدليات والحد الأدنى من المسافة بين صيدلية والأخرى، ولا يوجد قانون يحدد لنا عدد الزوايا التى يبنيها البعض أسفل العمارات للتهرب من الضرائب، هل توجد كل هذه الزوايا فى السعودية نفسها مهبط الدين الإسلامى؟! كل ما نطالب به فقط هو التقنين لبناء الكنائس والمساجد على السواء، فمفهوم الجامع الكبير المجمع للمسلمين على سبيل المثال قد أهدر بهذه العشوائية فى البناء، وكأننا فى سباق لا علاقة له بسمو الضمير الدينى على الإطلاق، فمعظم الوقت له علاقة بالشو والاستعراض، وأحياناً التهرب من الضرائب وغسيل السمعة، فبالرغم من هذا العدد الهائل من الزوايا نجد انحداراً رهيباً قد حدث فى أخلاق المصريين، إذن لم ينعكس هذا على الأخلاق وقيم الصدق واحترام العمل.. إلخ، التفاصيل مخجلة مليئة بمفردات تخلف القرون الوسطى وزمن إنسان الكهف، قرية حصل الأقباط المسيحيون فيها على تصريح بناء كنيسة رسمى منذ سبع سنوات لأن كنيستهم المبنية بالطوب اللبن على مساحة 60 متراً قد تهدمت، سارع السلفيون بسرعة البرق إلى بناء مسجد فى الأرض المجاورة، وبالطبع لا يصح اجتماع فسطاط الكفر إلى جانب فسطاط الإيمان، عاد الأقباط إلى كنيستهم القديمة لتجديدها بناء على نصيحة بعض العقلاء من المسلمين هناك، بدأوا البناء وتوسعة المكان بالرغم من أن المساحة التى كانوا سيبنون عليها فى الأرض الجديدة أكبر وأفضل، ثارت ثائرة البعض هناك بزعامة موظف فى الأوقاف صارخين «على جثتنا بناء الكنيسة»، بدأت التهديدات وقطع الطرق وإتلاف المزروعات، تقدم المسيحيون ببلاغات ولا حياة لمن تنادى، تفتق ذهن الأمن هناك على جلسة عرفية تقدم فيها من يتصورون أنفسهم وكلاء الله فى الأرض بالشروط الآتية، كما ذكر الصحفى نادر شكرى:
– أن تقام الكنيسة على الموقع القديم دون أى مظاهر مسيحية أى كنيسة بدون صلبان أو قباب أو منارة.
– أن تقام من طابق واحد ودون أساسات كما جاء بالرسم التوضيحى بالتصريح.
– لا يحق للأقباط تجديد أو ترميم الكنيسة فى المستقبل.
– لا يحق للأقباط بناء الكنيسة إذا انهارت فى المستقبل.
– يلزم الأقباط بالتوقيع على هذا المحضر، وأن يتم توثيقه بالشهر العقارى، وأن تكون وثيقة ملزمة لأقباط القرية.
أتمنى الحصول على إجابة تحترم عقلى وتحترم الزمن الذى نعيش فيه، وتحترم مبدأ المواطنة الذى فيه خلاص هذا الوطن، السؤال للرئيس السيسى شخصياً: هل نحن نعيش دولة دينية يا من طالبت بالثورة الدينية؟ ألسنا فى دولة قانون أم فى دولة البلطجة وفرد الصدر و«لوى الدراع» والاستقواء بغلبة العدد وعلو الصوت واستثمار الاحتقان والنفخ فى نار الفتنة؟، أنتظر الإجابة.