الاهرام الكندى
كالعقرب في لحظات يأس، فإن تنظيم داعش شرع بتصفية عناصره لمجرد الشك بهم. فهذا التنظيم الذي مني بخسائر عديدة بدءا من عين العرب (كوباني) مرورا بتكريت اصابه الوهن والتخبط، وبدت عليه واضحة علامات الإنهيار الداخلي. فما الذي يحدث داخل أروقة هذا التنظيم الإرهابي وكيف يمكن قراءة ما يعانيه؟
من الواضح ان تنظيم داعش بعد الهزائم التي مني بها، شرع بالبحث عن ضحية يبرر بها خسائره ويلقي عليها اللوم، فاجتاحته موجة من الإعدامات التي نفذها بحق عناصره تحت ذريعة أنهم جواسيس.
لكن اللافت ان هذه الظاهرة ليست بظاهرة فردية، فعلى ما يبدو أن التنظيم يقود حملة إعدامات وهي اللغة الوحيدة التي يفقهها بحق كل من يشتبه بهم من عناصره بانهم يسربون معلومات سرية مرتبطة به، وأفراده يلجأون الى الإعدام بمعزل عن اي تحقيقات، لا بل يتباهون بالإعلان عما يقومون به عبر فيديوهات منتشرة على اليوتيوب.
هي حال هذا التنظيم الذي يضع نصب عينيه تحركات عناصره مهما طال أمد ولائهم له، فأي شك محتمل مآله الإعدام المحتم وما هو الا دليل على حالة اليأس الذي وصلت اليه قيادة التنظيم ودليل على بحثها الدؤوب عن كبش فداء يبرر تخبطها.
ومع توالي الهزائم فان هذه الظاهرة ستتخذ على ما يبدو منعطفا متعاظما، فالهدف الوحيد هنا بغض النظر عن أي عملية تحقق ونظرة واقعية لحقيقة ما يجري، الهدف الوحيد منها هو إرضاء وهم القيادة الفاشلة التي حتما بدأت تتآكل من الداخل.
هذا كان واضحا، فالتسريبات الأخيرة عن أبو حفصة المهاجر وهو أحد قادة تنظيم داعش والمقرب من أبو بكر البغدادي وجه تعليمات الى قادة التنظيم بأن البغدادي وقف على أسباب الانتكاسات التي حصلت لداعش في العراق، وتبين ان الحكومة العراقية تمكنت من العمل خلف خطوط التنظيم وزرع عيون تقدم معلومات دقيقة عن تحركات ومواقع التنظيم وهذا سبب الخسائر الكبيرة.
ما سبق وتقدم ليس مجرد تحليل وإنما مبني على شواهد ووقائع كثيرة..
بو عبيدة المغربي لم يكن عنصرا عاديا في داعش، الألماني المغربي الاصل كان مسؤولَ أمن داعش في حلب وكانت موكلة إليه مهمة حراسة السجن حيث كان معتقلا فيه الصحفي جيمس فولي، لكن موقعه في التنظيم لم يشفع له، فوقع فريسة شك تنظيم داعش وتم قطع رأسه بعد اتهامه بالتجسس لمصلحة الاستخبارات البريطانية.
ربما إعدام أبوعبيدة ليس بتطور بارز، لكنه يودي بنا إلى سلسلة تساؤلات :
اذا كان داعش لا يثق بمسؤوليه الذين يتمتعون بمراتب عالية ومسؤوليات أمنية كبيرة، فهذا يعني ان كل عنصر بالتنظيم بمن فيهم القيادة هو موضع شك. وإذا كان فقد الثقة بهؤلاء فمن يوفرها له إذا؟
في فيديو آخر يظهر أحد الصبية وهو يعدم اثنين من الرجال المتهمين بالتجسس لصالح روسيا، لم تعلن تفاصيل عن هوية المعدمين، لكن أسئلة طرحت حول هويتهما، هل هما شيشانيان؟ هل سينسحب هذا الأمر على جميع المنضمين الى التنظيم من روسيا، و ماذا عن عمر الشيشاني نفسه، هل يبقى بمعزل عن دائرة الشكوك؟
وماذا عن المغزى والهدف من اجبار فتى على اعدام جواسيس كما في الفيديو الذي نشره داعش بإعدامه مجموعة من الفلسطينيين.
وفي تسريبات حصلت عليها “أخبار الآن”، أكد أحد المقربين من التنظيم أنه وبتاريخ 19 من يناير الفائت، أعدم التنظيم شابين يحملان الجنسية السعودية على يد القيادي البارز أبو إسلام الانباري داخل جدران معسكر العكيرشي قرب مجينة الرقة السورية بتهمة بحثهم عن جوازات سفرهم بقصد الهروب فأتُخذ القرار سريعاً بالتخلص منهما بشكل سري وعاجل .
و ابعد من ذلك لم يتوان داعش عن اجبار بعض عناصره على الإعتراف بالتجسس وبالتالي اعدامهم جماعيا.
وفي الإطار يندرج تأكيد النائب عن الشبك حنين القدو ، إن داعش قام بإعدام أكثر من 40 من قياداته تمت تصفيتهم رميا بالرصاص بعد انتصارات القوات العراقية.
الشك بات يأكل راس قادة التنظيم وخاصة عندما أعلن وعبر شريط مصور عن اعتقاله خلية مؤلفة من أربعة من عناصره، يتحدثون اللغة التركية، قال إنهم خططوا للانقلاب والخروج عليه بالسلاح و”زعزعة الأمن” في مناطق سيطرته.
المثير في الخبر، أن هؤلاء قد تم تقديمهم على أنهم غلاة، قد تبنوا أفكاراً أكثر تشدداً مما عليه التنظيم، وقد نفذ بهم جميعاً حكم الإعدام.
ما يصلنا هو مجرد مشاهد و صور و فيديوهات و آخرها صور و فيديو تصفية المتهم بالتجسس احمد محمد و نقل معلومات عبر وسيط موجود في تركيا لكن من يثبت بان هؤلاء تم اعدامهم فقط لأنهم اتهموا بالتجسس؟ الا يمكن ان يكون ذلك لأسباب اخرى ؟ فاي خسارة على الارض قد يبررها داعش بالتجسس فيقدم على التخلص من عناصره .
و من هو المسؤول على تصنيف الجاسوس من عدمه و ما هي المعايير المعتمدة في ذلك هل هو الشك فقط ، هل هي جنسيات هؤلاء ، هل هي مدة انضوائهم تحت لواء التنظيم ؟
اعداد كبيرة من المتهمين بالتجسس لم يحصها احد من قبل ، و لكن يجب التوقف عندها مليا فهي ان دلت على شيء تدل على ان هذا التنظيم تنخر في تركيبته الهشة و الواهنة و الضعيفة ازمة الثقة.
https://www.youtube.com/watch?v=yj5f1lk2GCU