عائلة الطيب منزل فقير، يكسوه الحزن والبؤسُ، ويُغَطِّيه الحِرْمان والبلاستيك، يجمع في داخله عائلة كبيرة مكوَّنة من مجموعة من العائلات الصغيرة، التي تَوحَّد شكلُها مع الصفيح والبلاستيك والبؤس والحِرْمان، حتى لتظن أنهم جزءٌ من الجدران أو الأسْقُف، يكاد الفقرُ يشكو من فقْره، وتكاد المأساة تشكو من مأساته، فيه خليطٌ من بَشَر ينامون على الأرض المرسومة بالقذارة، ليس لأنهم لا يملكون حِسَّ النظافة، بل لأنَّ تركيبة البيت تأبَى أن تكونَ نظيفة مَهْمَا بُذِلَ مِن جُهْد، سكنَه إنسان بسيط اسمه: “عاطف الطيب”، الذي شكَّلت حياتُه مجموعة من التناقُضات، حتى كان اليوم الذي وُجِدَ فيه مَيِّتًا في ظروف غامضة، فهناك مَن ادَّعى أنه قُتِلَ، وهناك من زَعَم أنه وَقَعَ على صخرة شجَّت رأسَه، أمَّا الحقيقة فلم يهتمّ بها احد، أو أهل الميِّت، أو حتى الشرطة وأجهزة الأمن؛ مما دفَعَ إلى الاعتقاد أن هناك أمرًا خفيًّا في مَوْتِه، يتجاوز حدود الناس والأهل. حين مات الطيب، لم يشعرْ أحدٌ بفُقْدان الشخص، وهذا أمرٌ مستغرب ومستهْجَن، خاصة في ذلك الوقت الذي كانت الناس فيه رغم اختلافها في المنابع والأصول والعادات والتقاليد، ورغم الاقتتال الحاصل، بقوا أوفياءَ لبعضهم، وكأنَّ فكرة الالتحام والتكافل كانت ضرورة من ضرورات البقاء والوجود.
الوسومأشرف دوس
شاهد أيضاً
المحاكمات (التأديبات) الكنسية … منظور ارثوذكسى
كمال زاخرالخميس 19 ديسمبر 2024 البيان الذى القاه ابينا الأسقف الأنبا ميخائيل اسقف حلوان بشأن …