وكالات
هل يشغلك ما يحدث في اليمن؟ تكرر مشهد انتصار فصيل مسلح على الجيش كما انتصرت داعش على الجيش العراقي، هل تريد أن تعرف أكثر عن التنظيم المكون من 20 ألفًا الذي انتصر على جيش قوامه نصف مليون مجند؟ ما هو موقف السعودية، وما علاقة الحادث في اليمن بالإخوان المسلمين؟ وما موقف إيران؟ تعال لنجيب على أسئلتك في هذا التقرير.
1- من هم الحوثيين .
كانت بداية التأسيس عام 1992، سميت الحركة بـ “الشباب المؤمن” وعرفت أيضًا باسم “أنصار الله” وعدة أسماء أخرى، لم تكن قبل هذا التاريخ تعرف كحركة، وإنما كمجموعة أسست لما يمكن تسميته اتحاد شباب عام 1986 على يد بعض طلاب العلم الزيديين. تعتمد الحركة المذهب الزيدي مذهبًا لها، والمؤسس الرئيس هو حسين بدر الدين الحوثي، وشعار التنظيم منذ عام 2002 ” الله أكبر- الموت لأمريكا- الموت لإسرائيل- اللعنة على اليهود- النصر للإسلام”، ما يذكرنا بالطبع بأحد شعارات الثورة الإيرانية “الموت لأمريكا”.
بين عام 2004 وعام 2010 اشتبكت الحركة في ست حروب مع الحكومة اليمنية، وانتهت الحرب الأولى عام 2004 بمقتل زعيم التمرد حسين بدر الدين الحوثي، ليتولى والده القيادة بعده ثم تنتقل بعد ذلك إلى أخيه عبد الملك. وفي الحرب الأخيرة عام 2009 تدخلت السعودية بالطيران والجنود السعوديين لردع خطر الحوثيين لأنهم صاروا يشكلون خطرًا على الحكومة اليمنية.
ارتبط الحوثيون دومًا بالدعم الإيراني، تتهمهم أمريكا بتلقي التمويل الإيراني، وتتهمهم كذلك السعودية والحكومة اليمنية، بينما تنفي إيران ذلك، لكنّ كل التقارير الإعلامية ـ والاستخباراتية ـ تؤكد تلقيهم تمويلاً كبيرًا جدًّا من إيران.
في 20 سبتمبر الماضي لم يتوقع أحد أبدًا أن يستطيع الحوثيون تحقيق انتصارات عسكرية توصلهم للعاصمة صنعاء، ويسيطرون عليها وعلى الشمال الغربي في البلاد كلها (سيطرت الحركة على محافظات الحديدة، حجة، ذمار، البيضاء، إب، عمران). كان الأمر غريبًا حقًّا فالجيش اليمني يصل إلى حوالي نصف مليون جندي، كيف ينهزم أمام ميليشيا ؟ وهذا ينقلنا للسؤال الثاني:
س2: أين الجيش اليمني إذن من كل ما يحدث؟
سيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء بعشرين ألف مسلح فقط، بينما يبلغ الجيش اليمني نصف مليون مُجَنَّد!
لهذا فلنلقِ نظرة أكبر على الجيش اليمني. الجيش اليمني الذي يبلغ نصف المليون كانت تساهم محافظة واحدة فقط في تركيبته بحوالي 115 ألفًا، هل تستطيع أن تتخيل مدى قوة هذه المحافظة؟ بينما لم تساهم محافظة مثل محافظة حضرموت منذ عام 1994 سوى بـ 54 ضابطًا فقط. يتكوَّن الجيش من تركيبات قبلية، القبائل هي التي تسيطر على الجيش، وانتماء الجنود للقبيلة أعلى من انتمائهم للجيش، بالتالي تخضع الألوية لقياداتها من نفس القبائل.
يسيطر اللواء الركن علي محسن الأحمر على قطاعات كبيرة من الجيش، ويشغل منصب مستشار الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، وكان الأحمر من مؤسسي حزب التجمع اليمني للإصلاح المحسوب على الإخوان المسلمين في اليمن، والذين يدعمهم آل الأحمر. ولا شكّ أن سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء ستودي بنفوذ عائلة الأحمر وبنفوذ اللواء الركن، وستأخذ في أيديهم بلا شك الإخوان المسلمين.
في الحروب الستّة السابقة بين الجيش اليمني والحوثيين، كان خبراء ينظرون إلى الحرب بين الجيش والحوثيين باعتبارها حربًا بين الرئيس السابق علي عبد الله صالح واللواء الركن، فعبد الله صالح يخاف على نفوذه من اللواء الركن المحسوب على تيار معارض لصالح، تقارير عديدة تشير إلى أنَّ اختراق الحوثيين لصنعاء وسيطرتهم عليها تمّ من خلال الرئيس السابق ودوائر معرفته ونفوذه في الحكومة والجيش، ما يجعل السؤال مفتوحًا حول إمكانية عودة صالح للحكم. تقارير عديدة تؤكد أن صالح كان ليتحالف مع الحوثيين – أثناء رئاسته- في مواجهة الأحمر!
كانت الكتائب المسلحة للحوثيين تعبُر القرى والمحافظات في الطريق إلى صنعاء. وكانت تلك المناطق قيد التسليم تنتمي كلها إلى المذهب الزيدي. وكان الحال كذلك مع قادة الجيش”.
هل عرفت الآن إذن لماذا سقطت صنعاء؟ هل تعرف أيضًا أنَّهُ لم يبد أيًّا من ألوية الجيش أية محاولات لإنقاذ العاصمة باستثناء خمسمائة فرد فقط من الجيش كانوا منتشرين داخل الفرقة الأولى مدرع التي تقع تحت قيادة اللواء الركن الأحمر.
المعروف أن الرئيس السابق كان يقول: “أنا لا أثق باليمنيين، أثق فقط بأبنائي”، وعلى هذا شكَّل الرئيس السابق الجيش اليمني من المخلصين له وحلفائه، دخول الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة وعلى الحكومة وعلى بقية الأجهزة الأمنية يعني – حسب تحليلات- أنَّ الرئيس صالح قد مهد لهم الطريق للنيل من عدوه اللدود اللواء الركن علي محسن الأحمر. بتحالفه مع الحوثيين لن يقف أمامه أحد!
ما يدعم هذا التحليل معرفة أن الرئيس الحالي عاش في كنف الرئيس صالح لمدة 17 عامًا، وعندما أصبح رئيسًا استفاد منه بقوة ومن تحالفاته القبلية القوية جدًّا، فقد أعاد هادي رجالات صالح إلى الواجهة من جديد، فقد عيَّن أحد مخلصي صالح قائدًا للمنطقة العسكرية السادسة بصنعاء المُناط بها حماية العاصمة، حين وصل الحوثيون صنعاء كان القائد قد سحب كل النقاط العسكرية وفتح عشرات الطرق أمامهم، هذا أحد الأمثلة التي تفسر السقوط المريع والمرعب للعاصمة صنعاء صاحبة الجيش الذي قوامه نصف مليون مجند أمام ميليشيا لا تتعدى العشرين ألفًا.
حسب تقرير للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان فقد ارتكبت جماعة الحوثي منذ سيطرتها على العاصمة في 20سبتمبر وحتى 10 أكتوبر الماضي فقط 4531 انتهاكًا في مناطق شمال وغرب العاصمة صنعاء. كما سقط 733 قتيلاً منذ بداية الاجتياح المسلح لجماعة الحوثي لصنعاء، وبلغ عدد المصابين ما يقارب 930 مصابًا، كما وصلت حالات الاختطاف التي تم توثيقها إلى ما يزيد عن 1000 حالة. ولا يستطيع أحد من المواطنين أن يتقدم بأية شكاوى عن هذه الحالات إلى الحكومة، فالحكومة لا تقبل الشكاوى المتعلقة بالحوثيين!
س3: وكيف تطورت الأحداث إذن بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة ؟
الرئيس الحالي كان يتسابق مع الرئيس السابق على كسب ود جماعة الحوثي، هذا ما تقوله التحليلات. وبشكل أكثر عقلانية: أي تنظيم قوي يستطيع أن يقف إلى جانب الرئيس في معركته السياسية؟ أي خصم قوي يستطيع أن يطيح بالأحمر والإخوان؟ بالطبع الحوثيون قوة عسكرية ومذهب وعقيدة لها اتباع بالآلاف من جنود الجيش ومن قادته أيضًا. استطاع الرئيس السابق علي عبد الله صالح التغطية على تحركات الحوثيين بشبكة اتصالاته الداخلية بينما غطى عليهم هادي بشكلٍ أكثر حرفية؛ فقد استطاع أن “يضلل” الخارج بالقول إنها مجرد مناوشات بين أنصار اللواء الأحمر والحوثي على تخوم صنعاء.
استطاع الحوثي أن يبسط سيطرته على كل شيء في العاصمة، لم تقف في وجه الحوثيين سوى مأرب مع بعض قوات المنطقة العسكرية الثالثة، توصل أعيان مأرب لاتفاق مع الحوثيين، ليستطيعوا التقاء الرئيس هادي، فماذا كان رد الرئيس؟
إن الأمور حسمت لصالح الحوثي في كل اليمن، والطريق الوحيد للخروج من ورطتكم أن تذهبوا للحوثي وتتحدثوا إليه، وإذا عقد معكم اتفاقًا فهذا جيد جدًّا، وإن لم يعقد فسلموا له ولا تفعلوا كالآخرين، هذه نصيحتي لكم. نعم هذا كان رد الرئيس هادي لرعاياه في مأرب.
ما الذي يستطيعه الرئيس بعد ذلك؟ توقيع اتفاق “السلم والشراكة الوطنية” قد يكونُ كافيًا للرئيس، بعد يوم واحد من سيطرة الحوثيين على عاصمته استقبلهم في دار الرئاسة مع رئيس مجلس النواب ومساعد الأمين العام للأمم المتحدة وممثلي الأطراف السياسية. ينص اتفاق السلم على عدة بنود أهمها: تكوين حكومة وفاق وطني تقود المرحلة الانتقالية، يشترك في الحكومة جميع الفرقاء السياسيين. البند الهام الثاني هو حلّ المجموعات المسلحة.
لكنّ الحوثيون يتعاملون بانتقائية شديدة مع بنود الاتفاق فما تزال قواتهم متمركزة في العاصمة صنعاء، وقاموا بنصب الكمائن في العاصمة وكل المدن التي سيطروا عليها. ويبدو أن الحوثيين لا يرون أن وصف “جماعة مسلحة” ينطبق عليهم، فمن أقوى منهم الآن؟ لا بدّ إذن أن قواتهم أصبحت صاحبة القرار ولا أحد غيرها. وما زالت الميليشيات تواصل زحفها المستمرّ، ولا يقف في وجه الحوثيين الآن سوى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب عدوه اللدود، ومنافسه الذي يشتبك معه في مناورات عسكرية وتفجيرات منذُ شهور، ولكن يبدو أن الغلبة ما زالت للحوثيين، حتى الآن على الأقلّ.
وثمَّةَ هناك بعدٌ آخر، إذا علمنا أنَّ الرئيس السابق علي عبد الله صالح – الذي ربما يسعى للعودة للحكم، هذه المرة بمساعدة الحوثيين!- هو الذي سهَّلَ على الحوثيين دخول العاصمة، مع تعاون الرئيس الحالي عبد ربه منصور هادي، رغم هذا التعاون إلا أن السياسة لا تعرف الصداقات، فقد كتبت الناشطة السياسية اليمنية والحائزة على جائزة نوبل توكل كرمان على صفحتها الرسمية بموقع فيس بوك أنَّ الرئيس الحالي وحكومته رهن الإقامة الجبرية، وقالت إنَّ الذي يحكم اليمن الآن هم الحوثيون، ولكن ألم يقل ذلك الرئيس عبد ربه منذ شهرين لأعيان مأرب كما ذكرنا؟ يبدو أن الحوثيين لم يكتفوا بالسيطرة الفعلية مع ترك الرسميات للرئيس فوضعوه رهن الإقامة الجبرية.
س4: ما هو توزيع القوى في اليمن إذن؟
نستطيع أن نوزع التيارات الأساسية في اليمن، والتي هي بطبيعة الحال قائمة على التحالفات القبلية والعقدية إلى:
1ـ الحوثيين: وهم القوة الأكبر نفوذًا حاليًا، والأقوى. يسيطرون على الشمال الغربي للبلاد كلها، وعلى العاصمة وعلى مضيق باب المندب، فقد سيطروا على ميناء الحديدة والذي يعتبر ثاني أكبر ميناء في اليمن بعد ميناء عدن، وباب المندب هو المدخل الجنوبي لقناة السويس. التخوف المشروع للعالم كله من سيطرة جماعة الحوثي على مضيق باب المندب من خلال السيطرة على ميناء الحديدة وجزر اليمن الثلاث الهامة جدًّا. ومن يسيطر على باب المندب يستطيع أن يخنق حركة الملاحة في قناة السويس!
كان من المفترض أن يُمثل الحوثيون في الوزارة الجديدة بستّ حقائب وزارية، لكنّ الاتفاق لم يتمّ.
2ـ المؤتمر العام الحاكم: ينتمي إليه الرئيس الحالي والسابق، ويبدو حاليًا في تحالف غير ظاهر مع الحوثيين. ويحتفظ الرئيس هادي بأربع وزارات سيادية، بينما يسيطر الحزب على أغلبية البرلمان.
3ـ حزب الإصلاح: وهو أقرب إلى كونه عدة تكتلات في ائتلاف واحد، تأسس على يد اللواء الركن علي محسن الأحمر في التسعينيات، يشارك سياسيًّا في الحكومة، ولكنه عسكريًّا منهزم الآن بعد صعود الحوثيين وتسرب الجيش من قبضة الأحمر، وهذا التحالف يصنف كإخوان مسلمين، وكان على علاقات طيبة بالسعودية لكنها تتفتت الآن بسبب الموقف السعودي المعادي للإخوان بشكلٍ عام.
4ـ الحراك الجنوبي الانفصالي: عبارة عن عدة تكتلات وحركات سياسية تطالب بالانفصال عن الشمال، بدأ الحراك في عام 2007 كمحاولة لضبط مسار الوحدة بين الجنوب والشمال (اتحد الشمال والجنوب عام 1990)، ولكنه سرعان ما تخلى عن هدفه إلى هدف آخر وهو انفصال الجنوب مرة أخرى.
5ـ تنظيم القاعدة: اندمج تنظيم القاعدة باليمن مع تنظيم القاعدة بالسعودية في عام 2009 وأصبحا كيانًا واحدًا. ويدخل الآن في حرب مفتوحة مع الحوثيين. وهم القوة الوحيدة المناوئة لهم. ويتوقع العديد من المحللين وقوع حرب مفتوحة بين التنظيمين القويين.
س5: ما هو موقف السعودية الحالي؟ وما تأثير سيطرة الحوثيين إقليميًّا؟
هل تابعت جيدًا موقف السعودية الأخير من الإخوان؟ خلال السنتين الماضيتين دعمت تحرك الجيش في مصر بكل ما تستطيع من أموال وتأييد دولي، ثم أعلنت الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، قطعًا موقف السعودية في اليمن يرتبط بموقفها العام من الإخوان. الركن علي محسن الأحمر والتابعون له في الجيش وحزب الإصلاح يمثلون الإخوان في اليمن، ورغم دعم السعودية لهذا الفصيل في السابق في مواجهة الحوثيين في عهد الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، إلا أنها تقف ضدهم الآن، ليس فقط بقطع التمويل بل بالسكوت عن تغول الحوثيين والسيطرة على العاصمة صنعاء.
هل تذكر أننا ذكرنا في السؤال الأول أن السعودية تدخلت في إحدى الحروب بين الحوثيين والحكومة إلى جانب الحكومة بالسلاح والطيران السعودي؟ ولكنها الآن تقف صامتةً إزاء تحرك الحوثيين. ولم يكن تحرك الحوثيين مفاجئًا لها أبدًا بل تمَّ بالاتفاق مع شركائها (الرئيس السابق والحالي).
يبدو أنَّ السعودية ـ بحسابات دقيقة ـ تترك للحوثيين، بالتعاون مع الرئيس اليمني، مساحة كبيرة للنفوذ للإطاحة بالإخوان المسلمين، ويبدو أنَّ الحوثيين ليسوا مجرد ميليشيا مسلحة، وإنما يلعبون السياسة بشكلٍ محترف!
بالنظر إلى طبيعة علاقة الحوثيين بإيران (تدعمهم بشكلٍ كامل) وبالنظر إلى طبيعة التقارب بين السعودية وإيران بشكلٍ من الأشكال خلال الفترة السابقة، هل انعكسَ هذا التعاون بين السعودية وإيران إلى تعاون بين الحوثيين وأعدائهم السابقين رئيسي اليمن السابق والحالي (حلفاء السعودية)؟ يبدو هذا السؤال مشروعًا الآن إذا علمنا أن السعودية رغم كل المخاطر البادية للعيان من سيطرة الحوثيين على صنعاء لم تحرك ساكنًا حتى الآن. فهل ستترك السعودية مصالحها هكذا عرضة للنهب؟ بالطبع لا فهذا غير معروف عن السعودية أبدًا، وساحات مثل سوريا والعراق ومصر وليبيا تشهد على ذلك. يبدو أن السعودية حتى الآن راضية عما يحدث في اليمن على خلاف المتوقع.
تقارير أخرى، وهمسات صحفية عن تواصل السعودية مع قبيلة حاشد من جديد، لمناقشة الأوضاع، قبائل حاشد تضم ما يقارب ثلاثمائة ألف مقاتل، بالطبع بوسعهم قلب المعادلة خصوصًا أنَّ الحوثيين يقومون بأعمال نهب لبعض كبار رجالات حاشد لا يسكت عليها العرف اليمني.
س6: كيف يمكن أن نقرأ مستقبل اليمن؟
أمام اليمن الآن عدة سيناريوهات، وتبدو قراءة مستقبله صعبة للغاية، فلا توجد تقارير تستشرف مستقبله، فقط نهاية مسدودة هي ما يجمع عليها الجميع. بالنظر لموقف السعودية الذي يبدو هادئًا جدًّا وواثقًا، وبالنظر أيضًا إلى موقف حلفائها داخل اليمن الذي يشبه موقفها يبدو أنَّ هناك تحالفًا ما بين السعودية وإيران من جهة، وبين حلفائهما بالمقابل داخل اليمن من جهة أخرى، السعودية ستستفيد من الإطاحة بالإخوان، بينما ستستفيد إيران من تعاظم نفوذها في المنطقة، وربما تكون اليمن موطئًا آخر للسعودية وإيران للتلاقي، لكنَّ الموقف الشائك لا يدعنا نجزم بتلك الفرضية، بل قد تتحول اليمن في القريب العاجل لساحة للحرب بالوكالة بين الدول الإقليمية الكبرى كإيران والسعودية، خصوصًا في ظل التسريبات عن تواصل السعودية بقبائل حاشد من جديد.
سيناريو آخر ينتظر اليمن، ولا يبدو أقلّ تشاؤمًا وسوداوية من سيناريو الحرب بالوكالة، وهو الحرب الأهلية، بين الحوثيين والقاعدة، وبين الفريقين الآن حرب في بعض المحافظات. يتقدم الحوثيون بقوة الآن، لكن لا أحد يعلم ماذا تخبأ لهم الأيام القادمة. محللون يتوقعون حرب مفتوحة بين التنظيمين، في هذه الحالة سيحيَّد الجيش تمامًا أو سينضم للحوثيين!
في كل الأحوال تبدو اليمن في نفق مظلم لا نور في نهايته، ولن تكون – إذا حدثت- أول حرب أهلية تحدث في اليمن الغارق في حروب أهلية منذ استقلاله في الستينيات، هل سينفصل الجنوب؟ هل سينتصر الحوثيون؟ هل سَتُعقد الحرب بين إيران والسعودية في اليمن؟ هل سيعود الجيش من جديد؟ هل سيعود الحكم الزيدي الإمامي الذي انتهى بثورة 1962؟ هل سينتهي الإخوان من اليمن كما ينتهون من بلاد أخرى؟ وهل وهل وهل؟ أسئلة لن يجيب عليها سوى الزمن!