بقلم المحامي نوري إيشوع
البارحة، راودني شعورٌ غريب، شعورٌ أجبرني على البكاءِ بحرقة على احتفال مئات لا الآلاف ممن احتفلوا البارحة
بعيدِ الأم وأنا واحدٌ منهم مع إنني فقدتُ والدتي منذ سنواتٍ مضت، الأم غالية لا بل هي أغلى بني البشر، الأم التي
تحملت الآلام وقضت الليالي للسهر على راحة فلذات أكبادها، الأم التي تهزُ السرير بيمنها
والعالم بيسارها الأم هي العالم بأكمله و العالم بدونِ الأم، ليس إلا صحارى قاحلة، هجرها المطر والخير والحنان.
البارحة، أحتفلَ الآلاف بعيدِ أمهاتهم وأرسلوا أطنان من باقات الورود إلى أغلى ما عندهم!
لكن أقولها وبحسرة هل فكرنا وأنا واحدٌ منكم بالأمهات التي أسرنً وأختطفنَ وأغتصبن البارحة أمام أعين
أزواجهن، أبنائهنَ و بناتهن؟
هل شعرنا بشعور الأمهات اللواتي جرهنّ الوحوش أمام أعين أطفالهن الى المجهول و إعادتهن وهنّ بين الموت والحياة؟
البارحة فرحَ العالم بإجمعه بعيد أغلى إنسانة على قلوبنا جميعا ولكننا هل عشنا مع هؤلاء الذين عانتْ أمهاتهم
الويلات في نفس اليوم و الساعة!
البارحة ونحنُ نحتفل هل شعرنا وفكرنا ولو للحظات بالعذارى اللواتي يغتصبن و بالأمهات اللواتي أغتصبن، هل
توقفنا عند وحشية هؤلاء الذئاب الذين قتلوا الطفولة من خلال صرخات وصدى أصوات الثكالى.
البارحة إحتفل العالم وفي نفس الوقت، مات العالم بعد أن طعن الشر أعزُ ما عندنا، أمنا ولكن لا يزال العالم
يحتفلُ وسوف يحتفل لإننا أبناء و بناـت الأنانية وانا واحدٌ منكم نحبُ أنفسنا ولا نحب إلا أنفسنا أولاً
البارحة، احتفلنا ولكننا نسينا وتناسينا صرخات من يغتصبن في لحظات إحتفالاتنا في إعياد أمهاتنا.
عشنا وعاشَ العالم البارحة وماتت الأمهات و الأمومة إلى الأبد! أعذروني على شعوري القاسي
لأنه مازال هناك مئات الأمهات والعذارى أسيرات بيد وحوشٍ لا رحمة لديها ولا شفقة
لازال هناك مئات الأطفال يفرشون الأرض تحت أسواط البرد و الخوف والأرهاب ونحنُ نحتفل!
أعذروني على كلماتي القاسية بحقِ من إحتقل بعيدِ من يحب
لكن صرخات الظلم خرقت جدار آذاننا والأعمال الوحشية التي يقوم بها عبدة الأوثان شردت أفكارنا
والذي يحصل لأهلنا من ذبحٍ و قتلٍ و حصارٍ و تشريدٍ، إغتالَ عقولنا وعرى حقيقة الإنسان وخلعّ ثوب هذا العالم!