الإثنين , ديسمبر 23 2024

واسيني الأعرج، و ملتقى القاهرة الدولي السادس للإبداع الروائي العربي (1)

11067511_856769274382789_632154008605777613_n

تقرير أعَدَّته / نانا جاورجيوس

إنطلقت فعاليات ملتقى القاهرة الدولي السادس للإبداع العربي، من المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، و الذي ينظمه المجلس الأعلى للثقافة و يقام هذا العام تحت عنوان «تحولات وجماليات الشكل الروائي. وعلى هامش الإفتتاحية كان لنا لقاءات عديدة مع الروائي الجزائري والأديب العالمي واسيني الأعرج، الناقد الأكاديمي والأستاذً بجامعتي السوربون و الجزائر العاصمة وأحد أهم أقلام الإبداع الأدبي وظاهرة أدبية فريدة أهلته لأن يكون سفيراً للأدب العربي والعالمي. يبحث عن كل ماهو جديد لترجمة مشاكل الواقع اليومي المعاصر أو التاريخي على المستوى الفردي و الجماعي. يكتب بالعربية والفرنسية. ترجمت أعماله لأكثر من ثمانِ لغات. رصدت رواياته كثيراً من القضايا، كالعنف و الحب وإضطهاد المرأة بمجتمعات ذكورية، والاضطهاد الإثني والتحولات السياسية وقضايا الهوية والتسامح الديني والمنفى والمرض والموت و جوهر الأدب والإصابة بلعنته، له ستة روايات تنبأ فيهم بظاهرة الإرهاب، كالعشرية السوداء برواية مملكة الفراشة والتي إستهلِّها بعبارة لها كثير من الدلالات لإنتصار الحياة والحب والخير على كل أنواع الحروب:«الحرب ليست فقط ما يحرق حاضرنا، ولكن أيضًا ما يستمر فينا من رماد حتى بعد خمود حرائق الموت». كل هذه القضايا على مساحة كبيرة من الخلفيات التاريخية.
هو صاحب: « مملكة الفراشة، طوق الياسمين،حارسة الظلال، انثى السراب، البيت الأندلسي، سيدة المقام، نوار اللوز، شرفات بحر الشمال، رماد الشرق، كتاب الأمير ،أصابع لوليتا، سوناتا أشباح القدس….»، وغيرها العديد من الروايات التي أثرت الأدب و تركت بصمة في الإبداع العربي والعالمي، حصد واسيني من خلالها العديد من الجوائز المحلية و العالمية.
على هامش إفتاحية اليوم الأول لفعاليات المؤتمر15 مارس، فرضت الأحداث التي تمر بها المنطقة نفسها لتلقي بظلالها على الأجواء. وكانت أبرز الأسئلة التى طُرحت عليه:
*كيف ترى أبرز التحولات وكيف إنعكست الأحداث على الوطن العربي في السنين الأخيرة على الرواية العربية؟
-أولاً هناك تحويلين، تحول مرئي أو تحول سياسي والثقافي والحضاري على مدى المائة سنة الأخيرة، خليني أقول من 1914 من رواية زينب لهيكل إلى اليوم. تغيرت هذه البُنى من اللحظة الأولى التي طرحت قضية العلاقة مع الأخر يعني مع الغرب، مثلاً مثل الروايات الأولى إلى اللحظة التي طرحت علاقة مع الذات ولكن طرحت علاقة مع الذات من خلال شكل جديد هو الشكل الروائي الذي لم يكن معروفاً لدى العرب، يعني كيف تثير قضية عربية داخل شكل ليس لك. ثم ننتقل بعد ذلك إلى طرح القضايا العربية الكبرى من إنتكاسات وهزائم و آمال وأفراح أعادت الرواية العربية نسجُها وفق ما يمليه النص الروائي، ثم بعد ذلك نجد في السنوات الأخيرة هذه التحولات المجتمعية القاسية كذلك في المجتمع العربي في كثير من الروايات، يعني هناك إعلان لسعادة الكبرى أن المجتمع العربي يتغير من الداخل، أو حالة فرح، أو حالة« إيوفوريا» مثل ماتُسمى، وفيه نصوص روائية عربية بنفس الفترة التي نحن فيها مَن تطرحٍ قضايا أخرى وهي قضية تساؤل: « ماهو مقام العرب في عالم بدأ يتفكك، ليس فقط العالم العربي وحتى العالم الغربي؟»، يعني في إنسحاب للعالم القديم ونشوء عالم جديد. فالملتقى سيطرح تلك القضايا الكبرى ولكن في الوقت نفسه سيطرح التشكيلات الأدبية والروائية التي نشأت على مدار المائة سنة الأخيرة لأن هذه المضامين وهذه الموضوعات التي قلتها خلقت بُنى جمالية جديدة، بعضها إستمر وبعضها توقف، بمعنى بعضها الكلاسيكي بدأ يترنح، وبعضها الجديد المرتبط أولاً بالتحولات الداخلية للمجتمعات العربية، ولكن مرتبط كذلك بأفق النص الروائي العالمي، لأن العالم صار قرية صغيرة و النصوص الأدبية تنتقل من مكان إلى مكان، أقرأ النص الياباني، أقرأ النص الإنجليزي، أقرأ النص الأمريكي، أقرأ النص الفرنسي، مفيش مشكلة لأن هذه النصوص عن طريق الترجمات المختلفة أصبح بإمكان القارئ العربي والكاتب العربي أيضاً أن يتطلع عليها وينتج المادة الفنية التي لها تماس بالواقع الموضوعي والتي لها أيضاً تماس من حيث البِنية الجمالية بما يُنتج عالمياً.
* كلمنا عن الملتقى وأهم الحاجات المطروحة فيه، وكلمنا عن مشاركاتك في الملتقى ؟
-الملتقى طرح في الحقيقة قضايا مهمة وهي قضية الشكل الروائي لأنه قبل فترة كان الشكل الروائي دائما يؤخذ على أساس أنه مسألة ثانوية ويتم التركيز على المضامين. الآن دخلنا في موضوعات أخرى وهي موضوعات البنية الداخلية للنص الروائي، وكيف يشتغل النص الروائي وكيف ينتج قِيَم جمالية ، لأن القِيَم التي تتنقل عبر التاريخ والتي تنتقل إلى القارئ هي هذه القِيَم الجمالية وليس القِيَم الفكرية، لأن القِيَم الفكرية متحولة، أما القيم الجمالية فهي مهمة و ثابتة.
أنا عندي مداخلة أولى حول تجربة شخصية كيف شكّلتُ أو كيف قمتُ ببناء نص سِيَري روائي وهو «سيرة المنتهى» ، وما هي العناصر التي دخلت في هذا النص، بدأت إشتغل إشتغال داخلي أو المكونات الداخلية للنص السردي.
* ماذا تمثل الجائزة، خصوصاً بعد عودة ملتقى الرواية العربية مرة ثانية وإنطلاقها من القاهرة و أهمية هذا بالنسبة لحضرتك؟
يجب أن نتفق أن الجائزة لا تصنع كاتباً ولا تصنع أديباً، ولكن قيمة الجائزة هي أنه في لحظة من اللحظات تنتبه إلى أن هناك أدباء ومفكرين ومثقفين و روائيين بالنسبة لهذا الملتقى يستحقون كل التقدير،عودتها له الكثير من الدلالات، أولاً: دلالة الإستمرارية، فهذا الملتقى توقف مدة من السنوات ثم عاد، عاد بفكرة الجائزة وفكرة المؤتمر وفكرة الندوات، وخصوصاً أن الندوة هذه السنة تطرح قضية في غاية الأهمية وهي التشكيلات الجمالية للرواية العربية لأننا إحنا دايماً لما نتحدث عن الرواية العربية، نتحدث كمضامين، كأفكار إلى آخره. ملتقى هذه السنة فيه التركيز على البُنَى الجمالي، لأن الرواية في نهاية المطاف عبارة عن كيان لغوي، وهذا الكيان اللغوي موجه لقارئ ويصل إلى القارئ عن طريق جسر اللغة، وهذا ما يؤهل هذه النصوص العربية لأن ترتقي إلى سُدة عالمية، وبالتالي تأتي الجائزة لكي تغطي هذا الجهد العربي الذي إستمر إلى الآن مائة سنة من الجهد.
في هذا الدورة أنا أتمنى أن يتم التنبُّه للشخص الأكثر تراكماً والأكثر معرفة والأكثر تقديراً لنص الروائي. طبعاً الجائزة عندما تُعطى هي لا تعني أن صاحبها هو الأهم، أكيد في موجة تستحق لها هذا التقدير، ولكن هي المسألة رمزية لهذا قلت أن الجائزة لا تصنع كاتباً ولكنها على الأقل تنبه القارئ إلى أن هنا جهد يُبذل ويجب أن يتلقى كل التقدير. وجود هذه الجائزة في القاهرة وهي جائزة على أساس أنها الجائزة العربية بغض النظر عن القيمة المالية، فهي قيمة رمزية، أولاً لما لمصر من تاريخ وكانت دائماً هي القدوة، هي رأس القطار، هي القاطرة التي تجُرّ ورائها الوطن العربي. فوجد هذه الجائزة داخل هذا المُناخ وداخل هذا البلد وهذه العودة، أعتقد أنها في غاية الأهمية.
و لنا عودة مع الكاتب و الروائي الجزائري واسيني الأعرج لتغطية باقي جلسات المؤتمر، ليحدثنا عن سيرته الذاتية التي صدرت مؤخراً وهي «سيرة المنتهى، أو عشتها كما إشتهتني» في الندوة التي أقيمت ضمن فعاليات ملتقى القاهرة الدولي السادس للإبداع.

شاهد أيضاً

ألمانيا

السلطات الألمانية تجاهلت سيدة حذرت من مرتكب “حادث الدهس في ألمانيا”

كتبت: أمل فرج فيما لا تزال  مدينة ماغدبور، في ألمانيا تعيش وقتا عصيبا،  تحت وقع …