بقلم.. مدحت عويضة
شباب ماسبيرو هم أفضل ما أنجب الأقباط عبر تاريخهم، فهي حركة نتجت من ضمير الأمة المصرية للدفاع عن حقوق أقليه مهمشة مظلومة، وأن كان الضمير الجمعي المصري لم يرتقي بعد للدفاع عن حقوق الأقلية المختلفة في الدين كما حدث في الولايات المتحدة عندما ساهم كثير من البيض في ثورة السود، فأن الحركة اقتصرت علي شباب الأقباط فقط، بعد حادث استشهاد 21 مصري قبطي في ليبيا أصدرت الحركة بيانا شديد اللهجة كما دعت لوقفة في دوران شبرا، لم يكن شباب ماسبيرو موفقين في صياغة البيان والدعوة للوقفة، مما جعلهم عرضة للهجوم العنيف من الإعلام المصري، بالرغم أن نقابة المحامين أصدرت بيانات شديدة أيضا ونظمت وقفة إندس فيها الإخوان احتجاجا علي موت محامي في أحد الأقسام إلا أن لم تتعرض نقابة المحامين لنفس الهجوم، بالرغم أن اللوم يقع علي النقابة أكثر نظرا لقيادتها من قبل مخضرمين في السياسة وذو خبرات طويلة مقارنة بالحركة الشابة التي يقودها شباب صغار السن!!!.
شباب ماسبيرو مثلهم مثل شباب الثورة، وشباب الثورة هم موجودين في كل بيت فكثير من أولادنا نجدهم يعارضون ما يحدث في مصر, واستمرار معارضتهم ليس عيبا فيهم بل دليل علي فشلنا نحن الذين عجزنا علي إقامة حوار معهم، فنحن مازلنا نتبع معهم اسلوب قمعي في الحوار يجعلهم ينفرون من حوارنا ويزدادون عندا، وهم في الحقيقة أولادنا وأخوتنا ويجب أن نفتح لهم صدورنا لنقيم معهم حوار بناء وينبغي علينا أن نحتضنهم للتحول الطاقة التي بداخلهم لطاقة بناءة.
مشكلة شباب الثورة بصفة عامة أنهم ينظرون لأنفسهم علي أنهم الشباب الذي أحدث التغيير في المنطقة العربية بالكامل، وينظرون إلي من سبقهم علي أنهم أجيال منبطحة خانعة، وفي ذلك هم يغفلون أن ثورة يناير نتيجة لتراكم جهود كبيرة لمن سبقوهم ومن تحملوا عناء معارضة النظام ودفعوا ثمنا باهظا.
شباب الثورة شعروا بأن كل جهودهم قد ضاعت بعد ثورة يونيه، لأن الوقود الحقيقي لثورة يونيه كان لمن هم فوق الأربعين وحزب الكنبة الذي نزل وزلزل شوارع مصر، ولذلك تجدهم يعارضون نظام الحكم حاليا في كل شئ، ليس عن اقتناع بل هم يعارضون من يعتقدون أنه أخذ منهم الشئ الذي كان مصدر فخرهم وكبريائهم وعزتهم.
نقطة الخلاف بين المصريين الذين تجاوزوا سن الأربعين وبين الشباب الصغير هي أن الشباب يبحث عن الحرية فهي التي خرج من أجلها واستشهد رفاقه لأجلها، هم حتي يفهمون معني الحرية بشكل مغلوط يقترب من الفوضى، فقانون التظاهر هو قانون قمعي في نظرهم بالرغم أن البلاد التي هي قلاع الحرية في العالم بها قانون للتظاهر، هم يفهمون الحرية أنها توفير فرص عمل لكل واحد فيهم، بالرغم أن الفوضي التي يسمونها حرية هي قاتلة لخلق فرص العمل، هم يفهمون الحرية أنهم يقولون ما يشاءون بالرغم أن فرنسا مثلا اعتقلت 54 فردا لمجرد تغريدات علي شبكة التواصل الاجتماعي، أحدهم كان قد سخر من رد فعل البوليس الفرنسي لحظة تنفيد الهجوم علي الصحيفة الفرنسية، ثم أصدرت قانون يجرم دعم الإرهاب بالكلمة.
أما الشق الثاني من الخلاف فهو أن المصريين الذين يدعمون النظام هم من يضع الأمن كأولوية ملحة لهذة المرحلة، وليس معني ذلك أنهم يوافقون علي كل شئ بل يؤمنون أن هناك أخطاء يقع فيها النظام، ولكنهم يتسامحون ويتغاضون عنها فهم يعتبرون أن مصر في حالة حرب علي بقائها واستقرارها وأما ان نكون أو لا نكون. وهذا ليس عيبا فيهم بل ميزة وحس وطني راقي جدا ناتج عن الضمير الجمعي للمجتمع، ولو نظرنا للانتخابات الأمريكية سنة 2004 فقد فاز فيها بوش الأبن صاحب العيوب الكثيرة علي كيري المحامي المفوه لأن الأمريكان أعطوا الاهمية الأولي للأمن عند التصويت.
شبابنا محتاج أن يرتب أولياته ومحتاج أن يعرف أن أي حركة معارضة للنظام في الوقت الحالي تنصب لصالح الإخوان، ولذلك عليه بالكف عن المعارضة لأجل المعارضة، فلا وقت لصراع الأجيال، شبابنا محتاج أن يعلم أن كل جهود أباءه ونضالهم من أجل أن يتركوا لهم وطنا أمنا موحدا قادرا علي مواجهة تحديات المستقبل، وعلي الآباء أن يدركوا أن هناك تغييرا سيكولوجيا حدث لدي الأجيال الجديدة، وعلينا التعامل مع شباب الثورة كأولاد لنا نفتح لهم قلوبنا ونحاورهم ونعطيهم الوقت للمناقشة، كما يجب علي النظام ان لا يعاديهم فهم الشباب الذي ناضل طيلة حكم الإخوان ولولاهم ما وصلنا لما وصلنا إليه.