الأهرام الكندى
معاذ حبيب الروح و رفيق الدرب
معاذ حبيبي، رفيقي، صديقي، ملجأي و أنا ملجأك، رفيق السلاح و رمش العين.
*أتذكر يوم ولدتك أمي وقت المغرب في مستشفى الكرك الحكومي؟ يوم السبت الموافق 2951988، أنت لا تذكر لأنك كنت صغيراً لكني أذكر جيداً حين فرحنا بتشريفك بيتنا.
*أتذكر يوم طهورك في الغرفة الشرقية من البيت؟ حينها هرب الجميع إلا أنا و أبي كنت أنا أتفرج و أبي أمسك بك للشلبي، أنت لا تذكر لكني أذكر جيدا حين وزعنا الحلوى عن طهورك.
* أتذكر يوم كنت تحبي و تتنقل في حوش الدار؟ و وصلت الى التلفاز الذي وضعه أبي للسهرة في الصيف على درجات المطبخ و صعدت فوقه و احترق التلفاز نتيجة بولك فوقه انت لاتذكر لكني أذكر جيدا لأننا حرمنا من التلفاز عدة أيام لحين إصلاحه.
*أتذكر يوم ذهبت بك أمي وكنت برفقتها الى ( الحجة عجايب رحمها الله ) لتضع لك ضمادة على بطنك مكونة من البيض و الصابون نتيجة ألم في بطنك؟انت لا تذكر لكني أذكر جيدا لأن الحجة عجايب أطعمتني معلقة عسل أبيض كان عندها في البيت و حبات سكر فضي
* أتذكر يوم كنت أنا وجودت نلعب بك في الحوش الأملس للبيت؟ نصب الماء على الارض و ندفعك من جهة الى جهة الى أن انتهى اللعب بإصابتك في حنكك و نزول دمك الطاهر أنت لا تذكر لكني أذكر لأني هربت من عقاب أمي يومها و لم أعد للمساء.
* أتذكر يوم صورناك صغيراً واقفاً في سريرك الجميل و انت تلبس بجامتي النهدية الي صغرت على جسمي و كان أبي قد أحضرها لي من السعودية انت لا تذكر لكني أذكر جيداً وقت الصورة و رسمة الاطفال على البجامة.
* أتذكر يوم كنا على مائدة الافطار يوم الجمعة حين عاقبك أبي و كنت عنيد الخاطر فذهبت و أحضرت خشبة من الخارج و تسللت الى حجر أبي ثم الى ظهره و ضربته على رأسه أخذاً لثأرك، انت لا تذكر لكنني أذكر جيدا لأننا ضحكنا عليك كثيراً يومها.
* أتذكر عشقك للنار و الكهرباء حين أشعلت جريدة في مطبخ البيت و خرجت تنادي “حليدة حليدة حلديت” و تعني حريقة حريقة حرقت و ذهبنا و أطفأناها و انت هربت، و وضعك للمسمار الحديدي في ابريز الكهرباء حتى لسعتك لسعة قوية و رب العالمين سلمك يومها ليدخرك لما هو أكبر من هذا كله، أنت لا تذكر لكني أذكر جيدا لأني خفت عليك كثيرا لإصفرار وجهك الصبوح.
* أتذكر يوم ضربتك ضربة قوية على مؤخرتك في تسوية الدار لأنك عنيد و أخذت تبكي، والله يومها أني تألمت لتألمك لكن مكابرتي منعتني من ارضاءك لأني الأخ الأكبر، انت لا تذكر لكني أذكر لأن أبي عاقبني عقاباً عسيراً.
* أتذكر يوم مانعت أبي يوم الرياح الشرقية العاتية من النزول الى الروضة فعالجك أبي بعقاب عسير و وصلت الروضة محمولا تأبى الذهاب و كانت النتيجة أن ذهبت حافي القدمين، أنت لا تذكر لكني أذكر جيدا لأني كنت ألاحق أبي حاملا حذاءك لألبسك إياه.
* أتذكر يا بني عندما طلبت من أبي أن يحضر لك أرانب لتربيها في حوش الدار وكان أبي يماطلك بعد تجهيزك خم الأرانب و جلب الأعشاب له أخيرا أمسكت أختنا الصغيرة و أدخلتها داخل الخم لترضي رغبتك، انت لا تذكر لكني أذكر عندما أخرجتها من الخم و هي تبكي
* أتذكر عندما كنت تلعب مع الصبية في الشارع و تغيب و نقلق عليك ولا تعود الى البيت الا بعد العقاب انت لا تذكر لكني أذكر جيدا لأني كنت أحد المعاقبين لك حينها كانت أغنيتك المفضلة وهي من تأليفك ( يا حبنا و الإسلام) مقطع واحد فقط كنت تكرره على شكل أنشودة لأن والدك لم يربينا على الغناء و الأهازيج بل على التربية الاسلامية.
* أتذكر يوم اشتريت لك ملابسك من محل المحادين في مؤتة حينها كنت لا تتقن انتقاء الملابس، انت لا تذكر لكني أذكر جيدا لأن القميص الأبيض المخطط أحد القطع التي اشتريتها لك لا زال عندي و الحذاء كذلك.
* أتذكر يوم أن ساعدتك في دراسة مادة الحاسوب بالتوجيهي و عملت كراسة خاصة لك و كان ثمرها علامة 97 من 100 أعلى علامة باللواء، انت الان لا تذكر لكني أذكر لأن محبتي لك أخرجت علماً خاصا بك أضنيت الوقت في انجازه.
* أتذكر يوم كنت في مدرسة غور الصافي تقدم إمتحانات التوجيهي و أنا أحوم حول المدرسة كأني أم حين يمرض أبناؤها لأني كنت لا أعمل يومها متفرغا لك، و كانت النتيجة نجاحك، انت لا تذكر الان لكني أذكر جيدا لأني كنت قلقا جدا عليك.
* أتذكر عند تصفحك الجريدة و قراءتك لإعلان الانتساب لسلاح الجو كطيار و اصرارك عليه و رفضي له خوفاً عليك، أنت الان لا تذكر لكني أذكر جيدا لأني أنا من أمضى يوماً كاملا ينتظرك بجانب دوار الطيارة في ماركا عند باب قيادة سلاح الجو عند دخولك للفحص الطبي حينها كنت لا أعمل كضابط في سلاح الجو فبقيت خارجاً.
* أتذكر يوم أيقضتك فجرا في شقة أصدقائي في صويلح لنذهب للفحص الثاني للطيران بعد نجاحك في الفحص الاولي للطيران، أنت لا تذكر لكني أذكر جيدا لأني أنا من أوقفك عند الكشك بجانب جسر المشاة صباحا لنتناول الحليب و البسكويت و الكيك لكي تقوى على الفحوصات.
* أتذكر أثناء دراستك كم كنت أتصل بك في الكلية بواسطة الهاتف الارضي لأن الخلوي ممنوع على التلاميذ و أتلقى أخبارك كلها في صدري خيرها و شرها و أخاف عليك و أوصيك على نفسك، أنت الان لا تذكر لكني أذكر جيدا لأني كنت حينها ضابط و انت تلميذ و كنت تؤدي لي التحية كلما رأيتني و يوم تخرجك بكيت حين رأيتك طيارا مقاتلا في ميدان التخريج.
* أتذكر كم مرة ذهبت بك الى المطار و كم مرة جلبتك منه أثناء سفرك خارج البلاد، أنت الأن لا تذكر لكني أذكر جيدا لأن عطرك و الكنزة التي أهديتني إياها لا زالت تزين خزانة ملابسي.
* أتذكر يوم كنت تجلب لي أغراض من مدينة الازرق دون أن أطلبها إلا مرة واحدة طلبت منك أغراض و اشتريتها لي و لكنك لم توصلها لي لأنك أصبحت عند من لا تضيع الودائع عنده، انت الان لا تذكر لكني أطمأنك بأن اصدقاءك أوصلوها لي بعد إستشهادك ولا زال بذمتي لك ثمنها أرجوك أن تسامحني بثمنها لأني لا أستطيع أن أعطيها لك الآن.
* أتذكر يوم كتب كتابك يومها ذهبنا من عمان الى الكرك لحضوره، انت لا تذكر الان لكني أذكر جيداً لأني أنا من طلب يد زوجتك لك من أخيها و أنا مو وقعت شاهدا على عقد قرانك.
* أتذكر يوم كنت تحب أن ترى ابنتي المولودة الجديدة للعائلةو تنتظرها معي و التي أحببت اسمها ( ميرا ) و باركته و ذخرت لها (نقوط) قبل ولادتها وقبل ذهابك للدوام، أنت لاتدري لكني أبشرك أن أختي زوجتك قد أوصلت نقوطك لبنت أخيك.
* أتذكر يوم كنت تمسك جوان وليث وتلاعبهما كأنهما أبناؤك، انت لا تذكرالآن لكني أعرف جيدا أنهما قد افتقداك كثيراً كما افتقدتك انا و جفت دموعي حزناً و فرقاً على وداعك.
* أتذكر أخر مكالمة بيني وبينك ليلة الثلاثاء الموافق 23122014 حينها كنت غير متفائل برحلة يوم غد الاربعاء المشؤوم لي و المقسوم لك، حينها أوصيتك بأن تبري ذمتك أمام الله بحرمة دماء المسلمين حينها قلت اللهم اني بريء مما يجري حولي و كنت أنا أناني حينما سألتك عن أغراضي فأجبتني بأنك اشتريتها مع أغراض لبيتك، اطمئن لقد وصت الأغراض.
كل ما أذكره الان هو ذلك اليوم الأليم الذي سمعت فيه بالخبر الأليم بإسقاط طائرتك وانت الطيار الماهر الفذ و معاناتي ب 42 يوماً بفقدانك و أخيرا صاعقة الموت، رحمك الله يا حبيبي و خلك فسيح جناته و أبدلك الله زوجا خيرا من زوجك و بيتا خيرا من بيتك و أهلا خيرا من أهلك اللهم احشره مع الأنبياء و الصديقين والشهداء و حسن أولئك رفيقا.
الفاتحة على روح شهيدنا و رمزنا الوطني البطل معاذ صافي الكساسبة رحمه الله و جعل استشهاده في مصلحة الاسلام والمسلمين.
ملاحظة: الحجة عجايب خالة أبي كانت تعالج بالطب العربي البديل، جوان وليث هما بنت أختي و ابن أخوي
الوسومالازمة السورية داعش
شاهد أيضاً
السلطات الألمانية تجاهلت سيدة حذرت من مرتكب “حادث الدهس في ألمانيا”
كتبت: أمل فرج فيما لا تزال مدينة ماغدبور، في ألمانيا تعيش وقتا عصيبا، تحت وقع …