الاهرام الجديد الكندى
قال الدكتور محمد فتوح، عضو مجلس نقابة أطباء القاهرة، الذى حرر شكوى فى نقابة الأطباء، ضد القائمين على جهاز علاج مرضى فيروس «سى»، إن ما أثير عن هذا الجهاز «خدعة» أضرت بسمعة مصر، وبسمعة الأطباء فى الداخل والخارج، كما أضرت بالكثير من مرضى «الكبد» الذين توقفوا عن العلاج، أملاً فى أن ينقذهم الجهاز مما هم فيه، مضيفاً فى حواره مع «الوطن»، أنه عندما ذهب لتحرير الشكوى فى النقابة، فوجئ بأن إبراهيم عبدالعاطى، ليس طبيباً، فقرر تحرير الشكوى ضد الرجل الثانى فى فريق الجهاز، وهو الدكتور أحمد مؤنس.. وإلى نص الحوار:
■ بداية، لماذا قدمت شكوى فى نقابة الأطباء، ضد القائمين على جهاز علاج فيروس «سى»؟
– لأن مثل هذا الجهاز بالنسبة لعلماء الطب، ما هو إلا نوع من الدجل والشعوذة، وكنا نشعر أن هذا الجهاز لن يعمل، وزاد هذا الشعور عندما استمعنا إلى متصدرى مشهد الترويج للجهاز، وهم يتحدثون بطريقة غير علمية ليعلنوا عن اختراع جهازين، الأول: لكشف المصابين بالأمراض الفيروسية، والأخير لعلاج هذه الأمراض، وقوبل فى الأوساط العلمية الطبية باستغراب شديد جداً، لأنه معروف أن مصر ليست بهذا التقدم فى البحث العلمى، فضلاً عن ميزانيته التى لا تسمح باكتشاف مصل كالمعلن عنه، كما أن إبراهيم عبدالعاطى، الذى تحدث عن الجهاز بطريقة شعبية أو مبتذلة علمياً إلى حد ما، ومليئة بالأخطاء، جعلنا نشك كيف أن شخصاً بهذه الطريقة فى التفكير غير العلمى، يتوصل لهذا الاختراع، وللأسف تصدر المشهد معه أساتذة من كلية الطب، كان أبرزهم الدكتور أحمد على مؤنس، الأستاذ فى كلية طب عين شمس، كانت طريقة كلامه هو الآخر تفتقد إلى الحس العلمى، وزادت شكوكنا فى الأمر أكثر بعد أن بدأوا النشر عن طريقة عمل الجهاز، إلى أن أصبحنا «مسخرة» بين وسائل الإعلام العربية والأجنبية، وهو ما ألحق ضرراً شديداً بسمعة الطبيب والعالم المصرى، وبصفة عامة فإن هذا الجهاز هو نوع من أنوع العبث، وتلاعب بأحلام الملايين من المرضى المصريين.
■ ومتى قدمت الشكوى؟
– اضطررت للانتظار حتى الموعد الذى حدده القائمون على الجهاز لبدء العلاج به، وهو 30 يونيو 2014، إلا أنهم خرجوا علينا فى 28 يونيو فى مؤتمر صحفى، وأعلنوا مد فترة إجراء التجارب 6 شهور أخرى، فقررت أن أتوجه إلى نقابة الأطباء، فى 30 يونيو لتقديم الشكوى فى الأطباء المروجين للجهاز، وكنت أنوى تقديم الشكوى فى اللواء «عبدالعاطى»، لكننى اكتشفت أنه ليس طبيباً، وليس خاضعاً للمساءلة أمام النقابة، فقررت تحرير الشكوى فى الرجل الثانى بعده فى تصدره لمشهد الترويج للجهاز، وهو الدكتور أحمد على مؤنس، وأوضحت فى الشكوى أن هذا الطبيب أضر بصحة ملايين المصريين، لأن بعض المرضى امتنعوا عن العلاج، فضلاً عن أنه أضر بسمعة الأطباء المصريين، وأصبحنا معروفين الآن فى المؤتمرات الطبية والدولية أننا «بتوع كفتة».
■ وماذا كان مصير الشكوى؟
– ما حدث أن لجنة آداب المهنة، أرسلت فى 3 يوليو للطبيب الذى قدمت الشكوى ضده، تدعوه لحضور التحقيق، لكنه أرسل إليهم أكثر من 3 محامين، قدموا للجنة مذكرة تضم أكثر من 600 صفحة، يدافع فيها عن نفسه، وبدأت اللجنة تدرس المذكرة كما هو معتاد، وفى 29 سبتمبر فوجئت بعريضة دعوى بأن هذا الطبيب يتهمنى بسبه وقذفه، بعد شكواى ضده، وصدر حكم ضدى الخميس الماضى بغرامة 20 ألف جنيه، وأنتظر الاستئناف حالياً. وقبل أن يصدر هذا الحكم، كنا قد بدأنا حملة لجمع توقيعات لمطالبة النقابة بتقديم من أعلنوا وروجوا لهذا الجهاز للمساءلة القانونية، ونجحنا فى جمع ما يقرب من 500 توقيع، قدمناها للنقابة منذ أسبوعين، لتبحث الطريقة القانونية لمحاسبة المروجين، واستجابت «الأطباء»، وأصدرت بياناً تطالب فيه المعلنين عن الجهاز والمروجين له بالاعتذار للشعب المصرى ومحاسبة المتورطين، لأن هذا الخطأ غير مبرر، وقد مر 30 يونيو و30 نوفمبر، دون أن يحدث أى شىء، سواء إعلان نجاح الجهاز أو فشله.
■ ولماذا انتظرت النقابة شكواك حتى تفتح باب التحقيق؟
– للأسف قانون ولائحة النقابة يمنعانها من التحقيق فى أى قضية إلا إذا صدر بشأنها شكوى، بمعنى لو أن هناك طبيباً يجرى عمليات لمرضى مات منهم ألف، فإن النقابة لن تتحرك إلا إذا حررت ضده شكوى. كما أن النقابة ليست جهة فنية لتتبين مدى صحة الشكوى، وما يحدث أنها ترفع الأمر لخبراء فنيين، يحددون مدى حيثية الشكوى، ومدى مسئولية المشتكى منه عن الموضوع، ونحن فى انتظار رأى الخبراء.
■ وماذا تتوقع أن يحدث فى الشكوى التى قدمتها؟
– ننتظر أولاً نتيجة التحقيق، وأنا لست ضد شخص هذا الطبيب، وإنما الخطأ الذى ارتكبه هو قبوله أن يشارك فيه، وأنا أتعجب منه لأنه أستاذ محترم فى جامعة محترمة، ووالده كان أستاذاً كبيراً ودرّس لنا كثيراً، وكان عليه أن ينأى بنفسه بعيداً عن هذا الجهاز كما فعل غيره، لأنه يعلم أن هذا الجهاز «خدعة» كبيرة.
■ هذا ما يخص الأطباء، ماذا عن المروجين من غير الأطباء؟
– لجنة الشئون القانونية فى النقابة تدرس الآن طريق المساءلة القانونية وكيفية رفع القضايا على المروجين من غير الأطباء، ومنهم إبراهيم عبدالعاطى مخترع الجهاز، وكذلك وزير الصحة نفسه، لأنه المسئول الأول عن صحة المصريين، ونحن نطالب بمحاسبة هؤلاء جميعاً، لأننا ندافع عن سمعتنا كأطباء أمام العالم كله، وليس عيباً أن نخطئ ولكن العيب أن تتستر الدولة كلها على هذا الخطأ.
■ هل تعتقد أن هذه الشكوى ستأخذ مجراها حقاً فيما يخص غير الأطباء؟
– أنا أؤمن بأنه لن يحدث تقدم لأى بلد، إلا إذا كانت هناك عناصر ثلاثة: مراقبة، ومحاسبة، وردع. ومسئولو الحكومة مثل غيرهم لا بد أن يحاسبوا، ولا بد من وجود ردع أو اعتذار، حتى لا تتكرر نفس الأخطاء، وأرى أن هناك خطأ تم ارتكابه ولا بد من شخص يعتذر عنه ويحاسب عليه.
■ قلت فى شكواك إن بعضاً من المرضى تخلوا عن علاجهم انتظاراً للجهاز المزمع، هل لديك ما يثبت؟
– كنا فى ندوة فى نقابة الأطباء فى شهر مايو 2014 وتمت دعوة عدد من كبار أساتذة الكبد المعروفين جداً فى مصر لحضور هذه الندوة، وهم أنفسهم قالوا إن لديهم مرضى تخلوا عن علاجهم نتيجة الإعلان والترويج للجهاز، وقد حدث أن تدهورت حالة بعضهم الصحية، وانتهى بهم المطاف إلى الوفاة.