الإثنين , ديسمبر 23 2024

في مفاجأة مذهلة: أوباما يقرر التوقف عن دعم المعارضة السورية

أوباما
أوباما

خلال الأشهر القليلة الماضية، قطع التمويل والإمدادات التي تتلقاها العديد من المجموعات المتمردة السورية التي كانت تفضلها وكالة الاستخبارات المركزية، أو جرى تخفيض ذلك التمويل، وذلك رغم تاكيد الرئيس أوباما على الأهمية الاستراتيجية للدعم الأمريكي للمتمردين في خطاب حالة الاتحاد الذي القاه.
لقد أصبح المقاتلين -الذين كانوا يوما ما مفضلين (من قبل الأمريكيين)- يعملون تحت ستار من الارتباك. بل أنهم لم يجرى إعلامهم -في بعض الحالات- أن المال سيتوقف عن التدفق. وفي حالات أخرى، تم تخفيض المساعدات بسبب ضعف الأداء في ساحة المعركة، مما يضاعف الروح المعنوية البائسة بالفعل على الأرض.
من بعيد، تبدو “المعارضة” السورية -التي توافق عليها الولايات المتحدة الأمريكية وتقوم بتسليحها بشكل جزئي- وكأنها منظمة واحدة كبيرة، وإن كانت غير متبلورة إلى حد ما. ولكنها في الواقع عبارة عن مجموعة من “الكتائب” من أحجام مختلفة –بل وولاءات متغيرة – نمت حول القادة المحليين، أو، اذا صح التعبير، حول أمراء الحرب المحليين. وبينما تتحدث واشنطن عن “المعارضة” السورية بشكل عام، فإن السؤال الحاسم للمقاتلين في الميدان، ولمن يدعموهم، هو “المعارضة لمن؟” للرئيس السوري بشار الأسد؟ أم لما يسمى الدولة الإسلامية، والمعروفة باسم داعش؟ أم لفرع تنظيم القاعدة في سوريا: جبهة النصرة؟
يقوض عدم وضوح الجهد الأمر كله، فمن الطبيعي نتيجة للشكوك العميقة بين الجماعات المتمردة أن تكون واشنطن مستعدة لعقد شبه صفقة مع الأسد في المدى القصير أو المتوسط، إذا لم تكن قد عقدتها بالفعل. وبالنسبة لواشنطن، فإن القلق هو أن القوى التي تدعمها غير فعالة، أو فاسدة، أو سوف تنضم لداعش أو لجبهة النصرة أو إنها تقوم بكل ما سبق.
يشطاط المشرعون الجمهوريون في واشنطن غضبا حول استراتيجية إدارة أوباما لمكافحة داعش، سواء كان الفشل في اقامة منطقة حظر جوي في سوريا، أو عدم موثوقية قضية المساعدات، أو وعد وزارة الدفاع الأمريكية بوضع خطة بتدريب وتجهيز للمتمردين السوريين.
“تجعل هذه الاستراتيجية مهمة بيكيت تبدو مدروسة” حسبما قال السناتور ليندسي جراهام من ساوث كارولينا، في اشارة الى الاعتداء سيئ التخطيط والهجوم الكونفدرالي غير المجدي في جيتيسبيرج. وأضاف: “إننا على وشك تدريب الناس للموت محقق”.
في أواخر أكتوبر، هزم مقاتلي جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة الميليشيات المدعومة من الولايات المتحدة في محافظة إدلب شمال غرب سوريا.
وكنتيجة مباشرة، جرى قطع تمويل أربعة من 16 كتيبة تدعمهم الولايات المتحدة وتعمل في الجزء الشمالي من البلاد، وتم إسقاطهم من قائمة الميليشيات “المرخصة”، وفقا لمصادر رسمية بوزارة الخارجية ومصادر معارضة. منذ ديسمبر، شهدت الـ 12 كتيبة المتبقيو في المنطقة عجزا أو تخفيضات في المساعدات الأميركية الموعودة.
وتقول تلك المصادر أن الإمدامات التي قد حصل عليها لقادة المتمردين السوريين لم تكن كافية. ووفقا لصحيفة وول ستريت جورنال، حصل واحد من القادة المفضلين للولايات المتحدة على ما يعادل 16 رصاصات في كل معركة، مما إجبرهم على الاقتصاد. وعلى الرغم من أن وكالة المخابرات المركزية قامت بتدريب ما يقرب من 5 آلاف مقاتل في سوريا، اختفى الكثير منهم أو انشق.
بل أن بعض الكتائب كانت “تتقرب بشدة من جبهة النصرة أو غيرهم من المتطرفين.
وقال مصدر من المتمردين السوريين -الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته- أن الكتيبة 7، التابعة لجبهة ثوار سوريا والمنحازة للجيش السوري الحر، لم تحصل على مرتباتها من وكالة الاستخبارات المركزية منذ أشهر، إلا أن وزارة الخارجية حافظت على الشحنات الغذائية إلى الوحدة.
أما حركة حزم العلمانية، وهي الكتيبة الأكثير تفضيلا من هؤلاء الذين تدعمهم الولايات المتحدة، وواحدة من القلائل التي ستتلقى بصواريخ مضادة للدبابات، فقد شهدت تقليصا كبيرا في الإعانة الشهرية الكبيرة التي تتلقاها لمقاتليها الذين يقترب عددهم من 4 آلاف. فهي تتلقى حاليا ما يقرب من 50 في المئة من الرواتب التي كانت تتلقاها من قبل. وصلت شحنات أسلحة مؤخرا لكن القادة قلقون حول ما إذا كانت الشحنات المستقبلية ستصل. وكتائب الفاروق، وهي ميليشيا تشكلت في الأصل من قبل المقاتلين الاسلاميين المعتدلين ومقرها في مدينة حمص، أصبحت لا تتلقى أموالا لدفع الرواتب في الوقت الراهن.
يخبر مسؤولو وكالة الاستخبارات المركزية قادة المتمردين أن ممولين آخرين هم الذين قد أمروا بتفعيل تلك التخفيضات، لكنهم لم يحددوا هؤلاء الممولين، أو أن الوكالة لم تعد تمتلك تلك الموارد. ويشكو أحد قائد المتمردين “ماذا يمكن للمقاتل فعله؟ لديهم عائلات لإطعامها.” ويقول آخر: “إن فكرة أن ليس لديهم المال هي فكرة مهينة. لا أعتقد هذا، بل هو قرار سياسي.”
وتقول الجماعات المتمردة السورية وحلفائها في واشنطن أن تخفيض التمويل من قبل وكالة الاستخبارات المركزية – سواء كان مبررا أو غير مبرر- فإنه يخلق مزايا نسبية للجماعات المتطرفة مثل جبهة النصرة وداعش، وحتى رغم أن الرئيس يصف المتمردين بأنهم شركاء لأمريكا على الأرض في الحملة الرامية إلى هزيمة الدولة الإسلامية.
ويقول ايفان باريت، وهو مستشار سياسي لائتلاف سوريا الديمقراطية، وهي مظلة سورية-أمريكية لمجموعات المعارضة: ” ليس الأمر أن الإدارة قد فشلت في الوفاء بالموارد التي التزمت بتوفيرها فحسب، بل أنها لا تتواصل حتى مع الكتائب التابعة لها سابقا بشأن وقف التمويل.” ويضيف: “وهذا يضع حلفائنا السابقين في موقف ضعيف بشكل لا يصدق، ويضمن أن جماعات مثل جبهة النصرة سوف تكون قادرة على الاستفادة من الضعف المفاجئ في هذا المجال.”
وتقول إدارة أوباما علنا أنه لا تراجع في دعمها للكتائب المتمردة المعتدلة: تواصل وزارة الخارجية تقديم المساعدات غير المميتة، وتمد وزارة الدفاع بالاسلحة، ووكالة الاستخبارات المركزية تدفع رواتب للكتائب التابعة للمنظمة المظلة المعروفة باسم الجيش السوري الحر . وقد رفض متحدث باسم وكالة المخابرات المركزية التعليق على هذه القصة.
وفي السر، يعترف مسؤولون أمريكيون أن هناك تغييرات في التمويل. لكن تصر مصادر في الاستخبارات الأميركية أنها ليست انعكاسا لأي تحول في استراتيجية وكالة المخابرات المركزية. بل يتحدثون عن “مواقف فردية لكل حالة على حدة ” تعتمد على انهيار كتائب معينة أو فشلها في أن تقاتل بكفاءة. وتشكك هذه المصادر في القول بأن هناك انخفاض عام في دعم وكالة المخابرات المركزية، قائلة أنهم لن يتخلون عن المتمردين السوريين على الرغم من أن المتمردين السوريين في شمال البلاد على مقربة من الحدود التركية يعتقدون في هذ الأمر بشكل متزايد. (أما هؤلاء الذين يقاتلون في الجنوب، بالقرب من الحدود الأردنية ودمشق، فقد يحققون نتائج أفضل.)
وقال مسؤول في وزارة الخارجية لديلي بيست أن “وكالة الاستخبارات المركزية لديها المزيد من المال الآن عن السابق، ولم تتقلص كعكة وزارة الخارجية”، لكنه يؤكد أن هناك بعض حالات قطع التمويل أوتخفيضه. وأشار المسؤول إلى “الأداء الضعيف” لكتائب الثوار في إدلب في أكتوبر الماضي باعتباره السبب الرئيسي لهذا الأمر.
وقال المسؤول أنهم عندما كانوا يحاربون ضد جبهة النصرة “لم يقاتلوا بشدة كفاية.” ولم تساعد عدة كتائب معتدلة جبهة ثوار سوريا، على وجه الخصوص، لأنهم لا يوافقون على زعيمها، الذي يواجه تهما متعددة بالفساد. وقد أغضبت المسئولين الأمريكيين السهولة التي استطاعت بها جبهة النصرة تنفيذ هجومها، كما أغضبهم وقوع المعدات التي وفرتها أمريكا في أيدي الجهاديين.
وزاد أن الغضب عندما انشق أعضاء بعض الجماعات المتمردة المدعومة من الولايات المتحدة بالفعل لينضم إلى جبهة النصرة خلال الهجوم. واعترف مسؤول أمريكي بارز أن بعض الكتائب قد أصبحت “أكثر قربا مما نحب إلى جبهة النصرة أو غيرهم من المتطرفين.”
في يوم عيد الميلاد، شكلت الجماعات المسلحة تحالفا للدفاع عن المناطق المحاصرة التي يسيطر عليها المتمردون في حلب، والتي شن فيها الأسد هجوما كبيرا لتطويقهم. والتحالف هناك الذي يدعى “الجبهة شامية،” لا يشمل الفصائل السلفية المتشددة من المجموعات المعروفة باسم الجبهة الإسلامية فحسب، بل أيضا الكتائب الأكثر اعتدالا مثل جيش المجاهدين المرتبط بتنظيم الإخوان المسلمين وحركة نور الدين الزنكي، الذي تلقت أيضا صواريخ من واشنطن في الماضي.
وعلى الرغم من جبهة النصرة لم تدع للانضمام رسميا، فهي تنسق مع الجبهة الشامية عبر ما يسمى غرفة العمليات حلب، وهي مقر مشترك للفصائل المسلحة. وهو ترتيب لا تحبه واشنطن على الإطلاق.
ويقول متمردو حلب أنهم ليس لديهم خيار سوى العمل مع جبهة النصرة والفصائل المنحازة للجبهة الإسلامية التي تعد من بين أقوى الجماعات المسلحة في المدينة التي مزقتها الحرب. وبدونهم، فإن قوات الأسد ستطغى على المتمردين.
يتسأل قائد في غرفة العمليات “ماذا يتوقع الأمريكيون منا أن نفعل؟ تحظى النصرة بشعبية هنا. إنه وقت محفوف بالمخاطر بالنسبة لنا، فالأسد يدفع بقوة.”
أما بالنسبة للمتمردين السوريين، فقد زاد عدم التيقن من التغييرات التي أجرتها وكالة الاستخبارات المركزية حول التمويل من حالة الشك – المرتفعة بالفعل- حول السياسة الأمريكية تجاه الحرب في سوريا. وقد وصلت حالة الشك تلك إلى معدلات عالية عندما فشلت إدارة أوباما في فرض قرار “الخط الأحمر” الذي تحدثت عنه عام 2013 ضد استخدام الأسد المزعوم للأسلحة الكيميائية، وقد نمت الشكوك منذ ذلك الحين.
على الأرض، يقول المقاتلون أنهم يعانون من عدم اتساق إدارة أوباما ويجادلون بأن كثيرا ما يجرى التخلي عنهم، مثل نسخة سورية من غزو خليج الخنازير، ولكن أكثر دموية بكثير.
في مقاهي مدينة عنتاب التركية الواقعة على الحدود التركية مع سوريا في الأسبوع الماضي، استمع السوريون المجتمعون على الجانب الأكثر أمانا من الحدود بشكوك للمتحدثة باسم وزارة الخارجية جينيفر بساكي وهي تقول في إصرار: “نحافظ على إيماننا بأن الأسد فقد كل شرعية ويجب أن يذهب”. كانت ذلك أول تصريح يتعلق بالأسد ولا يتسم بالمرونة يطلقه من مسؤول أمريكي رفيع منذ أسابيع.
لكن لم يكن ذلك ما سمعوه من الرئيس أوباما في خطاب حالة الاتحاد الذي ألقاه قبل بضعة أيام. لقد تغير خطاب عام 2013 عندما قال انه “لا شك في أن نظام الأسد سيكتشف قريبا أن قوى التغيير لا يمكن عكسها، ولا يمكن إلغاء كرامة الإنسان”. بدلا من ذلك، تحدث أوباما يوم الثلاثاء الماضي حول خطة إدارته التي تدعى “التدريب والتجهيز” لبناء القوة التي ستستهدف داعش، وقال حديثا غير مفهوم حول مساعدة المعارضة المعتدلة في سوريا.
هؤلاء المعتدلين هم على وجه التحديد الرجال والنساء على الأرض الذين يشعرون بأنه يجري التخلي عنهم شيئا فشيئا.
بالفعل، بعد ما يقرب من أربعة أشهر من إعلان وزيرة الخارجية جون كيري خطة لتدريب وتجهيز وحدات الجيش السوري الحر، والبيشمركة الكردية، والميليشيات الشيعية العراقية، بوصفها قوات مناهضة لداعش، تبين أن المشروع قد يواجه عقبات كبيرة.
خرج أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي بوجوه متجهمة الاسبوع الماضي من جلسة سرية حول مهمة التدريب والتجهيز، حيث توقع بعضا منهم أن كارثة ستينتج عن برنامج البنتاجون الذي سيدريب عدد قليل جدا من المقاتلين وببطء شديد لإحداث فرق.
قال أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، إنه حتى لو جرى كل شيء بأفضل ما يمكن، فهو لن ينجح. وإذا جرى أسوا ما قد يحدث، فقد سيؤدي إلى مذبحة جماعية للمتمردين المدربين.
قال جراهام أن عدد المجندين المطلوبين لإحداث “تغيير استراتيجي في الزخم لا يزال أمامه سنوات”. وأضاف “إن فكرة تدريب جيش سيخضع لمذبحة من قبل اثنين من الأعداء، وليس واحدا، غير سليم عسكريا”، و “إذا هزم أول مجندين دربتهم، سيكون من الصعب عليك مواصلة التجنيد”.
أما السناتور جين شاهين، وهي ديمقراطية خرجت من نفس الجلسة السرية، فقد التزمت الصمت: “أعتقد أن لدينا الكثير للقيام به، والكثير من الأسئلة للإجابة عليها.”
في سوريا، لا يوجد الكثير من المقاتلين المتمردين الذين يريدون الانضمام الى قوة تركزت فقط على قتال داعش. إنهم يجادلون بأن الأسد هو المسؤول عن عدد أكبر من داعش بكثير من الوفيات بينهم وبأسرهم، كما أن داعش قادرة على جذب المنشقين من صفوفهم لأنها تدفع رواتب أعلى بكثير لمقاتليها ولأنها قادرة على استغلال عدم الثقة في النوايا الأمريكية تجاه الثورة السورية.
يقر المسؤولون الأمريكيون الآن بصعوبات التجنيد من صفوف المتمردين، حيث اعتبروا إيجاد ما يكفي من المجندين الذين على استعداد لتأجيل محاربة نظام الأسد تحديا خطيرا.
ويأمل المسؤولون الأميركيون الذين يتولون مهمة تجنيد المقاتلين لبرنامج التدريب والتجهيز أن يجدون ضالتهم بين المقاتلين المتمردين من شرق سوريا الذي تركوا الحرب وهربوا إلى تركيا عندما ظهرت فرضت السيطرة على مدينتي الرقة ودير الزور . ويقول مسؤولون امريكيون ان قوة مكافحة داعش في سوريا يجب أن تكون أصغر مما كان متصورا في البداية، لكنهم يأملون أن تحقيق الانتصارات المبكرة على الأرض قد تقنع المزيد من الناس على الانضمام.
نقلا عن موقع راقب

شاهد أيضاً

الأقصر

إسرائيل تحذر من السفر إلى مصر.. تهديد وشيك!!

تدرس أجهزة الأمن الإسرائيلـية إصدار تحذير للمواطنين من السفر إلى مصر بمناسبة اقتراب عيد “الأنوار” …