الإثنين , ديسمبر 23 2024
رئيس المخابرات السابق

ما قالته النيويورك تايمز” عن رئيس المخابرات المصرية الجديد كارثة ومطلوب تحقيق فورى فيه .

أفردت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية تقريراً مطولا تناولت فيه فساد اللواء محمد فريد التهامي الذي عينه الفريق أول عبد الفتاح السياسي وزير الدفاع رئيساً للمخابرات العامة بعد 30 يونيو ، مشيرة إلى أنه كان يرأس هيئة الرقابة الإدارية قبل أن يقيله مرسي لتورطه في قضايا فساد.

وقالت الصحيفة الأمريكية: “بعد عام من سقوط نظام مبارك بدأ اللواء محمد فريد التهامي يواجه سيلاً من الاتهامات بالتستر على وقائع فساد حكومي ومحسوبية لسنوات عديدة في ظل نظام مبارك، ما دفع الرئيس محمد مرسي لفصله على الفور من منصبه كرئيس لهيئة الرقابة الإدارية، لتبدأ بعدها النيابة العامة في التحقيق معه”.
وبعد أن امتلأت الصحف والقنوات التليفزيونية بأخبار عن فساده، وظن الجميع أن حياة الرجل المهنية انتهت بفضيحة مخزية، إذا بالتهامي يعود مرة أخرى إلى السلطة في منصب أكثر قوة ونفوذاً من ذي قبل، وذلك بعد أن وضعه صديقه السيسي على رأس جهاز المخابرات العامة، مانحاً إياه بذلك أحد أقوى المناصب على الإطلاق في مصر، حسبما أفادت “نيويورك تايمز”.
ونقلت الصحيفة عن دبلوماسيين غربيين ومصريين مقربين من الحكومة قولهم إن التهامي ظهر كمدافع بارز عن حملة القمع الدموية التي شنها الانقلاب على أنصار الشرعية للقضاء على جماعة الإخوان المسلمين، مشيرة إلى اختفاء جميع اتهامات الفساد التي وجهت لتهامي خلال هذا العام ولافتة إلى عدم نظر أي محكمة لهذه الاتهامات.
وتساءل الناشط الحقوقي حسام بهجت: “ماذا حدث لأدلة فساد التهامي وعرقلته سير العدالة وتستره على الفاسدين؟ لماذا تم عزله بهذا الشكل المذل؟ لماذا عاد التهامي صباح استيلاء الجيش على السلطة؟”.
وأضاف بهجت: “لا يوجد أي نقاش عام حول هذه الأسئلة الخطيرة للغاية”.
وذكرت الصحيفة أن اللواء التهامي رفض إجراء حوار لها للتعليق على هذه التساؤلات أو الإجابة على الأسئلة المكتوبة.
لم تنظر أية محكمة الاتهامات الموجهة إلى التهامي رغم خطورتها، ورفض المقدم معتصم فتحي الذي فتح ملف فساد التهامي، أيضا إجراء مقابلة صحيفة.
ولفتت الصحيفة إلى المقابلة التليفزيونية التي أجراها المقدم معتصم فتحي والتي كشف فيها تستر اللواء تهامي رئيس الهيئة وقتها على قضايا فساد رموز ومسئولي نظام مبارك مثل إبراهيم سليمان وبعض أعضاء المجلس العسكري السابق والفريق أحمد شفيق وعلاء مبارك وغيرهم.
وأكد فتحي أن تهامي كان يتعمد إحباط المحققين وإخفاء أدلة الفساد التي تدين رموز النظام السابق ونجلي المخلوع علاء وجمال مبارك التي تم تقديمها بعد ثورة 25 يناير لعدم إدانتهم في أي من قضايا الفساد.
ونقلت الصحيفة عن منتقدين للتهامي قولهم إنه “جوهر نظام مبارك حيث عينه المخلوع للتغطية على فساد نظامه، وهي الشكوى الأساسية التي تصاعدت مع ثورة 25 يناير بعدم محاكمة المسئولين عن الفساد ونهب موارد الدولة”.
عودة التهامي بسرعة وصمت تعد مؤشرا على عودة النظام القديم بعد الانقلاب العسكري على السلطة، حسبما قال المحللون للصحيفة الأمريكية.
وفي هذا السياق، تساءل يزيد صايغ، الباحث بمؤسسة كارنيجي للشرق الأوسط والذي كتب عن سلطة الرقابة الإدارية: “من بين جميع الأشخاص المؤهلين في مصر، لماذا تم تعيين التهامي في هذا المنصب رغم تخطيه سن التقاعد؟ لماذا يعد تعيينه بالنسبة للسيسي ملحا وضروريا إلى هذا الحد؟”.
وكشف دبلوماسي غربي للصحيفة -رفض الإفصاح عن هويته- ممن جلسوا مع اللواء التهامي وآخرين بالحكومة المدعومة من العسكر عقب الانقلاب عن أنه صورة نفسه بأنه الداعية الأكثر تأثيرا في الحملة التي تشنها حكومة الانقلاب ضد جماعة الإخوان المسلمين.
وقال الدبلوماسي الذي تحدث شريطة التكتم على هويته لأنه يناقش اجتماعات خاصة مع التهامي “إنه شخصية متشددة للغاية.. يتحدث كما لو لم تقم ثورة 25 يناير 2011”.
وأضاف الدبلوماسي أن السيسي وحكومته بما فيها د. محمد البرادعي تعهدوا في بداية الانقلاب أمام غربيين إشراك أنصار الرئيس محمد مرسي في العملية الديمقراطية الجديدة، على حد زعمه.
ولأكثر من شهر، بدا السيسي يفكر في دعوة نائب الرئيس السابق محمد البرادعي وبعض الشخصيات الداعمة للانقلاب إلى ضبط النفس في التعامل مع اعتصامات الشرعية الرافضة للانقلاب، الذين نظموا اعتصامي رابعة العدوية والنهضة تنديدا بالانقلاب.
ولكن في غضون أيام من تعيين اللواء التهامي رئيسا للمخابرات والذي رفض مشاركة الإسلاميين في الانتخابات البرلمانية أو الرئاسية زاعما أن “أعضاء الإخوان المسلمين والجماعات والحركات الإسلامية إرهابيون يجب استبعادهم وسحقهم”، حسبما أفاد مسؤولون غربيون التقوا التهامي ومسؤولين بالحكومة.
وفي هذا السياق، تقول “نيويورك تايمز”: “في منتصف أغسطس انتصر التهامي بالفعل، وتمت مجزرة فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة التي أسفرت عن مقتل أكثر من ألف شخص (مصادر أخرى قدرت عدد شهداء مجزرة الفض بأكثر من أربعة آلاف شهيد) وهي أكبر عملية قتل جماعي في تاريخ مصر الحديث”.

وأوضحت الصحيفة أن جميع شبكات التليفزيون المصري الخاصة والمملوكة للدولة اعتمدت نفس المرادفات التي استخدمها التهامي في جلساته مع الدبلوماسيين حول محاربة مصر للإرهاب وبثت جميع القنوات شعارات باللغة العربية والإنجليزية تقول “مصر تحارب الإرهاب”.
ونقلت الصحيفة عن وائل هدارة المستشار السابق للرئيس المحتجز مرسي قوله “الانتقام هو الحافز القوي الذي يحرك تهامي”.
وقبل ثورة 25 يناير- بحسب الصحيفة الأمريكية- كانت هناك علاقة وثيقة بين مدير المخابرات العامة الراحل عمر سليمان ومبارك، والذي أصبح في نهاية المطاف نائبه قبيل الإطاحة به، وكانت المخابرات جهازا طيعا للمخلوع.
ولكن جهاز الاستخبارات، كان يتجسس على مرسي، ، حسبما نقلت الصحيفة عن مصريين ومسؤولين غربيين التقوا مسؤولين في المخابرات المصرية.
ونسبت الصحيفة إلى مسؤول رفيع في المخابرات في يونيو الماضي، حثه المصريين على الانضمام إلى المسيرات المطالبة بعزل مرسي، ومنذ ذلك الحين قالت تقارير إعلامية ذات مصداقية إن المخابرات كانت تتجسس على مرسي لجمع معلومات ربما يمكن استخدامها حاليا في محاكمته.
وفي المقابل، لفتت الصحيفة إلى العلاقة القوية التي جمعت السيسي بتهامي حيث صعدا معا خلال صفوف المشاة وتدرجا معا إلى أن وصل تهامي (66 عاما) لمنصب رئيس الاستخبارات العسكرية وساعد في اختيار السيسي (58 عاما) خلفا له.
وبعدها تولى التهامي رئاسة هيئة الرقابة الإدارية، وهي وكالة سرية يديرها الجيش المصري، وهي مزيج فريد بين جهاز استخبارات محلي ومكتب تدقيق ومراجعة أنشأه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في أعقاب الانقلاب العسكري في 1952 لإبقاء الجيش على رأس بيروقراطيته المدنية، حسبما يرى مؤرخون.
ووفقاً للصحيفة، فإن الهيئة تجري مراقبات إلكترونية وتدير سجونا خاصة بها. ويقول معتقلون سابقون- تحدثوا شريطة التكتم على هوياتهم خوفا من انتقام السلطات- إن المشتبه بهم والشهود “يجرى استجوابهم في الهيئة، وقد يعتقلوا لشهور دون أي إجراء قانوني أو وعد بإطلاق سراحهم، ويبدو أن هذه الاعتقالات التي تتم خارج نطاق القانون استمرت تحت إدارة مرسي”.
وعلق الصايغ على هذه المسألة قائلا: “مبارك والرؤساء من قبله كانوا يستخدمون الهيئة لممارسة شكل من أشكال السيطرة فوق الدولة.. ويمكن أن يتم استخدامها للمكافأة أو المعاقبة كما يحلو للرئيس”.
وفور رحيل مبارك عن السلطة تقدم المقدم معتصم فتحي، وهو ضابط سابق بالرقابة الإدارية، ببلاغ للنائب العام يتهم فيه رئيس الهيئة اللواء التهامي، بالتواطؤ في وقائع الفساد بدلاً من اجتثاثها كما يقتضي منصبه، غير أن القضية سرعان ما تم تحويلها لمحكمة عسكرية واختفت تمامًا.
غير أن المقدم فتحي فجّر القضية بشكل عام واتهم التهامي عبر وسائل الإعلام بالتستر على فساد نظام مبارك وعرقلة عمل المحققين بشكل دائم من خلال إخفاء أدلة الفساد في “خزينة آمنة”.
وكشف فتحي أن اللواء التهامي تستر على تقارير تفيد بأن نجلي الرئيس المخلوع، جمال وعلاء مبارك، تم منحهما طائرة خاصة تم شراؤها بأموال الحكومة وتدعي (نسر 2) بالإضافة إلى يخت.
وقال إنه قام شخصياً بكتابة تقارير عن مزاعم ضد كل من مبارك والفريق أحمد شفيق الذي كان مرشحاً لرئاسة الجمهورية وقتها، غير أن اللواء التهامي قام بسحقها.
وأضاف فتحي في مقابلة صحفية، أنه على معرفة مباشرة بـ14 قضية قام فيها اللواء التهامي بالتستر على فساد مسؤولين بارزين بينهم جنرال كان يشغل منصب محافظ شمال سيناء وآخر كان وزيراً للإنتاج الحربي.
وأشار إلى أنه هو وزملاؤه “قدموا تقريرا من 40 صفحة يضم تفاصيل اتهامات بالرشاوى تتضمن بيع مساحات كبيرة من أراضي الدولة خارج القاهرة في عهد وزير الإسكان السابق، محمد إبراهيم سليمان”.
وفي السياق ذاته، قال فتحي إن التهامي “تستر على وثائق وتسجيلات وعمليات مراقبة وشهادات تظهر أن فريد خميس رئيس لجنة الشؤون الصناعية في مجلس الشعب في عهد مبارك، دفع أكثر من نحو 2.1 مليون جنيه لرشوة اثنين من كبار القضاة”.
وفي وقت لاحق، اعترف محامون عن خميس “بأنهم دفعوا الرشى نيابة عنه، وأن القاضيين استقالا أو تمت إقالتهما.. لكن خميس بريء بعد ذلك لعدم كفاية الأدلة”.
وعلى الصعيد ذاته، قال فتحي: “التهامي تستر على عدد من الجنرالات بالمجلس العسكري الذين تربحوا من تهريب الوقود المدعم وكون بعضهم ثروات من ذلك وصلت إلى 7 مليارات دولار”.
وأضاف: “التهامي نفسه تلقى هدايا من الشركات المملوكة للدولة تقدر بملايين الجنيهات واستخدم ميزانية الهيئة لشراء هدايا أعياد ميلاد وصلت قيمتها نحو 16 ألف دولار في السنة لوزير الدفاع السابق، المشير محمد حسين طنطاوي، وهدايا أخرى لنجلي مبارك”.
من جانبه، قال شريف بسيوني، وهو باحث قانوني مصري أمريكي عمل مع الحكومة المصرية والحكومات الغربية في محاولة للعثور على الأصول والأموال المسروقة بالخارج، إن هيئة الرقابة الإدارية كانت واحدة من المؤسسات القليلة القادرة على المساعدة في العثور على هذه المسروقات، ولكنها فشلت باستمرار في تقديم السجلات المالية اللازمة لذلك.
وقال بسيوني: “لم تساعدنا هيئة الرقابة الإدارية في العثور على الأوراق والمستندات اللازمة لاستعادة الأموال”، وأضاف: “لدى الهيئة جميع الأدلة ولكنها لم تفصح عنها.. وهذا هو السبب في عدم استرداد مصر جنيها واحدا من الثروات المهربة”.
وبعد الاطلاع على التقارير التي قدمها المقدم فتحي، قام محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئاسة الجمهورية، ونائبه أسعد الشيخة باستدعاء اللواء التهامي لمقر قصر الرئاسة حيث قام الرئيس المعزول محمد مرسي بفصله من منصبه على الفور.
أما المقدم فتحي والذي استقال من وظيفته في بداية عام 2011 بعد أن تم نقله عقابًا له على تقاريره، فعاد لوظيفته مرة أخرى ولكن بعد أن تم نقله لوظيفة محدودة خارج القاهرة.
واختتمت الصحيفة قائلة: إن وزير الإسكان السابق إبراهيم سليمان الذي طالته تقارير الفساد أشار إلى المقدم فتحي قائلاً بارتياح: “لقد قاموا بحبسه في قبو”.

شاهد أيضاً

أمريكا

دونالد ترامب : سنبدأ أكبر عملية ترحيل في تاريخ الولايات المتحدة

تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب بوقف الفوضى في الشرق الأوسط، والحرب في أوكرانيا. وقال …