بقلم المحامي نوري إيشوع .
“من سيفصلنا عن محبة المسيح.أشدّة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف” رو: 35-8
منذ فجر المسيحية الأولى, تعًرض اتباع هذه البشارة الى شتى أنواع الاضطهاد و القتل و التنكيل والبطش
ومحاولات الابادة من أعوان ابليس دون رحمة وبيد من حديد ونار لثنيهم عن التخلي عن ايمانهم القويم
ولكنهم ظلوا متمسكين بهذا الايمان, لانهم كانوا و لا زالوا على يقين بان الههم حي, اله هو رب الأرباب
وملك الملوك و السلاطين, اله هو وحده الذي أحيا الموتى و فتح عيون العميان وأشفى المرضى
وهو الذي قهر الموت بموته على الصليب وسحق رأس الحية وأنقذ البشرية من براثن ابليس.
اتباع كلهم ثقة بان هذه الحياة الأرضية هي حياة وقتية فانية وزائلة, حياة غربة و قهر و تعب و مشقة
حياة الهها وربها هو آله ملذات وشهوات
آله قتل و سفك دماء
آله دعارة و فجور
آله حروب ودمار.
وأصبح الموت بالنسبة لهؤلاء المؤمنين جسراً ومعبراً للأنتقال الى حياة ابدية
حياة كلها طهارة و قداسة وأمن و سلام روحي, ينعمون من خلالها بمحبة الرب الأله
ويعيشون كملائكة في حضرة الخالق.
مع كل ما حملته هذه الرسالة الألهية من محبة, تسامح, ايمان, نقاء و طهارة, لقد تم محاريتها
ولا زالت تحَارب, أُضطُهد اتباعها و لا زالوا يضطهدون, وقد بدأت هذه الأضطهادات في اليهودية
على يد شاول الطرسوسي نسبة الى طرطوس, فنكل و شوه المومنين بهذه العقيدة وقتل الألاف منهم
ولكن تاب وآمن بعد ان لمس الرب قلبه, عندما ظهر له و هو في طريقه الى دمشق لملاحقة المسيحيين
هناك, فتحول ذلك السفاح القاتل الى رسول محبة وأصبح اسمه بولس الرسول
الذي أصبح أحد أعمدة المسيحية وتحمل بسبب ايمانه ابشع انواع العذاب و الذل
ولكنه استمر في بشارته مفضلاً الموت من اجل المسيح.
استمر الأضطهاد الدموي الوحشي و ملاحقة المؤمنين آبان الأمبراطورية الرومانية, وقد ذاق المسيحيون
ما لم يذقه شعب او امة على وجه المعمورة في تلك الحقبة السوداء من التاريخ على يد عشرة من
الأباطرة الرومان. وكان اشرسها و اعنفها الأضطهادات التي مارسها الطاغية نيرون
وذلك عام 64م, هذا الطاغية هو نفسه الأمبراطور الذي تظلم لديه الرسول بولس أمام المحاكم اليهودية
باعتباره مواطناً رومانياً, حين قال :”الى قيصر أرفع شكواي”. نيرون هذا صلب المئات على جذوع الأشجار
و في الشوارع العامة.
القى الكثيرون الى الوحوش الكاسرة التي كانت تمزق الضحية ارباً اربا في مسرح المدينة المغلقة
وعلى مرأى من الشعب الذي كان يهتف باسم الأمبراطور الطاغية, هذا الأمبراطور الذي كان يعزف على القيثارة
و هو يمارس جرائمه البشعة, كيف لا وهو الذي قتل أقرب المقربين إليه :
اخاه, والدته, زوجته, و استاذه و غيرهم من الشخصيات البارزة في الحكم و الدولة
و كانت اخر اعماله الأجرامية حرقه روما. لكن ماذا كانت النتيجة والنهاية المريرة لهذا الطاغوت؟
لقد مات نيرون منتحراً و هو شاب في الثانية و الثلاثين من العمر.
وماذا كان مصير روما و الشعب الروماني؟ تركوا الأصنام و الألهة و تبعوا المسيح.
استمر اضطهاد المسيحيين في روسيا الشوعية, لوحقوا بضراوة و بشاعة تفوق التصور
فتيات عذارى أُغتصبن و شٌوهت اجسادهن, رجال و قساوسة قٌطعت رؤوسهم بالمقاصل
مات الألاف في الأقبية و في انفاق مظلمة تحت الأرض بعد ان ذاقوا شتى انواع التعذيب. كثيرون ماتوا
حرقاً بعد ان تم القائهم في برك من الزيت و القير المغلي. ولكن ماذا كانت النتيجة؟
نهايات وخيمة للطغاة و سفاكي الدماء, و قبول روسية للمسيح.
استمرت سلسلة الأضطهادات للمسيحيين في بلاد النهرين و بلاد فارس عى يد الفرس الذين كانوا يدينون بالمجوسية. فقتلوا و مثلوا و نكلوا.
أما في العهد الأسلامي, فقد تعرض اتباع الدين المسيحي الى مضايقات كثيرة, و لم يكن لديهم الا أحد خيارين إما اعتناق الأسلام أو دفع الجزية عن يدٍ و هم صاغرون.
ذاق المسيحيون الويلات و تعرضوا الى ابادة جماعية ابان الحرب العالمية الأولى على يد عصابات السلطنة العثمانية, فقتلوا مئات الالأف لا بل الملايين, هُتكت اعراض و بُقرت بطون حوامل
و ابادوا الأطفال الذكور جماعات و اغتصبوا الفتيات القاصرات وأجبرن على اعتناق الأسلام.
ولكن انظروا ماذا كانت نتيجة هذه الأعمال الوحشية اللأنسانية بحق شعب مسالم واناس ابرياء ؟
بقي المؤمنون مرفوعي الهامات, معتزين بايمانهم, لا يهابون الموت لانهم واثقين
بانهم سوف ينالون شرف اكليل الشهادة و يسكنون في ملكوت السموات مع الأبرار و الصالحين.
و لكن بعد ان مضى قرن على ارتكاب هذه المجازر الفظيعة على يد الدولة العثمانية و اعوانها, تتالت اعترافات دول
العالم و برلماناتها بهذه المجازر بعد ان ادانوها واعتبروها مذابح و ابادة و تصفية جماعية للمسيحيين.
و جاء الوقت لتعترف تركيا بهذه المجازر و على مرأى و مسمع العالم. و الا العزلة الدولية في انتظارها.
تستمر اليوم الأضطهادات الوحشية للمسيحيين في العالم أجمع
ففي نيجيريا هاجم جماعة من الأسلاميين المتطرفين كنائس مسيحية عدة و احرقوا عدد منها
وتعدوا على مؤمنيها, في اندونيسيا اضطهادات للمسيحيين وهدم كنائس و دور عبادة
في باكستان قتل و حرق و هدم, فمنذ اسابيع قتلت يد الغدر فتى في مقتبل العمر, لا لشيء الا حباً في القتل
وسفك الدماء, في ايران اعتقلت السلطات الايرانية قس بروتستانتي مع جماعة من المؤمنين بحجة التبشير
بالمسيحية
في مصر حوادث يومية لا انسانية تُطال خراف المسيح من قتل و اضطهاد وخطف مسيحيات قاصرات
يجبرن على اعتناق الأسلام بعد اغتصابهن وهتك اعراضهن
في السودان يُعامل المسيحي معاملة قاسية جداً و يعتبرونه نجساً
في الجزائر قوانين صارمة بالحبس و بغرامة قدرها 5000 خمسة الاف دولارعلى كل شخص يُثبت من خلال التحقيقات انه يُبشر بالمسيحية
في المغرب طردت السلطات المغربية بعثة اجنبية بحجة التبشير
اما في عراق الديمقراطية, فحدث و لا حرج, حوادث يندى لها الجبين من قتل رجال الدين بعد خطفهم
واضطهادهم, رسائل تهديد تلقى في منازل الكثيرين من المسيحيين في العراق وخاصة في الموصل
تطالبهم باعتناق الاسلام او دفع مبالغ كبيرة كجزية أو ترك منازلهم و الهجرة القسرية من العراق
والا سوف يكون مصيرهم الموت, جرائم اغتصاب و دمار لدور العبادة, تفجير باص لطلاب جامعيين ابرياء
وهم في طريقهم الى الجامعة, قتل اباء في مقتبل العمر امام ابواب محلاتهم ليتركوا اولادهم ايتاماً
وزوجاتهم ثكلى.
أخوتي, ازدادت الهجمات الشرسة ضد المسيحيين حتى في بلاد الغرب, ففي المانيا, وزيرة المانية من اصل تركي تطالب بازالة الصلبان من داخل المشافي و الدوائر الرسمية.
في كندا الغاء مادة الديانة المسيحية من المدارس الرسمية في عدة مقاطعات كندية
واستبدلوها بمادة دراسة تاريخ عدة ديانات منها البوذية والأسلامية و غيرها, ضمناً المسيحية.
فقط دراسة تاريخ هذه الأديان!! وهناك مطالبات مستمرة بالغاء عطلة الأعياد المسيحية في كندا بحجة
مراعاة شعور المهاجرين غير المسيحيين.
و كان آخرها إزالة الصليب الموجود على جبل مورويال المطل على مونتريال بعد أكثر من 320 سنة ثلاثمائة
و عشرون سنة واستبداله بحرف التاء!! في فرنسا, قوانين و مراسيم بالغاء حمل كل الرموز الدينية, ضمناً المسيحية.
اعزائي, لقد أقتربت نهاية ابليس و جنده و شارفت على الانتهاء, فأصبح كالمارد الأعمى يضرب
في كل الأتجاهات و لجأ الى استعمال كافة اسلحته, و تسخير كل جنده و اعوانه، اولاد الظلمة
والذين ليسوا بالحقيقة الا وحوشا جبانة تحمل أشكالاً آدمية، ليسوا إلاعبدة أوثان يتبعون إلهاً دموياً, سفاحاً
متعطشاً لدماء بريئة, إله يطالب بالمزيد من الدمار و القتل و سفك الدماء و ذلك بهدف نشر الذعر و الخوف بين اولاد و بنات المسيح.
ولكن لا يعلم هؤلاء القتلة بان جرائمهم اللأخلاقية, و اللأنسانية من قتل و اضطهاد
وهتك اعراض و سلب ممتلكات لا تثني عزم هؤلاء الذين آمنوا بالرب الاله رب المجد عن ايمانهم
لانهم واثقون بانهم سوف ينتصرون بربهم الذي احبهم.
“” 36.كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار.قد حسبنا مثل غنم للذبح. 37
ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا 38. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء
ولا قوات ولا امور حاضرة ولا مستقبلة 39 ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا
عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا. رو: (36-39).””