بقلم : أنطوني ولسن / أستراليا
من بيده إعادة وجه مصر الحضاري ؟!. سؤال لم يفارقني منذ زمن بعيد ، وكلما أنوي الكتابة عنه أجد نفسي منشغلاً بأشياء جديدة مستجدة منذ الأحتلال الأخواني لمصر ، والمستمر حتى هذا اليوم ، وأعتقد أنه سيستمر لأجل غير مسمى .
ومع ذلك سأحاول شحذ ذاكرتي التي شاخت لأستذكر وجه مصر الحضاري الذي عشته وعاشه من هم في سني ، أو دعوني أن أقول من هم في الخمسين من العمر . لأنهم على الأقل لم تكن مصر قد وصلت إلى ما هي عليه الأن .
عندما تأخذنا الذاكرة إلى تلك الأيام الجميلة ونحاول أن نتذكر ما يمكن تذكره ، نجد أنفسنا وكأننا ولدنا من جديد . ولادة الذاكرة التي ظنناها شاخت وذهبت مع الريح .
كانت أمي ” رحمها الله ” تستيقظ مبكرا لتقوم ” بعجن الدقيق في الماجور ” ونسمع صوت يدها وهي تضرب ” العجين ” الى أن تتأكد أن ” العجين ” جاهز وتتركه ليختمر .
بعد فترة تبدأ برش ” الطاولات ” التي أكون قد ذهبت الى ” الفران ” في اليوم السابق ليحضر لنا ” الطاولات اللازمة بالدقيق لتبدأ في أخذ قطع من العجين وتضعها فوق الطاولة وبيدها تأخذ تطبطب على العجين حتي تستدير قطعة العجين ” فتقوم بأخذ قطعة أخرى وهكذا حتى تنتهي من كل ” العجين الذي في الماجور ” .
أذهب أنا الى ” الفرن لأحضر الفران ” ليأخذ الطاولات . أعود معه الى ” الفرن “و أنتظر حتى يتم وضع الخبز فوق ” طاولة ” ويحمله ” الفران ” ونعود الى المنزل وتعطيه أمي النقود والتي على ما أتذكر عن ” 5 تعريفة أو 3 قروش ” .
وفي رمضان كانت تعد لنا “عجينة الكنافة ” التي نأخذها في ” حلل ” كبيرة ونذهب بها الى حيث يقف رجل وأمامه هذا ” الفرن المستدير وفوقه صاج مستدير أيضا وبيده كوز مخرم ليرش العجين فوقه ” ويكون أخي مكرم ” رحمه الله ” قد أحضر ” طاولة صاج ” ونأخذ ” الكنافة ” ونعود فرحين مبسوطين وناكل الكنافة طوال الشهر وأيام العيد .
ناهيك عن أيام أعيادنا المسيحية ، وناهيك عن الملابس الجديدة التي تحيكها لنا أمنا من ” القماش ” من محل أبي ، وأتذكر ” الكعك والبسكوت ” الذي تعده لنا أمنا وكالعادة نأخذ ” الصاجات ” الى ” الفرن ” ونعود بعد ذلك ” بالكعك والبسكوت ” وبالهناء والشفاء ، ولا تنسى أمنا جيراننا من المسلمين فترسلنا كل واحد منا نحن الصبيان ” بطبق ” فيه بسكوت وكعك وأحيانا غُريبة ” . وكان الجيران المسلمين يفعلون بالمثل في أعيادهم .
المرأة المصرية في ذلك الزمان كانت تعرف قيمة نفسها . وكذلك قيمة إحترام الذات . لم تكن المرأة المصرية سواء شابة غير متزوجة أو متزوجة ولديها أولاد وبنات كانت تهتم بملبسها وشعرها ومنظرها الخارجي دون تبرج أو خروج عن الأداب العامة للمجتمع المصري .
أضحكني الرئيس عبد الناصر في خطابه الذي تحدث فيه عن الأخوان المسلمين الذين طلبوا منه أن يأمر المرأة بتغطية رأسها ” بطرحة ” . فكان رده ساخرا بقوله على ما أتذكر ” المرأة حرة هي وزوجها أو والدها في وضع ” الطرحة ” على رأسها أو لا . انتم عيزني البس الستات الطرح .. وضحك .
لم نرى أم كلثوم تتحجب أو تضع الطرحة وهي إلى جانب أنها سيدة الغناء العربي إمرأة مجتمع من الدرجة الأولى ، ومتحدثة ولبقة في حديثها وعندها حس إلهي عن الكلمة وذوق في اختيار كلمات الأغنية التي ستغنيها .
الشيخ محمد عبده زوجته لم تكن متحجبة ولا منتقبة . وهو شيخ احترمه الناس داخل مصر وخارجها .
كان الوجه الحضاري لمصر بدون شك صورته تنعكس من صورة المرأة وأيضا الشاب الذي يعرف جيدا قيمة أخته وأمه وجارته وشقيقة صديقه فيحترمهن .
يحترم الرجل المرأة ، وتحترم المرأة زوجها ولم نكن نسمع في ذلك الزمن الجميلأصوات الخلاف وصراخ الزوجة من ضرب زوجها . وهذا لا يعني أن المجتمع المصري كان مجتمع مثالي متكامل ، لأن الكمال لله وحده .
نافسة المراة المصرية ملكات الجمال في العالم ولم يقف في طرقها أحد .
التحقت بالجامعات وتخرجت طبيبة ومهندسة ومدرسة وشاعرة ومؤلفه وعامله في مصنع أو محل تجاري ولم تتحجب أو تتنقب .
المرأة الفلاحة في الريف لها زيها الخاص بها لأنها شريك مع زوجها في الزراعة والعمل في المزارع فكان رداؤها متميز ولم يكن هناك فرض عليها أن تردي هكذا .
المدارس الأبتدائية والثانوية والجامعية لم نرى في ذلك الزمن الجميل الذي وللاّ ، ونخشي أن لا يعود فتاة صغيرة محجبة أو شابة محجبة ، وبدون شك كن محترمات .
فماذا حدث لمصر !.
الذي حدث في مصر نوع من الغزو المحلي لجماعة كانت تحلم بحكم مصر فأعطاها السادات ومبارك حققا لتلك الجماعة حلمها . فماذا فعلت بمصر ومن أطلقوا صراحها ؟
أطلق السادات تلك الجماعة من المعتقلات مرددا أنه رئيس مسلم لدولة مسلمة . اكتشف السادات حقيقتهم . لكن اكتشافه جاء متأخرا فغتالوه .
أما مبارك فقد ذبحو له ” القطة ” بإغتيال السادات . فترك لهم الحبل على الغارب يعيثون في الأرض فسادا وإفسادا ، وظن نفسه أنه في مأمن منهم .
كانت أول تجربة حقيقية بين مبارك والأخوان إنتخابات 2005 فقد فاجاؤه بعدد 88 عضوا في البرلمان . فحاول في انتخابات 2010 أن يقلم أظفارهم وتصدى لهم . فاتهموه بالتزوير وكان أيمن نور واحد منهم ونجح بنسبة كبيرة . فكان نصيبه السجن . حرقوا كنيسة القديسَين بالأسكندرية في أواخر نفس العام ، مما دفع بشباب المسيحيون بالخروج مطالبين الحكومة والرئيس مبارك بالقصاص . وكانواالشرارة الأولى لأندلاع ثورة 25 يناير 2011 والتي تم اختطافها من قبل الجماعات الأسلامية ” الأخوان والسلفيون وغيرهم ” .
تنحى مبارك وتحقق حلمهم وكان أول برلمان لهم الذي لم يستمر طويلا فتوقف العمل البرلمان وبأت الأنتخابات للرئاسة ولا يوجد إنسان على أرض مصر أو خارجها لا يقدر حجم المصيبة التي حلت على مصر والشعب المصري .
لكن شاء ربك أن ينجي مصر من شرورهم وما كان منتظرا منهم . ونحمد الله على تولي المشير عبد الفتاح السيسي سدة الحكم ونطلب من الله إعانته في تحمل المسئولية لأنقاذ مصر مما هي فيه
بقي تساؤلا واحدا وضعته كعنوان لهذا المقال وهو :
من بيده إعادة وجه مصر الحضاري ؟!.
ما أؤمن به هو أن :
المرأة المصرية هي التي بيدها إعادة وجه مصر الحضاري . لأنها هي التي أُخذت منها حريتها وأعادوا معاملتها كجارية في سوق الجواري على الرغم من أن الله خلقها حرة .
لقد إنفضح أمر كل الدعاة وحان الوقت الى العودة الى ما قبل السادات ومبارك واللي ما يتسمى مرسي العياط .
لو أن عشرة نساء محجبات ومنتقبات خرجن في كل محافظة وفي ميدان عام بعد إعلام ” الميديا ” إذاعة ، تلفزيون والصحف المصرية وغير المصرية ، ويبدأن في خلع النقاب والحجاب إعلانا بتحرير مصر من الأخوان والسلفيين وعودتها الى ما كانت عليه قبل السادات ومبارك والعياط .
هذا ما أؤمن به .. المرأة .. المرأة .. المرأة هي التي بيدها لا غيرها إعادة الوجه الحضاري لمصر .
الوسومأنطوانى ولسن
شاهد أيضاً
مُبادرة مُطران لوس أنجلوس الذهبيِّة
ماجد سوسلا يوجد ما هو أهم من أولادنا وخلاص نفوسهم وأرواحهم التي استأمنا الله عليها، …