الأهرام الجديد الكندى
يدور الحديث حتى الآن حول بضع آلاف المُحاربين، الذين قد تضاعف عددهم ثلاث مرات خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، وفقا لما أشارت له منظمات استخباراتيّة عالميّة، والذين يُسيطرون على أراضي واسعة في العراق وسوريا، ويُشكّلون خطرًا على حدود الدول العربية الأخرى مثل لبنان، مصر وليبيا.
يُفلِحُ هذا التنظيم الذي يقوم بشراء رفاقٍ له، مُجنّدين وحلفاءَ من دول عديدة في العالم، بما في ذلك من دول أوروبيّة (بريطانيا)، بفرض نفسِه كقوّة قادرة على الإخلال بالنظام العالميّ الحاليّ عن طريق نشر تعاليمه ومفاهيمه المتطرّفة، ونشر أشرطة تُبدي الترهيبَ، الدعاية، قتلَ الأقلّيّات، قطعَ الرؤوس والتمسّك بقوانين الشريعة.
نجح هذا التنظيم السنّيّ في القيام بشيء بارزٍ واحد، وهو استعمال الوسائل الغربيّة كشبكات التواصل الاجتماعي وموقع يوتيوب لزرع الذعر والعصيان داخلَ مواطني العالم ، ولنزع النوم من عيون الكثير من القادة الذين أعلنوا في الأسابيعَ الأخيرة فقط الحربَ الشاملة ضد التنظيم.
من أجل ترتيب المعلومات، قمنا بعرض عدة معطيات مثيرة للاهتمام أمامكم حولَ التنظيم الذي تصدّر العناوين خلال منتصف العام الأخير:
يُلقّب قائد التنظيم بأبي بكر البغدادي. الاسم الحقيقيّ لهذا الشخص، الذي يرتدي عادة عباءة سوداء ويُربّي لحية كثيفة، هو إبراهيم عوض إبراهيم علي البدري، والذي وُلد عام 1971 في مدينة سامراء، الواقعة في منطقة المثلث السنّي في العراق، ما يُقارب 130 كيلومترا شمالَ غرب بغداد. وُلِد البغدادي لعائلة تقليديّة سُنّيّة مُتديّنة وتربّى في أحضان نهجٍ راديكالي للإسلام. أنهى دراسته للشريعة وحتى أنّه حصل على شهادة الدكتوراه في مجال العلوم الإسلاميّة من الجامعة الإسلاميّة في بغداد.
تصدّر اسم البغدادي رادارات وكالات الاستخبارات الأمريكيّة منذ عام 2003 مع بداية الاجتياح الأمريكي للعراق بهدف الإطاحة بصدّام حسين. تمّ اعتقاله بين عامَيْ 2004 وَ 2005 بسبب أنشطته العسكريّة ضد القوى الأمريكيّة، وأُطلِقَ سراحُهُ عام 2009. ومُنذ عام 2010 أعلنَ وضعَ اللبنة الأولى لما سيُسمّى لاحقا بتنظيم الدولة الإسلاميّة. وعلى رأسه عُرِضَت منذ ذاك الوقت جائزة بمبلغ 10 مليون دولار.
صبّ تنظيمُ الدولة الإسلاميّة الذي جنّد إلى صفوفه، في البداية، مُحاربينَ سُنّيّين سئموا من السيطرة الشيعيّة ومُضايقات النظام المركزيّ في بغداد ومن التدخّل العسكري الأمريكيّ في العراق، جامَ غضبه ضد السكان الشيعة في العراق وكان المسئولَ عن بعض الهجمات الكبيرة ضد الحشود السكانيّة والمساجد الشيعيّة في الدولة.
قام المُحاربون الأوائل فيما بعد بتوفير الدعم والتأييد العسكري والاقتصادي لمنظّمات المعارَضة السوريّة في كفاحها ضد بشّار الأسد وتنظيم حزب الله الشيعيّ في سوريا. وانضم المزيد من مئات المُقاتلين إلى التنظيم إذ أُشبِعوا من التدريبات في صفوف البغداديّ. والخطوة الإضافيّة التي أظهرها البغدادي هي الانفصال عن التنظيم الأصلي، القاعدة، إلى جانب إنشاء وترسيخ عقيدة ونهج مُختلفين عن القاعدة.
من أجل إقامة الخلافة الإسلاميّة، تعاونَ البغدادي مع نائبَيْن: أبي مسلم التركماني، المسؤول عن إدارة أعمال الإرهاب والسيطرة على أراضي تحت حكم التنظيم في العراق. وأبي علي العنبري، المسؤول عن أعمال المنظمة وأنشطتها في سوريا. وفقا لمصادر غربيّة فإنّ كلا النائبَيْن هما أفراد جيش سابقا، واللذين عمِلا في الجيش العراقي السابق.
وظيفة هذين النائبَيْن هي: مُلائمة أعمال عسكريّة مع قادة القوى المُسلّحة، العمل في الأمن والشرطة، تنسيق مقابلات مدنيّة مع زعماء المناطق والمدن الواقعة تحت سيطرة الدولة الإسلاميّة، إدارة الحياة اليوميّة والبيروقراطيّة المدنيّة. كلا النائبين يقبعان في المرتبة الثانية بسُلّم الرُتب، بعد البغدادي، ومن الممكن أن يستبدلاه في حال توفّي أو قُتِل.
إلى جانب هؤلاء النائبَيْن هُناك هيئات إداريّة ثانويّة تقوم بإدارة الدولة الإسلاميّة. أحد هذه الهيئات الإداريّة الاستشاريّة المهمّة هو مجلس الوزراء الإداري المكوّن من أعضاء عسكريّين وأشخاص مُقرّبين للبغداديّ (بينهم اثنان من النوّاب). هناك هيئة أخرى مُلقّبة بمجلس الشورى للتنظيم: علماء ورجال الدين، الذين يتمّ استشارتهم في قضايا الدين والشريعة، ويقومون في الأساس بتدبّر مسائل حكم الشريعة وملائمة القوانين بما يتّفق مع تشكيل الخلافة الإسلاميّة.
يُسيطر التنظيم على أراضي تمتد لـ 13000 كم مترٍ مربّع – أراضي تمتدّ من العراق إلى سوريا. هناك تقييمات أخرى تُشير إلى مساحات تصل إلى 56 ألف كم. يتواجد عشرة مليون مواطن في أراضي تابعة لحكم التنظيم – حوالي ثلث أراضي العراق، وثلث أراضي سوريا. وفيما عدا سوريا والعراق، تتواجد القوى الإسلاميّة هذه في تركيا ولبنان. حسب التخمينات، فإنّ للتنظيم ممتلكات وعقارات تبلغ قيمتها نحو مليارَي دولار.
في كلّ يوم تكسِب “الدولة الإسلاميّة” حوالي 300 مليون دولار من بيع النفط والغاز الذي سيطروا عليه بالإكراه. وكذلك، إنّ مُعظم وسائل المواصلات المُستخدَمة هي من صُنع أمريكيّ أُخذت من جيش العراق. مؤخّرا، بدأ اللبنانيّون بالشعور بالقلق نحو الغزو الإسلاميّ، وذلك بعد قتال عنيف بين تابعي “الدولة الإسلاميّة” والقوى العسكريّة في منطقة المدينة الشرقيّة عرسال. حذّر قائد الجيش اللبنانيّ، الجنرال جان قهوجي، من محاولة التنظيم “قلْبَ لبنان إلى عراق آخر”.
لم يتبقَّ في مدينة الموصل، الواقعة في العراق، أيّ مسيحيّ بعد وصول التنظيم إلى هناك وارتكاب مجازر . يتواجد نصف مليون شخص من دون كهرباء وماء بسبب استحواذ المنظمة على السدود والسيطرة عليها. وإذا قام التنظيم بتنفيذ تهديده بتفجير السدود، فسيصل ارتفاع الماء إلى 65 قدمًا – ما سيُسبّب غرق مدينة الموصل كلّها تحت الماء.
أكثر من خمسمائة من اليزيديّين تمّ ذبحهم على يد الدولة الإسلاميّة، بما في ذلك، رجال، نساء وأطفال. وتمّ قتل 1922 شخصًا في العراق في حزيران السابق، ما أدّى إلى تسميته (شهرَ حزيران) الشهرَ الأكثر دمويّة في العراق منذ عام 2007. يوجد للتنظيم ما بين 30 إلى 50 ألفَ مُقاتلٍ.