الأهرام الجديد الكندى
منذ اللحظة الأولى تبنى النظام التركى بقيادة رجب طيب أردوغان نهجاً استفزازياً معادياً صريحاً تجاه الرئيس عبدالفتاح السيسى، وهو موقف لم يكن مستغرباً باعتباره امتداداً طبيعياً للموقف التركى من ثورة 30 يونيو، الذى جاء معادياً لها وداعماً بقوة لجماعة الإخوان. مصر بدورها كانت منذ البداية رافضة للتدخل والتطاول التركى حتى وصل الأمر إلى القرار المصرى الشهير بطرد السفير التركى من القاهرة، وتخفيض حجم التمثيل الدبلوماسى بين البلدين إلى قائم بالأعمال. لكن كان ذلك مجرد مقدمة لنهج مغاير، قدمه الرئيس السيسى فى التعامل مع الاستفزازات التركية من 3 جوانب؛ الأول كان بالتجاهل التام لتصريحات «أردوغان» أو الردود المقتضبة التى تعكس عدم إعارة الإدارة المصرية الجديدة أى اهتمام بما يقوله. والثانى قائم على تحييد الدور التركى ومحوره مع قطر وجماعة الإخوان، الذى بدأ ظهوره يتقلص مع صعود محور جديد قوى قوامه مصر إلى جانب المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. أما الثالث فظهر فى كسب ود المعارضة التركية التى رفضت موقف «أردوغان» من 30 يونيو ومن الرئيس السيسى. ويقول الدكتور طارق فهمى، الخبير فى شئون الشرق الأوسط، لـ«الوطن»، إن «مصر وضعت تركيا وقطر فى زاوية كان من الصعب عليهما التحرك فيها، إذ إن كل الأطراف الدولية كانت ترى أن المبادرة التى قدمتها مصر لإنهاء العدوان هى المخرج الأمثل والمناسب للوصول إلى تهدئة وإنهاء العدوان».
القضية الثانية تمثلت فى الدعم القطرى التركى للميليشيات الإسلامية المسلحة فى ليبيا والمرتبطة كذلك بجماعة الإخوان، التى رفضت الاعتراف بشرعية مجلس النواب الليبى المنتخب والمنعقد حالياً فى «طبرق»، بعد أن فقدوا أغلبيتهم فيه، وفى هذه النقطة يقول المستشار رمزى الرميح، المسئول السابق بالقوات البرية للجيش الليبى، إن «الرئيس السيسى بذل جهداً كبيراً الفترة الماضية ووقف إلى جانب الشعب الليبى وقفة لن ينساها التاريخ، بدعمه المؤسسات الشرعية التى أتت بالانتخاب، وحشده دول الجوار لمساندة ليبيا والقضاء على خطر الإرهاب والميليشيات»، وأضاف «الرميح»، لـ«الوطن»: «الرئيس السيسى حيد محور قطر – تركيا – الإخوان فى ليبيا، بدعمه القوى للجيش الليبى، وعرضه فتح مراكز تدريب للجيش فى مصر، إضافة إلى تأكيده فى أكثر من مناسبة إلى جانب الإمارات على رفض التدخلات الخارجية فى الشأن الليبى»، وقال إن «جهود الرئيس السيسى واستضافته وزير الخارجية محمد عبدالعزيز، ورئيس مجلس النواب الليبى عقيلة صالح، ورئيس الأركان عبدالرازق الناظورى، ووصول وفود مصرية إلى ليبيا وقفت إلى جانبنا – حاصرت محور قطر تركيا تماماً».
ويقول الخبير فى الشئون التركية محمد عبدالقادر خليل إن «تركيا عملت خلال الفترة الماضية على استغلال الفراغ الموجود فى المنطقة، الذى نتج عن تراجع السياسات الخارجية للرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، خاصة فى السنوات الأخيرة وملأته، وفى حكم المعزول محمد مرسى ازداد دورها لأن حكومة الإخوان كانت مجرد أداة تابعة لقطر وتركيا. أما الآن فالوضع مختلف، الرئيس السيسى من الواضح أن لديه قراراته المستقلة فى السياسة الخارجية، فى مواجهة الأعداء والخصوم، وانعكست على المبادرات التى تقدمها مصر فى سوريا والعراق وفلسطين وليبيا».