الإثنين , ديسمبر 23 2024

وجهة نظر: لمَ لا يصمد تنظيم الدولة الإسلامية مستقبلا؟

فقد تنظيم الدولة الإسلامية جيوبا، لكنه ما زال يسيطر على مساحات من الأراضي في العراق

بعد صدمة استيلاء تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات من الأراضي في العراق وعرض لقطات مصورة تظهر عملية ذبح رهائن فضلا عن الجدل العام الدائر بشأن احتمال شن هجمات إرهابية في الداخل والتحركات العسكرية في الخارج، فليس من دواعي الاستغراب أن تشعر الناس بالقلق.

أسهمت هذه العوامل، بوجه عام، في جعل تهديد تنظيم الدولة الإسلامية، الذي كان يعرف في السابق باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، أكبر من حقيقته بالفعل فضلا عن تعظيم حالة التشاؤم بين الناس.

بالطبع لابد من التعامل مع تنظيم الدول الإسلامية بجدية ووقف زحفه، لكن الصورة أكثر إيجابية عكس ما يعتقد الكثيرون.

لا يعد التنظيم أضعف عسكريا مما كان يبدو عليه فحسب، بل تلقت أيديولوجيته طعنة مميتة.

فإلى الآن لا تنصب استراتيجية التنظيم على شن هجمات مباشرة تستهدف الغرب، على نقيض تنظيم القاعدة، الذي شن هجوما في عقر دار الولايات المتحدة قبل 13 عاما.

واستطاعت الاستراتيجية الأمريكية المضادة للأرهاب الرد على تهديد القاعدة، التي شملت الضربات الجوية بطائرات بدون طيار والعمليات الخاصة، أن تجتث جذور معظم قيادات التنظيم ونشطائه الأساسيين.

وعلى مدار السنوات السبع الماضية تقريبا، تراجع نشاط تنظيم القاعدة من كونه منظمة قادرة على تنفيذ هجمات عالمية، إلى مجرد كيان يروج حملات دعائية قديمة على الإنترنت.

لذا من المهم الاستفادة من حقيقة أن هناك حركة كانت تهدد مباشرة الغرب فقدت قدرتها على إحداث ضرر بطريقة ممنهجة.

شهوة السلطة كسرت في واقع الأمر الرابط القوي بالفعل بين أيديولوجيتهم والدين.

صراع على السلطة

تعهد تنظيم الدولة الإسلامية بالولاء لقيادة تنظيم القاعدة وأيديولجيته منذ بدايته.

وأدت حرب العصابات التي استهدفت الجماعات المعارضة الأخرى في سوريا، من بينها جماعة جبهة النصرة المنتمية لتنظيم القاعدة، إلى زيادة قوة التنظيم فضلا عن فضح طبيعته القاسية وعجزه عن التوصل إلى تسوية حتى مع أولئك الذين يشاركوه رؤيته.

ففي العراق، حقق التنظيم ما عجز عن تحقيقه تنظيم القاعدة، ألا وهو الاستيلاء على الأراضي وإعلان دولة خاصة.

لقد أتاح فشل تنظيم القاعدة الفرصة لتنظيم الدولة الإسلامية ليشعر بمبرر لسلب قادته السابقين سلطاتهم.

لقد دفع الشعور بالاطمئنان قائد التنظيم إلى إعلان نفسه “خليفة”، وهو ما يعد بمثابة إهانة للكثير من أعضاء القاعدة وطالبان والجماعات الجهادية الأخرى الذين يشعرون بأن قادتهم هم الأكفاء من الناحية الدينية لحمل هذا اللقب. وبذلك أظهر التنظيم منعطفا هائلا في أيديولوجية القاعدة.

فمثلما ربط تنظيم القاعدة الخلاص بأعمال العنف، إدعى تنظيم الدولة الإسلامية تفوقا روحيا عبر تمكنه من التوسع في الاستيلاء على الأراضي.

إن العداء المتزايد بين الجماعتين ليس على الدين بل على السلطة والسيطرة.

فشهوة السلطة كسرت في واقع الأمر الرابط القوي بالفعل بين أيديولوجيتهم والدين.

وتلاشت التعاليم الإسلامية المتعلقة بمفهوم الإنسان وتدبر جمال الخلق والخالق أمام إراقة الدماء من أجل السلطة.

فاكتساب “سلطة” دينية من خلال السيطرة على الأراضي بأعمال العنف شوه صورة الجانبين كما فضح زيف أسطورتهما الخاصة عن الأخوة والأمة الواحدة.

الضربات الجوية والعمليات البرية جزء من استراتيجية الولايات المتحدة لهزيمة التنظيم

مكاسب مرتدة

لم تكن مكاسب الاستيلاء على الأراضي من جانب تنظيم الدولة الإسلامية نتيجة قوتهم بقدر ما كانت نتيجة فشل الجيش العراقي في الصمود والقتال.

كان التنظيم يتفاخر قبل نحو ثلاثة أشهر بأنه سيسيطر على بغداد في غضون أيام، لكن ذلك لم يتحقق، وبدلا من ذلك تبدلت المكاسب.

وقبل أسابيع، فقد التنظيم السيطرة على سد الموصل، الذي يتمتع بأهمية استراتيجية، أمام مقاتلي البيشمركة الأكراد الذين تدعمهم الولايات المتحدة بقواتها الجوية.

وفي تحرك يائس لردع الولايات المتحدة عن مواصلة تنفيذ ضربات جوية، ذبح التنظيم الصحفي الأمريكي جيمس فولي بعدها بنحو 48 ساعة.

ومثل تنظيم القاعدة، وقعت قيادة تنظيم الدولة الإسلامية على أمر إعدامها بدماء المواطنين الأمريكيين الذين قتلتهم.

عوامل مدنية

حدد الرئيس الأمريكي باراك أوباما في العاشر من سبتمبر/أيلول الجاري استراتيجية “لتحجيم وتدمير” تنظيم الدولة الإسلامية.

فلن يكون القضاء عليها سريعا أو سهلا، لكنه حتمي في حالة حدوثه بدون خلق المزيد من المصائب.

فبمجرد الضغط عليهم بقوات برية وضربات جوية، من المحتمل أن يذوب مقاتلو التنظيم في المدن، الأمر الذي سيجعل تعقبهم فيها ينطوي على مخاطر سقوط ضحايا من المدنيين.

ستؤدي العمليات العسكرية إلى احتواء تهديد التنظيم ، لكنها لن تؤدي إلى القضاء على أيديولوجيته بشكل مباشر

وسيكون من بالغ الأهمية أن تظهر القوات الجوية والبرية عزوفا عن الاستمرار في مثل هذه الظروف. فسقوط ضحايا من المدنيين الأبرياء سيخلق مصائب تسهم في تقوية شوكة هؤلاء المتطرفين.

كما سيؤدي تنفيذ عمليات محددة مسيطر عليها بدقة إلى تطهير المدن والقرى من عناصر التنظيم بشكل مطرد على مدى أشهر بدون مخاطرة لا داعي لها بحياة الأبرياء.

لكن قرار تقوية المعارضة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد بالتزامن مع ذلك بوصفه جزءا من الاستراتيجية الجديدة، قد يؤجل تدمير تنظيم الدولة الإسلامية.

وثمة جماعات معارضة قليلة فقط قد تجتاز التدقيق الأمريكي فيها وقد تركز على تنظيم الدولة الإسلامية، إلا أن جماعات أخرى ستواصل قتال الحكومة وقتال بعضها بعضا للسيطرة على الأراضي. فالفوضى ستخلق المزيد من المساحات غير الخاضعة لإدارة على نحو سيستغله التنظيم.

وإذا تحقق هذا الهدف الاستراتيجي المزدوج، سيكون هناك أمل في تحقيق نجاح.

ومثلما حدث مع القاعدة، ستؤدي العمليات العسكرية إلى احتواء تهديد تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها لن تؤدي إلى القضاء على أيديولوجيته بشكل مباشر.

وبشكل غير مباشر، سيؤدي خسران الأراضي والقضاء على القيادة وقسوة القتال إلى تحطيم الروح المعنوية لأتباع التنظيم.

وسيوجه ذلك ضربة قاسية لفكرة أن خليفتهم يتلقى دعما الهيا، فضلا عن اضعاف الثقة بالفكرة الجهادية الحديثة التي تشير إلى ان النجاح السياسي يمكن أن ينجز عبر أعمال العنف غير المقيدة والمجردة من أي رحمة.

شاهد أيضاً

سقوط القمع والاستبداد العربى

بقلم : أكرم عياد أين جمهورية سوريا الآن بعد حكم الطغيان والاستبداد ، أثنا عشر يوما …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.