الأهرام الجديد الكندى
كان الوقت بعد منتصف الليل بقليل في الرابع من يوليو (تموز) عندما وصل 24 على الأقل من أفراد كوماندوس قوة “دلتا فورس” الأمريكية على متن طائرات “هليكوبتر بلاك هوك” كثيفة التسليح إلى “العكيرشي” وهي بلدة صغيرة قرب مدينة الرقة في شرق سوريا على ضفاف نهر الفرات.
وقبل أن يهبطوا للبحث عن رهائن أمريكيين بينهم الصحافي جيمس فولي “الذي أعلن عن قطع رأسه هذا الشهر”، دمروا هدفاً مهماً يتضمن أسلحة مضادة للطائرات في قاعدة تبعد 5 كم جنوب شرقي الرقة وتمثل موقعاً حصيناً لمقاتلي الدولة الإسلامية الذين يسعون لإقامة دولة إسلامية متشددة.
هذا الوصف وغيره من التفاصيل عن الغارة جاء على لسان شهود عيان تحدثوا إلى عضو جماعة نشطاء سوريا معارضة قال إنه يدعى “أبو إبراهيم الرقاوي”. وقدم الرقاوي المعلومات لرويترز عبر “سكايب” من داخل سوريا
وخلاف ذلك نشرت جماعة الرقاوي روايات شهود عيان عن الغارة على فيسبوك بعد قليل من حدوثها. ومنذ ذلك الوقت أزيلت تلك الروايات التي طالعتها رويترز.
قال الرقاوي: “وقعت الغارة بعد منتصف الليل بقليل”. وأضاف “بدأت طائرات الهليكوبتر أولاً بتدمير الأسلحة المضادة للطائرات”.
ولم يتسن لرويترز التحقق مما قاله الرقاوي بشأن الأسلحة المضادة للطائرات.
أذاع البيت الأبيض بعض التفاصيل عن الغارة يوم الأربعاء بعد يوم من قيام الدولة الإسلامية بنشر فيديو قطع رأس فولي.
وقال البيت ألأبيض إن الكوماندوس أخفقوا في العثور على فولي أو غيره من الرهائن. وأضاف انه وجد نفسه مضطراً للإعلان عن الغارة بعدما علمت بها وسائل الإعلام.
انتهت العملية العسكرية الأمريكية في قلب أراض تسيطر عليها الدولة الإسلامية في يوم الاستقلال الأمريكي بخيبة أمل لأن الجنود لم يعثروا على سجناء.
قال الرقاوي: أنه “بعد أن نزل الكوماندوس أغلقوا الطريق الرئيسي إلى الرقة وتحركوا صوب سجن مؤقت كان يعتقد أن فولي والسجناء الآخرين موجودون به”.
وأضاف أن “الكوماندوس عندما لم يعثروا على فولي هاجموا القاعدة التي أطلق عليها المتشددون اسم بن لادن وهو مؤسس وزعيم تنظيم القاعدة الراحل”. وقال إنهم أشعلوا النار في القاعدة.
وقال الرقاوي: “كما يقول قرويون فانهم أحرقوا المعسكر وقتلوا كل المقاتلين التابعين لتنظيم الدولة الاسلامية”.
وقال مسؤولون أمريكيون إن مقاتلين “كثيرين” من الدولة الإسلامية لاقوا حتفهم وإن جندياً أمريكياً أصيب عندما تعرضت طائرة هليكوبتر لإطلاق النار.
وقال الرقاوي أن جنديين أمريكيين أصيبا.
وقالت الإدارة الأمريكية إن “العملية تمت بموافقة الرئيس باراك أوباما بناء على معلومات المخابرات الأمريكية بينها معلومات من رهائن أطلق سراحهم”. ولا يؤكد الأمريكيون أن العملية تمت في الرابع من يوليو
وهذه العملية هي الاشتباك البري المباشر الأول بين الولايات المتحدة ومتشددي الدولة الإسلامية. وهي العملية البرية الأمريكية الأولى المعروفة في سوريا منذ بداية الحرب الأهلية هناك عام 2011.
ويبرز فشل الغارة في تحرير الرهائن وإعادتهم إلى بلادهم مدى ضعف معلومات المخابرات الأمريكية عن الصراع الفوضوي في سوريا.
قال مسؤول أمريكي رفض نشر اسمه: “كنا نظن أن لدينا معلومات جيدة عن المكان الذي يمكن أن يكونوا موجودين فيه”.
وقال مصدر سوري قريب من الدولة الإسلامية : “إن المتشددين نما إلى علمهم أن غارة ستقع عندما شوهد أمريكيون يسألون في مدينة أنطاكيا التركية التي تبعد نحو 20 كلم عن الحدود عن المكان الذي يمكن أن يوجد به الرهائن في سوريا”.
وقال الشخص الذي تحدث إلى رويترز شريطة ألا ينشر اسمه: “كان الأمريكيون يسألون عن رهائنهم ويبحثون يائسين عن أي معلومات”.
وأضاف “قابلوا أشخاصاً في أنقرة ووجهوا أسئلة. بعد ذلك صارت العملية متوقعة. “الدولة الإسلامية” توقعت العملية واتخذت احتياطاتها. لقد توقعوها وهذا هو السبب في أنهم ربما يكونون قد نقلوا الرهائن إلى مكان آخر”.
وقال مؤسس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن، الذي يتابع أحداث العنف في سوريا عبر شبكة من النشطاء في مختلف أنحاء البلاد، “إن النشطاء العاملين معه في الرقة تلقوا وقت العملية الشهر الماضي تقريراً من مصدر وحيد قريب من الدولة الإسلامية يقول إن قوات أمريكية شنت غارة في المنطقة”.
وقال: “السكان قالوا إنهم سمعوا ضجيج الطائرات ودوي إطلاق النار لكن لم يعرفوا أكثر من ذلك”.
وقال عبد الرحمن “أن المصدر القريب من الدولة الإسلامية قال في ذلك الوقت إن بعض الأمريكيين قتلوا”. وقال المصدر إن بعض مقاتلي الدولة الإسلامية لحق بهم أذى وأضاف “قالوا إن بعض الإخوة أصيبوا”.
وتقدر لجنة حماية الصحافيين وهي منظمة أمريكية مستقلة عدد الصحفيين السوريين والأجانب المخطوفين في سوريا بأربعة وعشرين صحافياً بينهم الصحافي الأمريكي “ستيفن سوتلوف” الذي ظهر في نهاية لقطات فيديو قطع رأس فولي مقترناً بتحذير للولايات المتحدة بأنه سيكون الضحية التالية إذا واصلت غاراتها الجوية على متشددي التنظيم في العراق.
وتشن طائرات حربية وطائرات أمريكية بلا طيار غارات يومية على مواقع الدولة الإسلامية في العراق.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم “لا يستبعدون تصعيد العمل العسكري ضد المتشددين الذين بالغوا من تهديداتهم للولايات المتحدة منذ بدء حملتها الجوية في العراق قبل أسبوعين”.