يحارب أكراد تركيا غزو مسلحي “الدولة الاسلامية”. ويشكل أكراد إيران وسوريا وتركيا معاً أكبر أمة لا دولة لها في العالم.
وفي حين يفكر أكراد شمال العراق باجراء استفتاء على أمل أن يقود الى قيام دولتهم المستقلة، يجري أكراد تركيا المتمردون محادثات سلام.
وعلى رغم عقود من القمع، مكّن الاستقرار النسبي النساء تحديداً، من تحدي القيود على الحقوق الكردية والمجتمع الأبوي في المنطقة.
رزان زوغورلي
تعد رزان زوغورلي (25 عاما) أصغر رئيسة بلدية في تاريخ تركيا. وفي بلد تشكل النساء أقلية ضئيلة في البرلمان، تنتمي رزان الى مجموعة من النساء الكرديات الناشئات في طليعة الحركة السياسية الكردية في تركيا.
تقول: “ولدت في عائلة سياسية. النشأة في وهج النضال السياسي الكردي يجعلك شخصاً مسؤولاً من سن مبكرة”.
سميت باسم كردي في وقت كانت هذه الممارسة محظورة في تركيا. ويعني اسم رزان باللغة الكردية “الشخص الذي يعرف الطريق”.
كما ترتبط الشابة بتاريخ سياسي أوسع من النضال السياسي والمسلح الكردي في تركيا. تمر كل يوم خلال ذهابها إلى عملها في لييس شرقي تركيا، على منزل متواضع مهدم على مسافة قصيرة من الطريق الرئيسي.
في هذا المنزل تجمع 23 شابا وشابة معا في عام 1978 لعقد المؤتمر التأسيسي لما أصبح يعرف باسم حزب العمال الكردستاني. وتعود ملكية المنزل لأسرتها.
ويتناقض نهوض المرأة الكردية بشكل صارخ مع الواقع الاجتماعي الأبوي في تركيا، حيث لا يتابع سوى ربع الفتيات دراستهن بعد المرحلة الابتدائية. كما أن الريادة النسائية أشد وقعاً في منطقة تتجه بشكل متزايد ناحية المحافظة الدينية والاجتماعية.
بعد عامين من اجتماع حزب العمال الكردستاني في بيت أهلها، شهدت تركيا انقلاباً عسكرياً أدى الى اعتقال عشرات الآلاف من الأشخاص، وزاد التضييق على الأكراد.
اعتقل العديد من الذين حضروا الاجتماع وأودعوا سجن ديار بكر سيئ السمعة ووجهت إليهم تهم السعي للانفصال والمعارضة المسلحة للدولة.
غلتان كيزاناك
ومن بين السجناء السياسية الكردية البارزة غلتان كيزاناك.
تقول: “أودعت سجن ديار بكر العسكري بين عامي 1980و1982. أرغمنا على إنكار هويتنا الكردية، وعندما رفضنا، تعرضنا للتعذيب. تعرضت للتعذيب الجسدي بشدة. ولكن كان في السجن ما هو أسوأ أنواع التعذيب، عند الايداع لعدة أشهر في بيت كلب مدير السجن.”
بعد 32 عاما، عادت كيزاناك إلى ديار بكر رئيسة لبلديتها، وتشغل الآن مكتباً واسعاً في قاعة المدينة.
وتعتقد هذه السيدة، العضو السابق في حزب السلام والديمقراطية الموالي للاكراد، اعتقادا راسخا بضرورة قيام دولة كردية مستقلة، كما حال معظم رفاقها. وهي ترى أن الانفصال لم يعد منه جدوى اليوم: “ليس علينا الانتظار، فنحن من اليوم، نبني المجتمع الذي نريد”.
بيريفان إليف كيليك
على بعد 65 كيلومتراً، في محافظة كوكاكوي المحافظة بشكل كبير، عضو آخر في الحزب السلام والديمقراطية تتقاسم رئاسة البلدية، وهي بيريفان إليف كيليك (33 عاما). وتكافح هذه السيدة بدورها لتغيير نظرة المجتمع الى النساء.
تعرض زوجها للتعذيب لسنوات، وباتت اول امرأة تحصل على الطلاق في بلدتها، وأول امرأة تعمل في الشأن العام.
تقول: “قبل طلاقي، كان يصعب رؤية امرأة في مبنى البلدية أو في اي مبنى حكومي آخر.. فما بالك بامرأة شريكة في عمادة البلدية. أظن أن شغلي منصب عمدة يقوي النساء”.
قررت الخوض في معترك السياسة بعد طلاقها بهدف مساعدة سائر النساء. تقول: “لجأت الدولة التركية إلى القمع العنيف للأكراد عبر إنكار وجودهم. وكما فعلوا بزوجي، عاملوني مثل العبيد، ونفوا وجودي وشخصيتي”.
لكنها لا ترى الآن سببا للطلاق الكردي من تركيا. فقد بدأت الحكومة في أنقرة محادثات مع حزب العمال الكردستاني للتوصل الى حل سياسي للمسألة الكردية.
ولكن هذا لا يعني أنه لم يعد هناك عنف في المنطقة. فلا يزال الوجود مكثف للمواقع العسكرية التركية ونقاط التفتيش.
تعد كيزاناك، كيليك وزوغورلي من عشرات النساء اللواتي يدرن بلدات في أنحاء المنطقة الكردية في تركيا ويرأسن البلديات ورؤساء البلديات المشترك.
لكن ليس كل النساء الكرديات يتطلعن إلى البلديات كطريق لتحقيق التغيير السياسي. ولا يزال عدد غير معروف من مقاتلي حزب العمال الكردستاني المسلح، من بينهم العديد من النساء، يجوبون الجبال التي يصعب الوصول إليها في شرق تركيا.
وفي مقابلة نادرة، وافقت مجموعة من المقاتلين في زيهم الكاكي الفضفاضة على إعطاء بي بي سي تقييمهم الخاص لعملية السلام.
عندما سئلت نساء المجموعة عن سبب عدم حذوهن حذو رئيسات البلديات الكردية، قالت مقاتلة واحدة، وعلى كتفها رشاش الكلاشنيكوف، اعتبرت أن وجودهن سيضمن تحسين حقوق الأكراد، وكذلك النساء.
تقول: “نريد السلام، ونريد تحقيق حقوق الكرد، ولكننا لن ننتظر الدولة لإحلال السلام، ونحن على استعداد للقتال إذا فشلت جهود السلام”.