“البيشمركة” التي تقابل بالعربية “الفدائيون” هم مقاتلون أكراد في شمال العراق، خاضوا خلال الأسابيع الأخيرة معارك ضد متشددين إسلاميين ينتمون إلى تنظيم “الدولة الإسلامية”، الذي كان يعرف في السابق باسم تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، بعد أن استولى على مساحات كبيرة من الأراضي في شمال البلاد.
متى بدأت قوات البيشمركة؟
يرى بعض المؤرخين أن جذور البيشمركة تمتد إلى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين حين كان هناك حراس حدود قبليون أصبحوا أكثر تنظيما بعد سقوط الدولة العثمانية إثر الحرب العالمية الأولى.
وتنامت قوات البيشمركة مع اتساع الحركة القومية الكردية وإعلان الثورة في بداية الستينيات، وأصبحت جزءا من الهوية الكردية العامة، للدفاع عن الحقوق القومية والمطالبة بتوسيعها.
ودخلت في البيشمركة في حروب مع القوات الحكومية العراقية في مراحل متعددة، كما انخرطت فصائلها في اقتتال داخلي بين الفصائل الكردية في مراحل أخرى.
وبعد تشكيل حكومة إقليم كردستان في شمال العراق في بداية التسعينيات، بعد الانتفاضة الواسعة التي شهدها العراق في الجنوب والشمال إثر حرب الكويت، أصبحت قوات البيشمركة جزءا من مؤسسات حكومة الإقليم متحولة إلى قوة نظامية.
ويعتقد حاليا أن عدد عناصر البيشمركة يصل إلى نحو 190 ألف مقاتل.
الحرب الإيرانية العراقية وهجوم حلبجة 1988
أصبحت قوات البيشمركة في سبعينيات القرن الماضي وخلال الحرب الإيرانية العراقية في الثمانينيات منه قوة مؤثرة تقاتل قوات الحكومة العراقية منتهجة أسلوب حرب العصابات.
كما انشق الكثير من المقاتلين الأكراد عن الجيش العراقي إبان حكم صدام حسين وانضموا إليها.
حارب بعض المقاتلين الأكراد سابقا إلى جانب قوات صدام حسين في الحرب ضد إيران، غير أن جزءا من البيشمركة تحالف مع القوات الإيرانية بغية الظفر بمناطق في كردستان العراقية.
وبدأ صدام حسين حينئذ حملة من العقاب الجماعي عرفت باسم حملة “الأنفال” ضد سكان بلدات وقرى كردية كثيرة تضمنت تهجيرا واعتقالات وتصفيات.
كما قصفت قوات صدام بلدة حلبجة عام 1988 مستخدمة السلاح الكيمياوي، وراح ضحية الهجوم نحو 5000 شخص، معظمهم نساء وأطفال بفعل قنابل غاز الخردل وغاز الأعصاب.
الصراع مع صدام حسين
خلال تسعينيات القرن الماضي وفي أعقاب حملة الأنفال والهجوم الكيمياوي، وعلى الرغم من الخسائر الفادحة، واصلت قوات البيشمركة معركتها مع القوات العراقية بعد حرب الخليج الأولى وعمليات عاصفة الصحراء.
وبعد الانتفاضة في أعقاب حرب الكويت وفرض منطقة الحظر الجوي تمتعت المنطقة باسقلالية اكثر من نظام الحكم في بغداد.
لكن التوترات الداخلية استمرت وتحولت إلى حرب بين اثنين من الفصائل الكردية المتناحرة، الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني، وحزب الاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة جلال طالباني.
وبعد إبرام مصالحة بين الفصيلين الكرديين المتعارضين بموجب اتفاقية واشنطن عام 1998، وبدأت القوات الخاصة الأمريكية نشاطا استخباراتيا في المنطقة.
وكانت تلك بداية علاقة تعاون مع الولايات المتحدة، فكلا الطرفين يعارض الحكومة العراقية بقيادة صدام حسين، وجرى التنسيق أيضا مع أطراف المعارضة العراقية الأخرى.
وواصلت القوات الأمريكية، بعد دخولها العراق واسقاط نظام صدام، تعاونها مع البيشمركة في مجالات تدريب المقاتلين وإجراء عمليات مشتركة في مختلف أرجاء المنطقة.
وعندما انتخب جلال طالباني رئيسا للعراق، وانتخب مسعود برزاني رئيسا لإقليم كردستان العراق، تنامى الأمل الكردي من أجل تقرير المصير.