الدكتور صلاح عبد السميع يكتب للأهرام الكندى.
في عصر التكنولوجيا الرقمية، أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي منصة للتفاعل والتواصل بين الناس من مختلف أنحاء العالم.
ومع ذلك، هذه المنصات لم تكن فقط مكانًا لتبادل الأفكار والمشاعر الصادقة، بل أصبحت أيضًا ميدانًا خصبًا
لنشر النفاق الاجتماعي بأشكاله المختلفة، ولعنا نرى ذلك بوضوح فى ظل واقع يعبر عن انتشار مظاهر
النفاق العملى فى مجتمعات غلبت عليها لغة المصالح التى تختفى بمجرد إنتهاء المصلحة التى يرجوها
صاحبها، ولعلنا ننظر إلى علماء رحلوا عنا ولم يعد احد يذكرهم بكلمة واحدة من باب الوفاء
وعلماء تركوا مقاعد اتخاذ القرار، لم يعد احد يهتم بالتواصل معهم او السؤال عنهم
نعم انه واقع مؤلم يعبر عن حقيقة النفاق الاجتماعى
يُعرَّف النفاق الاجتماعي عبر وسائل التواصل بأنه سلوك يقوم فيه الأفراد بإظهار مشاعر أو آراء
لا تعكس حقيقتهم لتحقيق مكاسب شخصية أو اجتماعية .
هذا المقال يحاول ان يسلط الضوء على أشكال ومظاهر النفاق الاجتماعي في العصر الرقمي
وكيف يمكن التعامل معه ؟
أولاً : أشكال النفاق الاجتماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي
1. المجاملة الزائدة والمزيفة :
– يلجأ البعض إلى مجاملة الآخرين بشكل مبالغ فيه من خلال الإعجاب بالمنشورات أو ترك تعليقات
إيجابية بهدف الحصول على ردود فعل مشابهة أو لتعزيز صورتهم الشخصية .
2. التظاهر بالنجاح أو السعادة* :
– يستخدم بعض المستخدمين وسائل التواصل لإظهار حياتهم كأنها مليئة بالنجاح والسعادة
بينما قد تكون حياتهم الواقعية مختلفة تمامًا. هذا النوع من النفاق يؤدي إلى خلق “صور مثالية” غير حقيقية .
3. المجاملة الانتقائية :
– حيث يظهر الشخص دعمًا أو تقديرًا لشخص ما علنًا على وسائل التواصل الاجتماعي
لكنه يتصرف بطريقة مختلفة عند الخصوصية أو في الحياة الواقعية .
4. النفاق الإلكتروني في العلاقات المهنية :
– يظهر هذا الشكل عندما يستخدم الأفراد مواقع التواصل مثل “لينكد إن” لإظهار دعم زائف لزملائهم
أو شركائهم المهنيين لتحقيق مكاسب وظيفية أو تحسين فرص العمل.
ثانيًا: مظاهر النفاق الاجتماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي
– نشر المحتوى المزيف*: يتمثل في نشر صور أو مقاطع فيديو أو قصص غير حقيقية لتحسين
الصورة العامة للفرد أمام الآخرين.
– *استخدام المجاملات لتحقيق المصالح*:
بعض الأشخاص يستغلون الإعجابات والتعليقات لتقوية علاقاتهم الاجتماعية أو المهنية
دون وجود نوايا صادقة.
-*إخفاء الحقيقة* :
يتجنب الكثيرون الإفصاح عن مشاكلهم أو تحدياتهم الحقيقية على الإنترنت
مما يؤدي إلى خلق انطباعات خاطئة لدى الآخرين حول حياتهم.
ثالثًا: كيف يمكن التعامل مع النفاق الاجتماعي عبر وسائل التواصل؟
1. تعزيز الوعي والثقافة الرقمية :
– يجب أن يكون هناك وعي عام بأن ما يُنشر على وسائل التواصل الاجتماعي ليس دائمًا انعكاسًا حقيقيًا للحياة الواقعية.
يمكن تحقيق ذلك من خلال الحملات الإعلامية والتعليمية التي تهدف إلى تعزيز الصدق والشفافية.
2. التقليل من الاعتماد على التقييم الاجتماعي :
– يجب على الأفراد تقليل اعتمادهم على عدد الإعجابات أو المتابعين كمعيار للنجاح أو القبول الاجتماعي
والتركيز بدلاً من ذلك على بناء علاقات حقيقية قائمة على الصدق والاحترام.
3. تشجيع الحوار الحقيقي :
– يمكن تشجيع الحوار المباشر والصادق بين الأفراد سواء عبر الرسائل الخاصة أو اللقاءات الشخصية
لتعزيز الثقة وتقليل الحاجة إلى اللجوء إلى النفاق الإلكتروني.
4. التقبل الذاتي :
– يجب على الأفراد أن يتعلموا قبول أنفسهم كما هم، وعدم محاولة إظهار صورة غير حقيقية للآخرين
لتحقيق قبول اجتماعي مؤقت.
5. الحد من الاستخدام المفرط لوسائل التواصل :
– تقليل الوقت الذي يقضيه الفرد على وسائل التواصل الاجتماعي يمكن أن يساعد
في تقليل التعرض للنفاق الاجتماعي، وبالتالي تعزيز العلاقات الحقيقية والجادة.
اخيرا :
ايام ونستقبل شهر الرحمة والمغفرة، شهر الصدق مع الله ومع النفس، شهر فيه ليلة خير
من ألف شهر، شهر القرآن الذى نهى عن النفاق وعن أفعال المنافقين، وفى ظل متغيرات دولية
تهدد الأمن الاجتماعى، والأمن القومى للوطن وللأمة، يجب أن يسعى الجميع عملا
وليس قولا إلى نبذ النفاق الاجتماعي عبر وسائل التواصل الاجتماعي
باعتباره ظاهرة طارئة ومرض عصري يتطلب معالجة جادة. من خلال تعزيز الوعي الرقمي، تشجيع
الحوار الصادق، والتركيز على بناء علاقات حقيقية، يمكننا التغلب على هذه الظاهرة
وخلق بيئة رقمية أكثر صدقًا وإيجابية. فلنعمل معًا على كسر الأقنعة الافتراضية واستعادة القيم الإنسانية الأصيلة.